كتب الصحافي روبرت فيسك معلقا على ما تسمى قوائم
الإرهاب، متسائلا: "متى سنتوقف عن إعداد قوائم الإرهاب الصبيانية؟"، فقد كان عناصر الجيش الإيرلندي الحر إرهابيين، وكانت منظمة أرغون (اليهودية) إرهابية، وكذلك إيوكا (منظمة المقاتلين الوطنيين في قبرص) وأيضا منظمة الماو الماو.
وهؤلاء كلهم كما يقول، التقوا بالملكة إليزابيث الثانية، "منهم بيغن ماكاريوس وكيناتا"، ويتساءل الكاتب: "كم من الوقت سيمضي على مقابلة زعيم
حماس خالد مشعل للسيدة العجوز، أو قل حسن نصر الله زعيم حزب الله؟".
ويضيف فيسك: "لا يمكنك إبعاد فكرة أن الانضمام لجماعة إرهابية يضمن لك تذكرة دعوة لقصر باكنغهام. وإذا كان قادة فيتنام الشمالية التقوا بالأمريكيين في باريس، ويتحدث الرئيس الأمريكي على الهاتف مع الرئيس الإيراني، فليس غريبا أن يكون
أنس التكريتي، المحب للخلافة والعراقي المسلم (المرتبط بعلاقات قريبة مع حماس)، هذا إن كنت تصدق ما تقرؤه في الصحف كله، هكذا ترجمت لباراك أوباما عندما زار رئيس البرلمان العراقي في حينه البيت الأبيض؟".
ويواصل فيسك قائلا: "والآن حتى التكريتي ذكر اسم مؤسسة قرطبة، وهي منظمة علاقات عامة (قريبة). (استخدمت الكلمة نفسها) مع الإخوان المسلمين في (قائمة الإرهاب)، وهذه المرة جاءت إلى جانب 82 منظمة أخرى أعلنت عنها الحكومة
الإماراتية، التي تضم قائمة أعدائها من القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية والبقية".
وينقل الكاتب عن التكريتي قوله: "شعرت بالمرض عندما شاهدت أن بين اسم مؤسسة قرطبة وبوكو حرام ثلاثة أسطر (في قائمة الإمارات)"، والتكريتي هو مواطن بريطاني ألقى محاضرات في عدد من المراكز والمؤسسات البريطانية مثل "تشاتام هاوس"، وظهر على قناة الجزيرة.
وييبن فيسك أن التكريتي كونه ضيفا منتظما على القناة فلا يستبعد أن يكون قد وصم بالماركة نفسها، أي "الإرهاب"، ويضيف: "وبعد هذا كله فقد تحدثت أمام مجلس منظمة العلاقات الإسلامية-الأمريكية (كير)، التي ورد اسمها ضمن قائمة (الإرهاب) الإماراتية".
وأشار فيسك إلى كتاب جوناثان باول، مدير مكتب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير "الحديث مع الإرهابيين"، الذي تحدث فيه عن محادثات السلام مع الجيش الإيرلندي الحر.
ويقول فيسك إنه بدأ يحصي عدد "الإرهابيين" الذين صافحهم، فبعيدا عن مجرمي الحرب "صافحنا نحن الصحافيين، الإرهابيين كلهم في البوسنة ولبنان والعراق، وأيضا صدام حسين، الذي صافحه دونالد رامسفيلد، والتقيت جيري آدمز ومارتن ماغينس (الإرهابيين الكبيرين اللذين أصبحا صانعي سلام)، وكذلك ياسر عرفات (الإرهابي الكبير الذي أصبح رجل دولة)، وعددا من الجهاديين الانتحاريين، وبالطبع أسامة بن لادن، الذي أصبح الآن بعد موته رجل دولة كبيرا بعد أن أنشأ الخليفة أبو بكر (رولكس) البغدادي جهنمه الصغيرة في العراق وسوريا. وعلينا ألا ننسى توني (بلير)، الذي قبل الإرهابي الوحش معمر القذافي، ولكن بعد أن أصبح معتوه ليبيا رجل دولة كبيرا ثم أصبح إرهابيا كبيرا".
ويجد الكاتب أنه لا يمكن إلا أن تشعر بالتعاطف مع أنس التكريتي، وعندما سألته عن هجوم باريس، قال التكريتي: "أعتقد أن باريس أدت إلى أسوأ كابوس لنا، يجب النظر لما حدث على أنه جريمة بشعة. ولكن هناك مخاطر من قراءته بطريقة خاطئة إن اتهمنا المسلمين بارتكابه، وكان من بين القتلى شرطي مسلم". وأضاف التكريتي قائلا: "التحدي الآن هو التركيز على المتطرفين الذين يريدون خلق الفوضى، وهؤلاء هم من الساخطين على المجتمع".
ويشير فيسك إلى مشكلة التكريتي التي لم تنته عند وضع مؤسسته على قائمة الإرهاب. فقد أدى هذا القرار بمصرف "أتش أس بي سي" لإغلاق حسابه المصرفي، حتى قبل أن يتحقق من ماركة "إرهابي" من الإمارات، ورغم هذا كله فلم يعثر التكريتي على أي شخص في هذه الدولة الخليجية ليفسر له سبب وضع مؤسسته على القائمة.
ويقول التكريتي: "لم يرفع أحد في الإمارات سماعة الهاتف ويتحدث معي". وأشار إلى صحيفة "ناشونال" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية قائلا: "استهدفتني واعتبرتني الرجل الذي يقود حملة دولية للتأثير وزعزعة استقرار حكومة الإمارات، وكان ردي أنه ليس سرا دعمي للاستفتاء الديمقراطي في المنطقة كلها، في المغرب ومصر واليمن والخليج والسعودية"، بحسب التقرير.
ويفيد التقرير بأن التكريتي يشك في أن سبب غضب المسؤولين الإماراتيين منه راجع لأنه قضى طفولته في الإمارات، ويرى أن "أي شخص لديه ثأر يمكنه استخدام كلمة (إرهاب)، لدينا مئات من الرجال والنساء المسلمين ممن هم ما بين سن 14 و35 عاما ويشعرون بالإحباط والحرمان، وأصبحوا في وضع مواطن من الدرجة الثانية، ويعيشون على الهامش في أوروبا وأمريكا الشمالية. والآن حتى المنظمة التي تعمل في داخل التيار الرئيس من المجتمع وتعمل على تحقيق التغيير، فقد تم الزج بها إلى جانب بوكو حرام والقاعدة. (قوائم الإرهاب) أصبحت لعبة".
ويعلق فيسك بأنه، بالتأكيد لا يحتاج الواحد منا إلا إلى النظر للاتحاد الأوروبي، حيث قامت المحكمة الأوروبية العامة للاتحاد بالدعوة لشطب حركة حماس من "قائمة الإرهاب"، فالقرار يعطي فكرة عن الكيفية التي يقوم بها البعض بتجاوز النظام.
ويشير الكاتب هنا لتصريحات بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء
الإسرائيلي، الذي يقول: "أوروبا لم تتعلم أي شيء من الهولوكوست"، فيما وجدت بعض الصحف العربية أن إسرائيل محظوظة بعدم وضعها على قائمة الإرهاب الأوروبية بعد حرب الصيف في غزة.
ويرى فيسك أنه يمكن وضع أي جماعة - وسريعا - على قائمة الإرهاب و"تقارير الصحافة والإنترنت" تساعد على هذا الأمر.
ويخلص فيسك إلى أنه "في زمن السايبر سبيس يمكن أن يوضع اسمك على (قائمة الإرهاب) بشكل سريع. وإذا كان التكريتي مرتبطا بالإخوان المسلمين، وإذا كان كاميرون ينظر بعين باردة للإخوان المسلمين حتى يتقرب من الرئيس الجنرال السيسي، فإن أي شخص يمكنه الحصول على ماركة (إرهابي) وعندها لن تتحدث إليك أية حكومة في الغرب. (إرهاب، إرهاب، إرهاب، إرهاب)، ماذا يعني؟".