اتفقت الجماعات والكتائب المسلحة المعارضة للنظام في جنوب
دمشق المحاصر، على تشكيل لجنة شرعية لحل الخلافات، والتحقيق في الحوادث التي وقعت بين بعض الفصائل، من تفجيرات وتبادل لإطلاق النار.
وقد سادت بعض مظاهر الهدوء في جنوب العاصمة السورية بعد تشكيل اللجنة، وقبول الأطراف المختلفة الاحتكام لقراراتها، فيما حاول النظام تسيير تظاهرات تطالب بإخراج مسلحي
جبهة النصرة من بلدة بيت سحم، التي قوبلت بمعارضة شديدة من الأهالي.
تفجيرات وإطلاق نار واعتقالات
وكانت بعض مناطق جنوب دمشق شهدت عدداً من التفجيرات، وإطلاق النار والاعتقالات المتبادلة، بين بعض الفصائل المسلحة، التي زادت من سوء الأوضاع المعيشية، حيث يعاني الأهالي العجز عن تأمين لقمة العيش، لتأتي هذه التوترات لتزيد الوضع سوءاً.
فقد استهدف تفجيران اثنان عناصر من جبهة النصرة في بلدة "بيت سحم"، مما أدى إلى مصرع شخص ووقوع عدد من الجرحى، ودفعت العمليتان عناصر من جبهة النصرة إلى شن حملة اعتقالات، شملت عدداً من عناصر الجيش السوري الحر ومدنيين مشتبهاً بهم، ووقعت اشتباكات وإطلاق نار أسفر عن إصابة عنصرين من جبهة النصرة.
ألوية أبابيل حوران
وقال الناشط وليد الآغا عضو تجمع ربيع ثورة، في تصريح لـ"
عربي21"، إن عدداً من محاولات الاغتيال وقعت بالفعل في جنوب دمشق، نجح بعضها وفشل أغلبها، واستهدفت هذه العمليات عدداً من الناشطين وقادة الكتائب، وعاملين في حقل الإغاثة، لكن التفجيرات الأخيرة استهدفت عناصر من جبهة النصرة، في بلدة "بيت سحم"، الأمر الذي دفع "النصرة" إلى مداهمة بيت أحد القادة السابقين لـ"ألوية أبابيل حوران"، الذي تخلى عن منصبه بعد تسوية وضعه لدى نظام بشار، للوقوف على الحاجز المشترك الذي نصب على مدخل البلدة، بعد عقد الهدنة مع النظام، وتصادف وجود 6 من عناصر اللواء الحاليين في منزل هذا الشخص، وعند محاولة عناصر النصرة، اعتقالهم اندلعت اشتباكات بين الطرفين، مما أدى إلى إصابة اثنين من النصرة، كما أصيب عنصران من "ألوية شام الرسول" مما أجج الأوضاع.
ويضيف الآغا أن هذه الأحداث دفعت عدداً من قادة المعارضة المسلحة، إلى تشكيل لجنة شرعية لفض الخلافات، والتحقيق مع الخلية المشتبه بضلوعها في الأحداث، والحكم بشأن الاعتداء على الشابين بعد عملية الاعتقال، وحادثة إصابة عنصرين من النصرة في أثناء الاشتباك مع عناصر لواء الأبابيل.
النصرة والانسحاب من "بيت سحم"
ونفى وليد الآغا وجود أي علاقة بين هذه الأحداث والاعتصامات التي نظمت في جنوب دمشق مؤخراً، لمطالبة جبهة النصرة بالانسحاب من "بيت سحم"، واعتبر أن القائد السابق في ألوية أبابيل حوران، والعناصر الذين كانوا معه، لن يستطيعوا أن يخرجوا هذه الجموع المناوئة للنصرة، واتهم الآغا جهات قد تكون تابعة للنظام، أو لتنظيم الدولة، بالوقوف وراء عمليات التفجير، لتعميق الخلاف بين مختلف الفصائل العاملة على الأرض وإضعاف الكيانات الثورية في المنطقة وضرب بعضها ببعض.
توسيع دائرة الخلاف وبث الإشاعات
أما الناشط محمود الشامي من جنوب دمشق فقال لـ"
عربي21" إن الهيئة الشرعية التي تم تشكيلها، ستتولى التحقيق في الحوادث التي جرت مؤخراً، ملمحاً إلى احتمال تورط جهات من داخل "بيت سحم" في عمليات التفجير، وقال "هذا أمر وارد جداً بسبب استمرار التوتر بين أهالي المنطقة والنصرة نتيجة الخلافات السابقة".
وقال الشامي لقد رفض أهالي "بيت سحم" وجود النصرة في مناطقهم، لكنه أشار إلى وجود من وصفهم بـ"أيادٍ خارجية" تحرض الأهالي للخروج بمظاهرات ضد جبهة النصرة لتوسيع دائرة الخلاف وبث الإشاعات.
المناطق المحاصرة ومخاض الثورة
وأضاف الشامي" أن لجبهة النصرة دعماً كبياًر في مختلف مناطق الجنوب الدمشقي، باستثناء بلدة "بيت سحم" التي تشهد وباقي مناطق الجنوب، هدوءاً تاماً هذه الأيام.
تعيش معظم المناطق المحاصرة في
سوريا مخاض الثورة، الذي أفرز عدداً من الاتجاهات والأفكار المختلفة، ولكن تختلف معالجة التوترات التي تقع بين منطقة وأخرى، فهناك مناطق تشهد مناوشات عادية ويتدخل الحكماء لحلها، ولكن تتعقد الأمور في مناطق أخرى مما تؤدي إلى شن حملات بين بعض الجماعات والألوية، كما حدث في الغوطة التي شهدت سلسلة من عمليات الاغتيال، وثبوت ضلوع البعض في التعامل مع النظام.