مؤكد أن حدثاً، من الأحداث الهائمة على وجوهها سيضحك كثيراً بمجرد أن يقرأ العنوان، وبالتأكيد أن هذا الحدث سيكون من الهاربين من عنبر الأمراض النفسية والعصبية الذي من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين خصصته لمن في قلوبهم زيغ من أعضائها، ومن الواضح أيضاً أن الحارس على العنبر أهمل إهمالاً كان سبباً في هروب هؤلاء للشارع، فشكلوا ما يسمى بظاهرة المنشقين عن الجماعة، وقاموا بالترويج لفكر الانبطاح للقوة الغاشمة التي يمثلها
السيسي، ودورهم في هذه المرحلة هو إحباط القوى الموالية للشرعية،"يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم"!.
أخطر هؤلاء الأحداث، هم الذين يضعون رجلاً بداخل التنظيم ورجلاً خارجه، حتى إذا جاء النصر، على غير توقعاتهم، قالوا كنا معكم، وإن تأخر فسيكون قولهم ألم نقل لكم إنهم قوم يحلمون!
لا أتمنى موت عبد الفتاح السيسي، فلست طيب القلب إلى هذا الحد، ذلك بأن ما أتمناه وأرجوه هو أن يتمنى الموت فلا يجده طارقاً لبابه.
من طرح الفكرة، هو السيسي نفسه، عندما قال إنه سئل أمريكيا عما إذا كان لا يخشى نهاية كنهاية السادات؟، ومن المعلوم أن الرئيس السادات جرى اغتياله، ولم يمت في حادث "توك توك".
ولا نعرف سياق السؤال، فربما كان ينم عن إعجاب الأمريكان بجسارته في تحدي التيار الإسلامي، وفي دخوله ضده في حرب إبادة، وللتأكيد على أن موقفه هذا مقدر أمريكياً، لكن عبد الحليم قنديل، وفي مقال طويل عريض، نشره في صحيفة "صوت الأمة"، اعتبر السؤال يحمل تهديداً أمريكياً بأنه يمكن لهم أن يغتالوه.
وعدد قنديل، حجم القوة الأمريكية في
مصر، ومن بينها جيش من المارينز مرابط في السفارة الأمريكية بوسط القاهرة، تعداده ثلاثون ألف جندي..(كنت أظن أن قطر فقط هي الدولة العربية الوحيدة التي توجد بها قاعدة عسكرية أمريكية، ولهذا استحقت أن تعاير من قبل الأذرع الإعلامية للسيسي).
المذكور، عبد الفتاح السيسي، كان قد اعترف في مقابلة تلفزيونية، في حملته الانتخابية، بأنه تعرض لمحاولتي اغتيال، ولم يفصح إن كان قد أصيب في المرتين، أم إنه أفلت منهما لأنه كان يستقل سيارة مكتوب عليها "العين صابتني ورب العرش نجاني"، كما أننا لم نعرف من فعلهما، ولماذا لم يعلن عنهما في حينهما؟.
لكن من الواضح أن الجناة، لم يتم التعرف عليهم، أو أنهم ليسوا من التيار الإسلامي، وإلا لتم نصب "مولد سيدي العريان"، وشاهدنا رقص القواعد من النساء، على أغنية: "تسلم الأيادي"!.
اثنان فقط تقرأ لهما، فتعرف منهما ما يدور في خلد أهل الحكم ومن حولهم، شريطة ألا تنشغل بظاهر النص، وإنما تغوص فيما وراء السطور، الأول هو عبد الله السناوي، الذي يمكنك أن تعرف من مقالاته رأي محمد حسنين هيكل غير المعلن، والثاني هو عبد الحليم قنديل، الذي هو للسيسي كسمير رجب لمبارك!.
"قنديل" أشار في مقاله سالف الذكر، أن أكثر من عملية اغتيال تعرض لها السيسي، على نحو كاشف، بأن الأمر لا يتوقف عند المحاولتين اللتين أعلن عنهما بنفسه قبل الانتخابات الرئاسية التي أجراها، ليصبح السؤال الذي لا يشغلني: من فعلها وهل الجناة ينتمون لجهة واحدة، أم لتنظيم واحد؟!
والسؤال الأهم والذي لا تشغلني الإجابة عنه: كيف لهذه المحاولات أن تتم، والرجل يعيش في معسكر؟ فهو مجهول العنوان، ولا نعرف أين يقيم. ومع أن مبارك رغم الهواجس الأمنية التي كانت تسيطر عليه، فإنه كان معلوم السكن في القاهرة وفي شرم الشيخ. فضلاً عن أن السيسي لم يقم بدعاية انتخابية كأي مرشح، ولم يكن معلوم أين يستقبل جماعات المؤيدين والإعلاميين، وقد علمنا بعد الانتخابات أنه كان يقيم في فندق "الماسة" التابع للقوات المسلحة، وهو ثكنة عسكرية أيضاً، وللعلم فقط أنه ذات الفندق الذي عقد فيه "محمود بدر" المكلف بحركة تمرد حفل زفافه، الذي حضره لفيف من الأساتذة المسؤولين، ولفيف آخر من الأساتذة المناضلين!.
دعك من "أفلام عبد الحليم قنديل"، عن التوجهات الأمريكية القلقة من الزعيم عبد الفتاح السيسي. وهو باعتراف "قنديل" نفسه، لم يخرج من عباءة مبارك، لكن الخوف الأمريكي من النجاح المحتمل للسيسي، ومن قدرته على الخروج من عباءاتها، لذا فقد تخطط لاغتياله، ولا تنقصها القوات أو القدرة!.
بدون لف أو دوران، السيسي الآن ومستقبلاً هو الخيار الاستراتيجي لإسرائيل والمنوط به حماية أمنها، والإسرائيليون ممتنون له أفضل من امتنانهم لمبارك كنزهم الاستراتيجي، وهذا رجل ليس مؤهلاً للنجاح أو القيام بأي نهضة لمصر، فهو الأصلح منذ انقلاب العسكر في سنة 1952، على تنفيذ رغبات قوى الاستعمار وأهدافه من المنطقة، بأن تكون الأكثر تخلفاً بأيدي أبنائها هذه المرة، ومن تحدث عن ضرورة امتلاك مصر لغذائها ودوائها وسلاحها، أطيح به وهو الآن مختطف بقرار قضائي، هو الرئيس المنتخب بالإرادة الحرة للمصريين الدكتور محمد مرسي.
ومشروع السيسي جاء على أنقاض المشروع الوطني. بيد أن المشكلة تكمن، في أنه وبسبب القبضة الحديدية، التي يحكم بها، سوف يفرز حكمه، كل الإفرازات السلبية لأنظمة الاستبداد، من شباب يكفر بالديمقراطية، وبالسلمية، ومنح الفرصة لتنظيمات كافرة بها من البداية لتجد أرضاً خصبة، وجمهور متطوعين، وعندها لن تكون إسرائيل نفسها في أمان!.
فالإسلام السياسي يمكن أن تصقله التجربة والاحتكاك بالناس، ويمكن أن يكون خياراً من ضمن خيارات أخرى أمام الناخبين، لكن محاولة وأده بقوة السلاح، سيضعفه ولن يقوي خصمه، فأحزاب جبهة الإنقاذ وبعد أن خلا الجو لها، أعلنت عدم استعدادها لخوض الانتخابات البرلمانية. وتغييب الجماعات الإسلامية السياسية سينتج جماعات كافرة بالسياسة ومؤمنة بالعنف.
ما علينا، فسنقول "لو" مع أنها تفتح عمل الشيطان. ماذا لو استيقظنا من النوم فلم نجد السيسي في المشهد، لأي سبب من الأسباب، هل لدى قوى الشرعية تصوراً للحظة مفاجأة، أم أن الأمور ستترك ارتجالياً، لنكون من جديد لقمة سائغة للمجلس العسكري!.
هذا حلم.. ربما، لكن كانت أزمتنا أننا لم نتصور أن مبارك يمكن أن يغيب عن الحكم حتى ونحن نحاصر القصر الجمهوري في يوم 11 فبراير 2011. وندفع "من لحم الحي" ثمن أننا لم نحلم بهذه اللحظة!.
لو سألت من يعنيهم الأمر عن التصور، لكان ردهم: التصور موجود، وربما تحسس المسؤول جيبه في هذه اللحظة.
مع أنه لا تصور هناك ولا يحزنون!
azouz1966@gmail.com