"المصيبة الكبرى بدأت بعد بضعة ساعات من انطلاقنا، حيث بدأت المياه تتسرب إلى داخل القارب الذي أصبح ينخفض شيئا فشيئا، لكن أكثر ما أثار حزني هو نظرات الأشخاص المساكين الذين قام المهربون بإلقائهم في البحر أحياء لتخفيف وزن القارب بهدف نجاة الباقين"، هذا أول ما تبادر إلى ذهن أبو حامد عندما روى لـ"عربي 21" قصة سفره هو وعائلته عن طريق التهريب من
ليبيا إلى
إيطاليا.
بدأت قصة السوري أبو حامد عندما قرر أن يسلك طريق البحر مع عائلته من ليبيا إلى إيطاليا، مبينا أن "معاملة السوريين في ليبيا سيئة جدا على خلاف ما كانت عليه في العامين الماضيين"، كما أشار إلى أن المهربين الليبيين الذين ينقلون الناس عبر البحر هم من الأسوأ بسبب قيامهم بالسرقة والنصب والاحتيال.
وأشار إلى أن هؤلاء المهربين يستغلون الناس بشكل سيء لدرجة أنهم يضعون في القارب الذي يتسع لـ100شخص أكثر من 400 شخص، وهذا يعني أن القارب سيبدأ بالغرق حتما بعد بضعة ساعات من انطلاقه.
وتابع أبو حامد، أن "علامات الذعر والخوف كانت ظاهرة على وجوه كل من على متن القارب الذين قسمهم المهربون إلى قسمين، حيث تم وضع الإفريقيين في الطابق السفلي عند المحرك والعرب في الطابق الأساسي"، متابعا "أضعت طفلي الصغير وبدأت البحث عنه حتى وجدته تحت قدم أحد الأشخاص، ولو تأخرت عليه قليلا لكان مات حتما بسبب عدم وجود مسافة ولو صغيرة لمحط قدم زائدة عن عدد ركاب القارب".
وقال أبو حامد "المصيبة الكبرى بدأت بعد بضعة ساعات من انطلاقنا، حيث بدأت المياه تتسرب إلى داخل القارب الذي أصبح ينخفض شيئا فشيئا، وما أثار حزني نظرات الأشخاص المساكين الذين قام المهربون بإلقائهم في البحر أحياء لتخفيف وزن القارب في سبيل نجاة الباقين ما أبكى عشرات الركاب، ففي كل زاوية من زوايا القارب مأساة وفي كل عين من عيون الأشخاص حكاية قد تبكي الحجر".
وتابع "لقد رافقنا في رحلتنا مصاب ومعاق ومشلول، اختاروا رؤية الموت علهم يصلوا لبر الأمان ويجدوا من يسأل عنهم ويقوم بعلاجهم".
لكن كل هذا كان أقل قساوة من مأساة الطفلة "ميرا جوابرة "بحسب أبو حامد وهي "طفلة من درعا التي رأت أمها وأباها وإخوتها يغرقون أمامها قبل أن يستطيع خفر السواحل الإيطالي إنقاذها هي فقط دون عائلتها".
ويتابع "قصة ميرا واحدة من إحدى عشرات القصص المؤلمة التي حدثت مع عائلات سورية غرقت قبل وصول خفر السواحل الإيطالي والصليب الأحمر الدولي لإنقاذ ركاب القارب، خلال رحلتهم عن الأمان والاستقرار".