رغم انتقاد الحكومة الفرنسية لزيارة وفد يضم برلمانيين ورجال أعمال زيارة إلى دمشق الشهر الماضي، إلا أن الكشف عن لقاء أعضاء في الوفد برئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي
مملوك، وتقديم الوفد الفرنسي تقريراً لأجهزة المخابرات الفرنسية، طرح تساؤلات عن طبيعة مهمة الوفد، وما إذا كان يقوم بمهمة لاستكشاف إمكانية
التعاون الأمني مع النظام السوري.
وكان أربعة نواب فرنسيين، من أحزاب مختلفة، قد زاروا دمشق الشهر الماضي والتقوا الرئيس السوري بشار الأسد. لكن صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية كشفت الأربعاء أن أشخاصاً آخرين رافقوا الوفد البرلماني التقوا مملوك. وكان من بين الذين التقوه المسؤول السابق في وزارة المالية وضابط الاحتياط سابقاً، باتريك باراكوان.
لكن موقع "شفاف الشرق الأوسط" الإلكتروني نقل عن مصادر وصفها بأنه "خاصة ومطلعة" نفيها أن يكون لقاء الوفد الفرنسي بمملوك قد تم بغطاء رسمي فرنسي من أي نوع، وقالت إن الاجتماع بمبادرة من "رجل أعمال مغامر لا يحظى بتقدير الأجهزة الفرنسية"، رغم أن باراكوان قدم تقريراً لأجهزة الأمن الفرنسية حول اللقاء.
وسبق أن قالت "لو فيغارو" إن الزيارة كانت "سرية جداً ومخخصصة لمكافحة الإرهاب، وتحظى سراً بموافقة
الاستخبارات الفرنسية".
وأورد تقرير "جورج مالبرونو" في جريدة "لوفيغارو" أسماء ثلاثة أشخاص فرنسيين التقوا مملوك، وهم، إضافة إلى باراكوان، رجل الأعمال "ستيفان رافيون" و"جيروم توسان".
وينقل موقع "الشفاف" عن المصادر أن رافيون كان قد أسس "غرفة التجارة الليبية - الفرنسية" في عهد معمّر القذافي، لكي تكون بمنزلة "لوبي ليبي" في
فرنسا. "أي إنه عمل لصالح معمر القذافي، قبل أن يعمل لصالح بشار الأسد ويتولى تنظيم رحلة البرلمانيين الفرنسيين الأربعة إلى دمشق".
وبحسب ما يورده الموقع استناداً لمعلومات من "حاشية باتريك باراكوان ومن مصدر مطلع في دمشق"، فإن البرلمانيين الفرنسيين لم يكونوا على علم بلقاء الوفد الثلاثي بمملوك، "الذي كان الهدف منه معرفة أي مستوى من التعاون الأمني، يمكن استئنافه بين البلدين رغم إقدام باريس على قطع العلاقات الديبلوماسية في شباط/ فبراير 2012 احتجاجاً على القمع الدموي للمعارضين".
وتقول "لو فيغارو": "قبل اجتماعه مع الجنرال علي مملوك، قامت حاشية باتريك باراكون باطلاع جهاز الاستخبارات الداخلي الفرنسي ومسؤول في في جهاز الاستخبارات الخارجي. ولم يضع الجهازان الأمنيان أي "فيتو" على اللقاء". ويقول مصدر في الاستخبارات، بحسب الصحيفة الفرنسية: "نحن نعمل تقنياً. السياسيون لديهم أجندتهم، والمهم بنظرنا هو تقليص التهديد الذي تتعرض له بلادنا بسبب رحيل جهاديين شبان إلى
سوريا".
ويضف المصدر الفرنسي، بحسب "لوفيغارو": "تطرق النقاش مع المملوك، الذي استغرق ساعة، إلى الجهاديين الفرنسيين الموجودين في سوريا، والجهاديين الموجودين في سجون النظام، وجوازات السفر التي وقعت بأيدي النظام السوري، وكذلك إلى الواقع العملياتي للمعارك، لأنه إذا ما قررنا يوماً أن نضرب داعش، فسنكون بحاجة إلى معلومات ميدانية".
وقال المصدر الفرنسي: "إن أياً من الجانبين لم يرغب في الإفصاح عن المزيد، ولكن اللقاء، بعكس اللقاءات السابقة، لم يكن عديمة الجدوى. ويخلص أحد الوسطاء (الفرنسيين) إلى "أننا رغبنا في فتح الأبواب، وبعد ذلك تقرّر الأجهزة الأمنية (الفرنسية) ما إذا كانت ترغب في متابعة الموضوع أم لا".
لكن موقع "الشفاف"، يختم بالقول: "جواب الأجهزة سلبي جداً إزاء اللقاء، وإزاء تغطية لوفيغارو التي تعتبرها مضللة كلياً".