كتب ديفيد بلير في صحيفة "ديلي تلغراف"، معلقا على قرار
الملك سلمان بن عبد العزيز تغيير صف الوراثة، وعزل ولي عهده الأمير مقرن، الذي عينه الملك عبد الله في منصب نائب ولي العهد، قائلا إنها تعبير عن الحزم، ومحاولة للتعامل مع موضوعات حاول سلفه تجنبها.
ويقول الكاتب إن حكام
السعودية يثمنون الإجماع، ويتجنبون اتخاذ القرارات الكبيرة، ولو حدث التغيير السياسي فإنه يأتي بسرعة تجمد الثلج، خاصة إن كان الملك عجوزا. كانت هذه المعايير عن السعودية التي غيرها الملك سلمان بسرعة مثيرة.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه
"عربي21"، إلى أنه في يوم الأربعاء قام الملك المريض (79 عاما)، الذي وصل إلى السلطة في كانون الثاني/ يناير، بتنفيذ ثورة في القصر، من خلال تغيير تسلسل القيادة والوراثة.
وتبين الصحيفة أن خط الوراثة كان حتى وقت قريب يمر عبر أبناء الملك عبد العزيز، الذي توفي عام 1953. وكانت ترتيبات نقل الخلافة بين الأبناء محكومة بالزمن، لكن أسلاف الملك الحالي قاوموا الخيار الواضح، وهو القفز من الأبناء إلى الأحفاد.
ويجد بلير أنه لو تم مثلا تقسيم أبناء الملك ابن سعود الـ 37 إلى فرق، فإنه سيتم فتح عش الأفاعي، ويسمح للمئات من أحفاد الملك المؤسس للاقتتال على العرش. لكن الملك سلمان أمسك بالنبتة القارصة، وأعلن أن الملك القادم سيكون بالتأكيد من أحفاد الملك، وهو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وقد حل مكان الأمير مقرن، الذي يعد أصغر أبناء الملك عبد العزيز، ولكن الملك سلمان نحاه جانبا.
ويرى الكاتب أنه لأسباب جيدة نحي الأمير سعود الفيصل من منصبه وزيرا للخارجية، بعد 39 عاما على رأسها. ويعاني الأمير سعود من مشاكل في ظهره، وتقول الرواية الرسمية إنه هو الذي طلب إعفاءه من منصبه. ومع ذلك فهو أقدم وزير خارجية منذ أن كان جيرالد فورد في البيت الأبيض، وهارولد ويلسون في مقر الحكومة البريطانية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته
"عربي21"، بأن رحيل الفيصل يتزامن مع تحول في السياسة الخارجية، حيث أصبحت السعودية أكثر حزما في السياسة الخارجية، مشيرا إلى حملة اليمن والتحول في ميزان القوى في سوريا، بسبب الدعم العسكري السعودي لفصائل المعارضة.
وتنوه الصحيفة إلى أنه إلى جانب ذلك فقد اتخذت الرياض قرارا مهما للإبقاء على أسعار النفط منخفضة؛ حتى تضرب اقتصاديات روسيا وإيران. فالبلد الذي ظل حذرا في السياسة الخارجية، ويحاول التأثير من الخلف يبدو اليوم يلوح بالقوة في كل جانب. والسؤال هو لماذا تغيرت السعودية؟
ويجيب بلير عن السؤال بأن السبب هو الخوف من
إيران، ولكن التنافس السعودي مع الدولة الشيعية على الجانب الآخر من الخليج ليس جديدا، والجديد كما يرى هو تقييم السعودية للولايات المتحدة.
ويوضح التقرير أن الملوك السعوديين في الماضي كانوا في قصورهم مطمئنين للدعم الأمريكي لهم، وتوفير الأمن لبلدهم وللشرق الأوسط. ويعتقد الأمير سلمان أن ذلك العهد قد انقضى، فهو يعتقد أن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة، تاركة المملكة للاعتماد على نفسها.
وتخلص "ديلي تلغراف" إلى أنه بناء على ما تقدم فإن القرارات التي تجنبها ببراعة أسلافه، أصبح لا يمكن تجنبها. فالملك العجوز وخلافا للتوقعات كلها يظهر أنه قادر على اتخاذها.