رأى مراقبون
مصريون أن بقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي في سدة الحكم بات على المحك، وخصوصاً بعد التسريبات التي كشفت ما يدور داخل الغرف المغلقة، و"أماطت اللثام عن وجه الانقلاب القبيح" كما يقولون، مشيرين إلى تنامي
الحراك الثوري، ومساعي المعارضة في كشف "مثالب" النظام الحالي بالمحافل الدولية.
يقول رئيس البرلمان المصري المنعقد في تركيا، ثروت نافع، إن النظام فقد كثيراً من مصداقيته أمام مؤيديه عقب وصول التسريبات إلى المواطن العادي، الذي أصبح يرى حقيقة
النظام الديكتاتوري العسكري المتحكم في البلاد منذ 1952.
نظام هش
وأضاف لـ"عربي21" أن لجوء النظام "الانقلابي" إلى القمع كوسيلة وحيدة لتثبيت أركانه "جعله هشاً"، مشيراً إلى أن "حالة الاحتقان في الشارع المصري تتصاعد بعيداً عن الأحزاب والجماعات".
وتابع بأن "الحراك تعدى أي جهة حزبية، والسخط العام تجاوز كل التحالفات والتمحورات، ولا يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه".
وأعرب نافع عن اعتقاده بأن "هناك قطاعاً شعبياً معارضاً ينمو يوماً بعد يوم في الشارع المصري"، قائلاً إن هذا القطاع "بحاجة إلى طريق ثالث غير المنظومة المزدوجة التي تفرض عليه إما العسكر أو
الإخوان".
واتهم وزير العدل الأسبق المستشار أحمد مكي، النظام الحالي بـ"الفشل في تحقيق الأمن للمصريين"، مؤكداً أن النظام الذي يعجز عن تحقيق الأمن "يفقد مبررات وجوده".
وقال إن "غياب العدل يؤجج العنف، وكثرة حوادث العنف مؤشر على عدم استقرار الأوضاع"، موضحاً أن "العدل هو حلم الإنسان، وتحقيقه منوط بالنظام".
فاقد للشرعية
ووصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة
القاهرة، سيف عبدالفتاح، نظام السيسي بأنه "غير شرعي"، معللاً ذلك بأنه "لا يملك شرعية الابتداء، وإن كان بإمكانه إضافة شرعنة على النظام بالقوة، في إطار سياسة الأمر الواقع".
وقال لـ"عربي21"، إن "هذا النظام فقد شرعية الأداء أيضاً، بعدما ضاق المعاش على المواطنين"، مشيراً إلى أن "الصورة التي رَجَحت ورُسخت بعد التسريبات الأخيرة عند الناس عموماً، والخليج خصوصاً؛ أن مصر تحكمها عصابة، تحصل على عشرات المليارات التي تمر في قنوات لا يعرفها أحد، ولا يجد الناس لها أثراً في حياتهم".
وتوقع أن ما يحدث في السعودية من ترتيبات وتغييرات، قد يتمخض عنه تحولات في العلاقة مع النظام المصري، مستدركاً: "لكن ليس بالضرورة أن تكون جوهرية".
وأضاف: "أظن أن هناك مؤشرات في الخطاب والأفعال والشخوص الذين يتقدمون المشهد، وقد نشهد تقارباً سعودياً قطرياً تركياً، ربما يصب في خانة التحولات في السياسات السعودية تجاه مصر".
حصان خاسر
من جهته؛ رأى القيادي في التحالف الوطني لدعم الشرعية، محمد جمال حشمت؛ أن من يراهن على السيسي في الخارج "يراهن على حصان خاسر، على الرغم من تعامل الغرب معه مؤقتاً، بما يتماشى مع مصلحته، وليس مصلحة الشعوب".
وقال لـ"عربي21"، إن الدول الأخرى تنظر إلى الشعب المصري، وتراقب حراكه المستمر لنيل الحرية واستعادة الحقوق، مؤكداً أن هذه الدول "تعرف الكثير عن السيسي ومصائبه، ولكن ما لم يعرفوه هو إصرار الشعب على تغيير النظام بعد تذوقه طعم الحرية، وكسره حاجز الخوف".
وفي السياق ذاته؛ ثمّن حشمت الجهود التي يبذلها التحالف الوطني في الخارج، من خلال الوفود التي يرسلها إلى الدول والمنظمات الدولية والشعبية "لكشف جرائم السيسي، وانحسار التأييد الشعبي له"، مشدداً على أن "النظام العسكري لن يهنأ بسرقة مصر، ومهما استقر فلن يستمر".
أما أستاذ العلوم السياسية حازم حسني، فقال إن التفريق بين دماء المصريين بناءً على ولائهم للجيش والشرطة "سيؤدي إلى تآكل شرعية السيسي، وتداعي النظام من الناحيتين الأخلاقية والسياسية".
تغيير مفاجئ
وأضاف لـ"عربي21" أن تراجع شعبية السيسي مستمر على أرض الواقع، وخصوصاً بعد "التسريبات التي تدل على وجود تصارع بين أجنحة السلطة"، ذاهباً إلى أن هذا التراجع لا يعني بالضرورة "سقوط النظام، في ظل غياب البديل".
واستدرك بالقول: "يمكن أن يحدث تغيير مفاجئ وحاسم يؤدي إلى انهيار النظام الحالي، وليس بالضرورة أن يكون انقلاباً".
يشار إلى أن قنوات مصرية خاصة محسوبة على معارضي السيسي، بثت مراراً تسريبات من داخل مكتبه عندما كان وزيراً للدفاع، كان آخرها ما بثته قناة "مكملين" الخميس الماضي، تحت عنوان "السيسي ينهب الخليج".
ويُظهر التسريبُ السيسي وقادةً عسكريين وهم يناقشون حصيلة ما قدمته لهم دول خليجية من أموال.
وتسمع في التسريب أصوات اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي، واللواء أحمد عبد الحليم مساعد رئيس الأركان، والمتحدث العسكري السابق أحمد علي، وهم يناقشون حصيلة ما قدمته لهم دول خليجية من أموال.
ويكشف التسريب أن مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل، قدّر إجمالي ما تسلمه الجيش من دول خليجية، بما يتجاوز الـ30 مليار دولار، ونصح بأن لا يطلب من السعودية إلا مبالغ كبيرة حتى لا تُحتسب كجمائل من دون مقابل، على حد تعبيره.
ويظهر التسريب كذلك أن مدير مكتب السيسي اقترح عليه طلب معونات عينية، لكنه رد على كامل بتفضيله الأموال النقدية، قائلاً في ختام الحوار: "حلال علينا البلد".