لا حديث في
الصحف المصرية حاليا سوى عن
المؤامرة على الرئيس المصري بعد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، التي تأخذ أشكالا عدة منها "ثورة
الكشري" التي تضم سامي عنان، وأحمد شفيق، وحسني مبارك، والإخوان المسلمين، وحركات شبابية، أو "مؤامرة الإطاحة بالسيسي من الاتحادية"، التي يقودها رجال أعمال وسياسيون، فيما تحذر صحف ثالثة من أن رجال أعمال آخرين يقودون "مجموعة
كباريهات" لتشويه صورة السيسي"، وهلم جرا.
ويأتي حديث المؤامرات على السيسي، في أعقاب أسبوع حفل بالإساءات البالغة التي وجهها إعلاميون مقربون من السيسي إليه، حتى ألمح عمرو أديب إلى وصفه بـ"الحمار"، وقال يوسف الحسيني إن السيسي ليس منزها عن النقد، فيما اتهمه إبراهيم عيسى بأنه يتخذ قرارات مخالفة للدستور، ودون رجوع إلى الشعب، كقرار المشاركة في "عاصفة الحزم".
ويتوقع مراقبون أن يتصاعد الحديث عن المؤامرة التي يدبرها كثيرون للإطاحة بالسيسي، كلما اقترب موعد حلول الذكرى الثالثة لانقلاب الجيش في الثالث من تموز/ يوليو المقبل، التي أعلن فيها السيسي قبل عامين، "خارطة الطريق"، التي قطع بها الطريق على المسار الديمقراطي، وعزل بمقتضاها أول رئيس مدني منتخب، بعد ثورة 25 يناير 2011.
ويضيفون أن الهدف من الحديث المتزايد للصحف الموالية للسيسي، عن المؤامرة عليه، هو محاولة ترميم شعبيته، التي تتراجع بشكل مريع في الشارع المصري، نتيجة سياساته الخارجية والاقتصادية المتخبطة، وفشله الواضح في حربه التي أعلنها على "الإرهاب المحتمل"، وعدم وفائه بوعوده بتحسين أحوال المصريين، بعد غلاء الأسعار، وتراجع الخدمات العامة.
سقوط السيسي 5/5/2015
ويذهب مراقبون إلى أن حديث المؤامرات ما هو إلا خدعة مخابراتية، للتغطية المحلية على عجز السيسي، وإخفاقاته، وتراجع شعبيته، والخوف من ذكرى 3 يوليو، التي وعد السيسي فيها الشعب المصري بالرخاء والتقدم، فإذ بالشعب يجني مزيدا من المعاناة، وخيبة الأمل.
ويدللون على صحة ما ذهبوا إليه بما كان صرح به الإعلامي المقرب من السيسي، توفيق عكاشة، نهاية آذار/ مارس الماضي، في إحدى حلقات برنامجه "مصر اليوم"، على قناته الفضائية الخاصة "الفراعين"، التي أُغلقت السبت، من نبوءته بسقوط حكم السيسي.
فقد قال عكاشة وقتها: "عايز مصر كلها تسجل هذه الكلمة، ومعها أجهزة الدولة كلها.. إذا ظلت الأوضاع كما هي الآن، وظلت القرارات السياسية كما هي الآن، وظلت الشلة المحيطة بالرئيس عبد الفتاح السيسي كما هي الآن، واستمر الرئيس على هذا المنهج.. سيسقط الرئيس السيسي".
وحدد عكاشة تاريخا لتحقق نبوءته اليوم الثلاثاء، "5/5/2015"، معتبرا أن ذلك اليوم سيكون بمثابة "البداية"، وأن سقوط حكم السيسي سيكون خلال تلك الفترة، وحتى الجمعة 8 أيار/ مايو 2015.
لكن يوم الثلاثاء جاء، دون أن يشهد سوى اختفاء عكاشة ذاته، وقناته نفسها، من الساحة، بذريعة أعلنها عكاشة نفسه هي الأزمة المالية، وهي أزمة طالما شكا منها عكاشة طيلة عمل القناة، لكنه لم يغلقها أبدا لهذا السبب.
مؤامرة الإطاحة بالسيسي من الاتحادية
تحذير آخر من "مؤامرة الإطاحة بالسيسي من الاتحادية"، احتل، الثلاثاء، مانشيت صحيفة "البوابة"، ذات التمويل الإماراتي، التي قالت إن هذه المؤامرة بدأت بالتحريض على عدم التبرع لصندوق "تحيا مصر".
وأكدت أن المؤامرة السياسية ضد السيسي، لها أكثر من مستوى، وأن المستوى الذي تعمل عليه الآن هو إخضاع النظام وتطويعه، وجعله مثل لقمة سائغة يسهل التهامها في أي وقت دون عناء، وأن من يقومون بنسج هذه المؤامرة لن يتورعوا عن التصعيد إلى مستويات تصل إلى العمل على تأليب الرأي العام ضد النظام، وفق الصحيفة.
وأضافت أن المؤامرة على السيسي بدأت بإفساد ما ذهب إليه من تبرع رجال الأعمال بجزء من أموالهم إلى صندوق "تحيا مصر"، ما دفع السيسي إلى التوجه للخارج، و"حل مشاكلنا بأموال خارجية".
واستطردت أن "الخيط الثاني من المؤامرة كان العمل من أجل السيطرة على البرلمان؛ إذ سيكون من حقه تشكيل الحكومة، وسحب الثقة من الرئيس، وعليه فمن سيتحكم في البرلمان، سيكون قادرا على التحكم في المشهد السياسي كله، وعليه بدأت التحركات لدعم مرشحين، ورصد أموال طائلة للإنفاق على تجهيز لوبي رجال الأعمال داخل المجلس".
المحطة التالية من المؤامرة -وفق البوابة- هي دعم مجموعة من رجال الأعمال لحركات احتجاجية، تحمل النظام مسؤولية ما يجري، ومن شأنها أن تزيد حالة السخط العامة في نفوس المصريين، لنجد أنفسنا في مواجهة موجة ثورية ثالثة، مشددة على أن الإطاحة بالسيسي ستكون الأخطر على البلاد.
ثورة "الكشري" لخلع السيسي
في سياق متصل، حذرت صحيفة "صوت الأمة"، في عددها الصادر الأسبوع الجاري، مما اعتبرته: "ثورة الكشري لخلع السيسي"، مشيرة إلى أنها تضم رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة سامي عنان، والمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، والرئيس المخلوع حسني مبارك، وجماعة الإخوان المسلمين، وحركات شبابية حديثة!
ودون أن تحدد الصحيفة مقصودها بـ"ثورة الكشري"، قال الإعلامي الناصري المقرب من السيسي، ورئيس تحرير الصحيفة، عبدالحليم قنديل: "إن السيسي نفسه يتحدث كثيرا عن الثورة الثالثة، ويقول مرارا إن الشعب المصري ثار في يناير ويونيو، ولا شيء يمنعه أن يفعلها لمرة ثالثة، وهذا صحيح نظريا، لكنه قد لا يصادف حظا في التطبيق بالمدى المنظور.
وأضاف قنديل في مقاله: "المثير أن بعض أشد معارضي السيسي يتحدثون عن ثورة محتملة، على طريقة الرئيس بالضبط، ويتصورون أن الحكاية بسيطة وسهلة، ولا يلزمها سوى مجرد تجميع عشوائي لشباب ساخط، ودعمها بصخب غاضب على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوة للشعب المصري إلى النزول في الميادين، ثم تكتمل الحدوتة، وتقوم الثورة، وينخلع الرئيس، ونصحو على صباح يشبه 11 فبراير يوم خلع مبارك، أو مساء يشبه 30 يونيو، حين قضي الأمر، وذهب حكم مرسي وإخوانه"، على حد قوله.
وخلص إلى القول: "الصورة مركبة ومعقدة، وفيها تشوش عظيم، قد يفسر وقوع بعض الثوريين الحقيقيين في خطأ التقدير، لكنه يفسر أكثر سلوك جماعات الفلول، والثورة المضادة، التي تريد التبكير والتبشير بخلع السيسي، وبدعوى إشعال ثورة جديدة، تنشط فيها زرافات من المليارديرات والفضائيات والجنرالات، وجماعات تمويل وتحفيز أمريكي، تخلط أوراقها وأموالها مع جماعات الشباب المحبطين، وربما مع إرهاب الإخوان، فالذي أوله زيف آخرته "خيبة بالويبة"، وفق وصفه .
كباريهات لتشويه صورة السيسي
في السياق ذاته، صدرت جريدة "الموجز"، القريبة من المخابرات المصرية، في عددها الصادر أيضا هذا الأسبوع، بمانشيت يقول: "الرئيس وكباريهات رجال الأعمال.. صاحب إمبراطورية القطامية والعين السخنة يقود مجموعة كباريهات لتشويه صورة السيسي"!
أما المقصود بتلك "الكباريهات"، فقد أوضح رئيس تحرير الجريدة ياسر بركات أن "كثيرا من رجال الأعمال يتعامل بالطريقة ذاتها، وبمنطق الراقصات الرخيصة في الكباريهات، فإذا كان أصحاب الكباريهات يطلبون من الراقصات تأدية رقصات بعينها لجذب الزبائن، أو يطلبون منها تقصير بدلة الرقص أو إظهار تفاصيل الجسد، واستخدام الصاجات والطبل في بعض الأحيان، فإن الصبيان في الصحف التابعة لرجال الأعمال يمارسون دور الراقصات بأوامر من أصحاب الكياريهات أو الفضائيات والصحف، فكلاهما أصبح واحدا"، على حد قوله.
وأضاف بركات: "بعض الصحف المملوكة لرجال الأعمال لا تتوقف عن الطبل والرقص للرئيس، وبعضها يتطوع بتقديم فقرات خاصة لإظهار مفاتن الجسم، ولكن، إذا تعارضت مصالح أصحاب الكباريهات (أو رجال الأعمال) مع الدولة، فإن الأوامر تصدر فورا للصبيان بالتوقف عن الرقص، وتقديم فقرات الندب، والبكاء، لتشوبه صورة الوطن"، وفق قوله.
خيوط المؤامرة على السيسي ودور أحمد شفيق
تحت هذا العنوان، كتب الصحفي الناصري، أحمد رفعت، بجريدة "فيتو" الصادرة هذا الأسبوع كذلك، مشيرا إلى أن ملامح المؤامرة ضد السيسي تقول إن فكرة التخلص من جماعة الإخوان، عند هؤلاء (المتآمرين)، صعبة للغاية، وأن فكرة هزيمة الدولة المصرية مستحيلة، وهنا يبرز الحل، أن تبقى الدولة، وأن يبقى الإخوان، وأن يتم تغيير رجل واحد، حلا للأزمة، هو السيسي.
وأضاف أن إقناع الشعب المصري بالخطة هي ما نراه، الترويج لكل دواعي اليأس والإحباط.. تحويل الإيجابي إلى سلبي.. ترويج للشائعات بغير حدود.. محاولة تصوير الأمر أن مصر تنهار، ومع الترويج أن الثورة قادمة، والغضب قريب، وأن حالات عدم الرضا تتصاعد، وأن الأشقاء العرب غاضبون من السيسي، وأن السيسي وراء أحزاب العلمانية، وأن الفساد يتزايد، وأن الإعلام يتمرد، وأن كرامة المصري تدهورت في الخارج.. إلى آخره.
واستبعد رفعت أن يتم عرض الأمر على شفيق الآن، مؤكدا أنه "لن يتم مفاتحته إلا بعد إدخال مصر دائرة الفشل بالفعل.. عندئذ يكون الكلام مع شفيق من قبيل إنقاذ مصر من الفوضى، وبالتالي إنقاذها من عودة الإخوان.
وخلص للقول: "شفيق" يعرف كل شيء، ورده مع رد الإدارة المصرية على المؤامرة سيكون مزدوجا وعمليا، وسيكون بعد رمضان، والشعب المصري سيقف بقوته خلف رئيسه إلى النهاية"، وفق قوله.