قال إيان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" إن الدول العربية قلقة بشأن اتفاق وشيك بين الولايات المتحدة وإيران يتعلق بملفها
النووي. وترى أن واشنطن ترغب بتسوية مع
إيران بأي ثمن، ولكن بالتأكيد على حساب علاقاتها مع دول
الخليج.
ويشير الكاتب إلى أن
السعودية، وهي الحليف الأهم للولايات المتحدة في منطقة الخليج، كانت واضحة في معارضتها للاتفاق مع إيران، حيث ترى إلى جانب إسرائيل أن التسوية ستمنح إيران مميزات وتجعلها قوة إقليمية.
ويجد بلاك، أنه على خلاف إسرائيل فقد تبنت السعودية رؤية أقل تشددا. وقال سفير الرياض في واشنطن عادل الجبير، إن بلاده تفضل الانتظار حتى يعلن عن بنود الاتفاق قبل توجيه النقد إليه، ولم يستبعد الجبير بدء السعودية برنامجها النووي، في تذكير للرئيس الأمريكي باراك أوباما بمخاطر انتشار السلاح النووي إن لم تنجح استراتيجيته.
وتلفت الصحيفة إلى أن السعوديين قد ألمحوا ولسنوات طويلة إلى أنهم قد يطلبون من باكستان المساعدة إن شعروا بالتهديد من المشروع النووي الإيراني. وفي العام الماضي عرضوا صواريخ باليستية متوسطة المدى اشتروها من الصين قادرة على ضرب طهران، وحضر الاستعراض العسكري جنرال له علاقة بحماية المشروع النووي الباكستاني. وبحسب بروس ريدل، من معهد بروكينغز فقد كانت "خطوة محسوبة".
ويستدرك الكاتب بأن لدى السعوديين مظاهر قلق واسعة من التقارب الأمريكي الإيراني، ويخشون من تأثيره على أمنهم ونفوذهم في المنطقة. وقال مدير المخابرات السابق في لندن الأمير تركي الفيصل، بداية الشهر الحالي، إن العلاقة العاطفية اقتربت من التمام.
ويبين بلاك أن الإمارات العربية المتحدة تعاني من مواجهة طويلة مع إيران حول جزرها الثلاث، وقد عبرت عن قلقها من تسوية أمريكية مع طهران، وأرسلت إشارات تفيد بأن التسوية ستقوي ساعد طهران في المنطقة، التي تشهد منافسة سنية شيعية، خاصة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وقال مسؤول بارز في الإمارات: "ننظر إلى المشروع النووي على أنه الوسيلة التي تستخدمها إيران في سياستها الخارجية".
ويفيد التقرير بأن استراتيجية السعودية تقوم على بناء وحدة بين دول الخليج، بدلا من مواجهة الولايات المتحدة، ولكن العقبة الوحيدة هي عُمان التي أدت دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران. فيما تتصرف قطر بحذر بشأن العلاقة مع طهران.
ويورد الكاتب أن الدراما التي رافقت المحادثات النووية مع إيران تزامنت مع العملية العسكرية التي تشنها السعودية ضد الحوثيين، الذين تقول إنهم يتلقون الدعم من إيران. وتقول مصادر سعودية إن الدعم الأمريكي للعملية في اليمن جاء نتيجة لجهود ولي ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.
ويشير بلاك إلى أن الدعم الإيراني للحوثيين يبقى محلا للجدل، ويرى المحلل في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إميل هوكاييم، أن هناك ميلا لدى دول الخليج للمبالغة في تقدير الدور الإيراني في اليمن، وفي الوقت ذاته فإن هناك ميلا لدى الغرب للتقليل من هذا الدور. ويقول إن دور إيران "اتسم وبشكل تدريجي بالانتهازية أكثر من كونه عرضيا".
وتنقل الصحيفة عن السفير البريطاني السابق في الرياض سير ويليام بيتي، قوله إن بعض المسؤولين السعوديين البارزين يخشون من عودة أيام الشاه قبل الثورة الإسلامية عام 1979، ويضيف أن "البعض اكتشف أن المعروض لم يكن كما يتصورونه، لكن تسوية حول الملف النووي قد تؤدي إلى علاقات أمريكية، بحسب ما تريده إيران، وهو ما يرونه مثيرا للقلق".
ويرى بيتي أنهم "يواجهون معضلة في الموضوع النووي، فهم لا يريدون تحول إيران إلى دولة نووية، ويشكون مثل الإسرائيليين في إمكانية عقد تسوية حقيقية". ومن هنا فهم لا يريدون اتخاذ قرارات صعبة.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول بيتي إنهم "سيكونون متشككين، ولكنهم ليسوا ناقدين، وسيتعلمون كيف يتعاملون مع الواقع. ولن يتحقق أسوأ ما يتوقعونه، وستكون هناك عقبات في العلاقات الأمريكية الإيرانية، التي يخشى منها السعوديون. وفي حالة أشركت إيران في الترتيبات الأمنية الإقليمية فسيتعلم السعوديون للتكيف مع الأمر".