قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في تعليقها على مقتل الطيار الأردني معاذ
الكساسبة، إن هدف
الدولة الإسلامية كان دق إسفين بين العائلة الهاشمية الحاكمة والقبائل الداعمة لها.
وفي افتتاحيتها تقول الصحيفة: "الإرهاب سلاح ذو حدين، فقد يستفز العدو أو يضعفه، وفي المقابل فإنه قد يعبر عن صموده. وبعيدا عن الجانب الأخلاقي، فالسؤال الذي يطرحه مقتل الملازم أول الطيار معاذ الكساسبة، هو عما إذا كان لدى الدولة الإسلامية استراتيجية متماسكة في الشرق الأوسط أم لا. فالوحشية لا تعد استراتيجية والقتل ليس سياسة".
وتضيف: "فكّر؛ لو أن الدولة الإسلامية أظهرت نوعا من العفو مع الأردن بعد مقتل طيارها، وأبقت على حياته، مظهرة استعدادا حقيقيا وليس مزيفا، كما هو واضح الآن، لمبادلته بواحد أو أكثر من أفرادهم الذين هم في يد الأردنيين.. لكان هذا الفعل أثار الإعجاب في أوساط الرأي العام الأردني، الذي يتعاطف قليلا مع أهداف الدولة وأحيانا مع وسائلها، ويعتقد الأردنيون أن المشاركة في التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية محفوف بالمخاطر. بعبارة أخرى، لو أن الدولة أظهرت نوعا من الصفح عوضا عن الانتقام الذي مارسته، لأدى ذلك إلى تراجع التزام الأردن بالقتال".
وترى الصحيفة أن لدى الأردن ملمحا من الضعف؛ "ففيه تيار جهادي واضح، كونه البلد الثالث الذي شارك منه متطوعون للقتال في صفوف الدولة الإسلامية. وخلف حالة الاستقرار التي يعيشها، فإن هناك مشاكل اجتماعية كبيرة، مثل البطالة والتهميش، التي وصلت إلى المناطق والقبائل التي تحظى بمميزات، وظلت تقليديا موالية للعائلة المالكة، وتعد الحوض الذي يأتي منه الجنود للقوات الأردنية المسلحة".
وتشير "الغارديان" إلى أن "الأردن، ولأسباب حقيقية، يعد هدفا رئيسا للدولة الإسلامية، وهذا مرده إلى دور المخابرات الأردنية، التي تعد رصيدا ثمينا للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة".
وتبين الافتتاحية أن "المخابرات الأردنية، التي تلقى مساعدة من الأردنيين في العراق وسوريا، كانت في المقدمة من ناحية جمع المعلومات الاستخباراتية من داخل مناطق الدولة الإسلامية. فقد كان الأردنيون، كما يعتقد، هم من قدم المعلومات الأمنية عن تحركات أبي مصعب الزرقاوي، التي ساعدت الأمريكيين على قتله في عام 2006. ويقدم الأردن معسكرات تسهل تدريب المعارضة السورية غير الجهادية".
وتجد الصحيفة أنه "لهذا، فقد كان أسر الملازم أول الطيار الكساسبة الفرصة التي انتظرتها الدولة، من أجل التأثير على الانقسام الداخلي في الأردن".
وتوضح الافتتاحية أنه "عندما وصل الهاشميون إلى الأردن من الحجاز في العشرينيات من القرن الماضي فإنهم تلقوا الدعم الأكبر من الجماعات القبلية، التي رافقتهم في رحلتهم من هناك، وأصبح الدعم هذا حيويا بعد خسارة الضفة الغربية، حين حضر رعايا جدد تعاملوا مع المملكة من خلال المصلحة الذاتية، ولهذا فإن أي حالة سخط بين
القبائل تُعدّ مصدر إزعاج للملك عبدالله".
وتعتقد الصحيفة بأن "إعدام الأردن للجهادييْن العراقييْن انتقاما أمر مستنكر، مع أن الجهادييْن مذنبان ومتهمان بجرائم مروعة، وقد تم رفع القرار عن تنفيذ أحكام الإعدام منذ فترة قريبة، ولكنه مع ذلك يعد عودة للعدالة العقابية".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "إن الاستقبال الشعبي، الذي حظي به الملك بعد عودته من واشنطن، يدل على أن الغضب من قتل الطيار، على الأقل في اللحظة الحالية، يتفوق على النقد للحكومة التي وضعت الكساسبة في وضع عرضه للخطر".