قالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن "تنظيم الدولة" يعاني من مشاكل للحفاظ على مصدر مهم من مصادر الدخل لخزانة "خلافته": ممثلا في عوائد النفط التي تمثل أحد أهم مصادر تمويله خلال المرحلة الأخيرة.
ومنبع المشكلة هي فرار معظم المهندسين الذين يعرفون كيفية إدارة وتأمين استمرار تدفق النفط.
وحسب معلومات "التايمز" يحصل التنظيم من بيع النفط المهرب على 3 ملايين دولار يوميا، ولكن المبلغ تراجع للنصف بعد النكسات العسكرية التي تعرض لها خلال الشهر الماضي.
وسيواجه التنظيم مشاكل أخرى حال قررت الولايات المتحدة البدء بعمليات قصف عسكري مع دول التحالف الذي شكلته، مما قد يضع التنظيم في موقع الدفاع عن النفس.
وينقل التقرير عن مايكل ستيفن من المعهد الملكي للدراسات المتحدة أن عوائد النفط التي تصل لـ"
داعش" "أصبحت أقل من 1.5 مليون دولار أمريكي". وأضاف الخبير العائد من
سوريا والعراق: "أرى أن داعش سيفقد مصدر النفط، ولم يصل بعد لهذه النقطة، خاصة أن إنتاج النفط مستقر في سوريا، ولكنني اعتقد أنهم يعانون من مشكلة".
ويدير "داعش" منشآت النفط السورية منذ عام 2012 بعد هزيمة قوات المعارضة والنظام. وأصبح بيع النفط مصدرا جديدا ومربحا إضافة للخطف والتهريب وأموال الحماية والضريبة. ويعتقد الخبراء أن لدى داعش مليار دولار.
ولأهمية النفط قام التنظيم بتعيين وزير للنفط في حكومة "الخلافة" ومهمة الوزير هي تنسيق عمليات إنتاج وبيع النفط في السوق السوداء. ويملك التنظيم قافلة من الشاحنات عددها 200 شاحنة أخذها من العراق وهناك تقارير تتحدث عن وجود أنابيب نفط تضخ النفط عبر الحدود مع تركيا.
وزادت طموحات التنظيم بشكل كبير بعد سيطرته على حقل نفط "العمر" قرب دير الزور، حيث تعتبر كل حقول النفط حول المدينة بيد داعش. وفي العراق سيطر التنظيم على حقل نفط "عجيل" و"الحرمين" وبدأ بضخ النفط منهما.
ويستفيد التنظيم من شبكة التهريب التي ظهرت أثناء الحصار الدولي الذي فرض على العراق في التسعينيات من القرن الماضي.
وتقوم استراتيجية التنظيم في تشغيل وإدارة منشآت النفط على إقناع العاملين فيها بالبقاء ومواصلة عملهم مقابل زيادة رواتبهم، أو بالإكراه تحت فوهة البندقية، وفي الوقت الحالي يعتمد التنظيم في إدارة حقول النفط على المهندسين الصغار أو من تبقى من المهنيين الصغار.
ويشير التقرير إلى أن ثلاث جهات تبادلت السيطرة على حقل "العمر" منذ بداية الصراع في سوريا؛ فقد سيطر الجيش السوري الحر على الحقل ثم
جبهة النصرة وأخيرا داعش.
ويقول روبن ميلز من مؤسسة "المنار للطاقة" إن "حقول النفط في سوريا قديمة ومن الناحية التقنية صعبة ولا يتم الإنتاج فيها بسهولة"، مضيفا أن "كميات الإنتاج كانت في انخفاض حتى قبل بداية الحرب، وتحتاج لجرعات من الماء لتنظيفها وحفر آبار جديدة، وهو ما لا يستطيع داعش القيام به".
وكان أبو بكر البغدادي الذي نصب نفسه خليفة على المسلمين قد دعا المهنيين من كل أنحاء العالم الإسلامي إلى الهجرة والمشاركة في بناء الدولة، ويعتقد أن بعض المتحمسين لبوا نداءه.
وفي فترة الذروة ينتج "داعش" 80 ألف برميل من الحقول السورية، ولكن الكمية وصلت إلى النصف في الثمانية أسابيع الماضية.
وبحسب حسين المري المتحدث باسم الجيش الحر، يقوم داعش بمحاولات حثيثة للحفاظ على المنشآت النفطية وتجنيد مهندسين وحرفيين آخرين، ويعرض رواتب عالية و زوجة وشقة فارهة، ويضيف "يعطون 600 دولار للمقاتل شهريا، و900 دولار للطبيب إن وافق على القدوم ومعالجة جنودهم، وتخيل كم سيدفعون للمهندس".
وتشير "التايمز" إلى أن داعش يستخدم النفط لشراء رضا السكان الذين يحكمهم، حيث يوفر لهم الوقود الرخيص والمستخرج بطريقة بدائية ولكن هذا المصدر بدأ يجف.
وتقول فاليري مارسل من المعهد الملكي للدراسات الدولية -تشاتام هاوس- في لندن إن احتياجات التنظيم تأتي أولا، وتضيف أن "عملية كسب العقول والقلوب تراجعت، ويرى السكان المحليون تراجعا في كميات النفط وهناك تقارير تتحدث عن سخط في البلدات الواقعة تحت سيطرته".
وتقول الصحيفة إن التنظيم كان ذكيا بدرجة لتعويض السكان عن نقص الوقود بتخفيض الضرائب، ولكن هناك إشارات عن عجزه عن إدارة المناطق التي تقع تحت سيطرته بسبب غياب القدرات المهنية، مما يزيد من عدم رضى السكان الذين فرحوا في البداية برحيل النظام.
ويعتمد التنظيم على وسطاء لنقل النفط إلى تركيا، ولكنه في الفترة الأخيرة بدأ يبيعه مباشرة لتجار في تركيا، ويبلغ سعر البرميل 25 دولارا قبل تصديره، ولكن عندما يصل لتركيا فقد يباع بـ 55 دولارا أمريكيا، وهذا يعتمد على جودة النفط وخفته، وعندما يوزع في تركيا يتم استيعابه بدرجة لا يمكن اكتشافه، ومعظم النفط يستهلك في تركيا ويصل بعضه لأوروبا الشرقية ومنطقة البحر المتوسط.
ويعتمد التنظيم في نقل النفط العراقي على الطريق السوري لتركيا، حيث أغلق الخط بين العراق ومناطق الأكراد. وهناك تقارير تقول إن تجارا بريطانيين في السوق السوداء يتعاملون مع النفط عندما يصل قبرص، وهناك تقارير تقول إن النفط تم تبادله حتى وصل إسرائيل.
ويحاول التنظيم الأخذ على يد المهربين، ويبيع النفط للنظام السوري نفسه. فنظام الأسد أسهم في ظهور التنظيم، وفتح حربا على ثلاث جبهات لتقسيم المعارضة، لكن صعود التنظيم السريع جعل النظام تابعا له في مجال الطاقة.
ويقول ميلز "استمر النفط بالتدفق لمصفاة النفط في حمص، وكان النظام يستطيع إغلاق أنابيب النفط بسهولة إن أراد، ولكن النفط خرج عن سيطرته ولهذا صار يشتري النفط من داعش".
ويزعم مسؤولو الجيش الحر أن داعش يبيع النفط للنظام بالعملة السورية مما يساعد على استقرار الاقتصاد السوري.