تقول صحيفة "التايمز" إن
فرنسا أصبحت شريكة لدول الخليج بدلا من الحليف التقليدي
بريطانيا. وكان حضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قمة خليجية مهمة في السعودية تأكيدا للدور العسكري، الذي باتت فرنسا تؤديه في تسليح
دول الخليج.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن الرئيس هولاند قد وقع صفقة لبيع 24 طائرة "رافال" لدولة قطر بقيمة 24 مليار دولار، التي قالت إنها كانت يجب أن تذهب لبريطانيا.
وتعتقد الصحيفة أن الموقف المتشدد الذي أبدته فرنسا تجاه المحادثات النووية مع
إيران أدى بعدد من دول الخليج إلى النظر إليها بديلا عن بريطانيا، التي اتسمت سياساتها بالجمود، والتي تتبع السياسة الأمريكية.
ويذكر التقرير أن فرنسا حصلت على عقود تجارية وعسكرية، تقول الصحيفة إنها لصالح بريطانيا؛ نظرا للعلاقات التاريخية بينها وبين دول الجزيرة العربية.
وتبين الصحيفة أن فرنسا تبنت سياسة نشطة ومستقلة جذبت الدول الخليجية، التي لا تعرف مسار واتجاه السياسة الخارجية الأمريكية، بعد التقارب مع إيران وتراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن تهديداته بضرب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013.
ويلفت التقرير إلى أن البرلمان البريطاني قرر التصويت ضد دعم أي عمل عسكري في سوريا. وعندما قرر أوباما عرض المشاركة على الكونغرس وتراجع عن قراره، أعلنت فرنسا دعم العمل العسكري دون أي تردد.
وتنقل الصحيفة عن الباحث مصطفى العاني من مركز الخليج للدراسات، قوله: "مع بريطانيا هناك شعور أنك عندما تتعامل مع أمريكا وتشتري شيئا فإنك تحصل على شيء آخر مجانا". ويضيف أن "هناك علاقة رومانسية بين بريطانيا ودول المنطقة تاريخيا، ولن نفقد هذه العلاقة، ولكن في مجال السياسة لا نعرف أين تقف بريطانيا، لكن فرنسا لديها صوتها ونستطيع سماعه".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن المحادثات النووية قد عززت من موقف الدول العربية وعلاقتها مع فرنسا، التي وجدت أنها تشاركها مظاهر القلق من المشروع الإيراني، إضافة إلى الموقف الإسرائيلي.
وتنوه الصحيفة إلى البيان المشترك بين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي وصل إلى العرش حديثا، والرئيس الفرنسي هولاند، حيث أكدا فيه ضرورة محاسبة إيران. وجاء في البيان: "تؤكد فرنسا والسعودية أهمية التوصل إلى اتفاق قوي وموثوق ودائم ولا جدال فيه مع إيران ".
ويجد التقرير أن العلاقات بين الرياض وباريس ستثير مخاوف الحكومة البريطانية، فأكبر صفقة بريطانية مع الرياض هي صفقة السلام بقيمة 20 مليار دولار لبيع 72 طائرة "تايفون"، التي وقعت عام 2007. وتحاول بريطانيا تعزيز هذه الصفقة بصفقات أخرى في المستقبل، وهي استراتيجية الحكومة لتعزيز التعاون العسكري.
وتكشف الصحيفة عن أن شركة "بي إي إي"، التي وقعت صفقة السلام، تحاول التقدم في المنطقة، التي باتت فرنسا تتفوق فيها على بريطانيا. ويقول العاني إن الأسلحة الفرنسية تمثل بديلا عن السلاح الأمريكي عندما تتردد أمريكا بببيعه.
ويظهر التقرير أن الدبلوماسيين البريطانيين يعبرون عن إحباطهم من غياب الدعم الحكومي لجهودهم، فلم يزر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الرياض إلا بعد عامين من توليه المنصب، أما وزير الخارجية السابق ويليام هيج فقد كان غائبا. وبالنسبة لفيليب هاموند، الذي حل محل هيج وكان وزيرا للدفاع، فقد زار الرياض تسع مرات، ولكن العلاقات الثنائية يتم تعزيزها من خلال الرجال في قمة الحكم.
وينقل التقرير عن مصدر مقرب من السعوديين قوله إن "مارغريت تاتشر لم تعتمد أبدا على وزراء خارجيتها". وفي غياب الحكومة فقد تركت للعائلة البريطانية المالكة القيام بالدور، فزيارة ولي العهد الأمير تشارلز إلى الرياض أدت إلى توقيع عقد بقيمة 4.4 مليار دولار لبيع طائرات "تايفون" للسعودية.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم أن الكثير من البريطانيين لم تعجبهم صور الأمير وهو يرقص بالزي التقليدي السعودي، إلا أن العائلة المالكة تظل الرصيد المهم لبريطانيا في منطقة يحكمها رجال كبار في العمر.