رغم التحذيرات المتكررة والأخبار المتواترة قبل أيام عن نية
تنظيم الدولة الهجوم على مدينة
تدمر السورية الأثرية، ورغم إعلان التنظيم على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي عن تجهيزه لمعركة تدمر، إلا أن التحالف الدولي ضد التنظيم، الذي تقوده الولايات المتحدة، لم يقصف عناصر التنظيم في صحراء تدمر، مفضلا قصف الأرياف في كل من قرية التوامة في حلب وجبل الزاوية في
إدلب.
المفارقة أن قصف الأرياف في حلب وإدلب راح ضحيته عناصر من تنظيم
جبهة النصرة وفصائل أخرى تحارب النظام السوري الذي لا تراه الولايات المتحدة جزءا من الحل في
سوريا وتصر على رحيله.
وبينما كان تنظيم الدولة يقاتل الأربعاء للسيطرة على مدينة تدمر، فقد كانت قوات التحالف تقصف في حلب وإدلب مخلفة حوالي 30 قتيلا من فصائل المعارضة أغلبهم من جبهة النصرة.
الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أوضح لـ"
عربي21"، أن قراءة الموضوع قراءة تآمرية مفادها أن التحالف الدولي يضرب الثوار ويسهل لتنظيم الدولة السيطرة على مساحات إضافية في سوريا، هي قراءة مغلوطة.
ويؤكد أبو هنية أن التحالف واجه معضلة في تدمر وهي أنه سيظهر بمظهر الغطاء الجوي لقوات نظام الأسد في قتالها لتنظيم الدولة، ففضل عدم التدخل وانتظار إلى ما ستؤول إليه الأمور.
ولفت أبو هنية إلى أن تنظيم الدولة يحارب بذكاء، ويربك جميع الأطراف، ويضع بعضها في مأزق.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن ما لا يقل عن 15 مقاتلا من جبهة النصرة لقوا مصرعهم، جراء قصف لطائرات التحالف على مقرين لجبهة النصرة في قرية التوأمة بالريف الغربي لمدينة حلب.
وقصفت طائرات التحالف، مواقع جبهة النصرة في جبل الزاوية بريف إدلب، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم عناصر من الجبهة.
وتقوم طائرات التحالف بين الحين والآخر بقصف مقرات النصرة في سوريا، بالرغم من أن الأخير يشكل أحد الفصائل الفاعلة التي تشترك مع فصائل إسلامية وفصائل الجيش الحر في قتال النظام السوري.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حذر في آذار/ مارس الماضي، من أن الولايات المتحدة ملتزمة بدحر تنظيم الدولة وحث جميع الأطراف على حماية المواقع الأثرية والتاريخية الدينية والثقافية، وذلك بحسب بيان للسفارة الأمريكية في بغداد، إلا أن التحالف لم يتحرك لمنع التنظيم من دخول تدمر الأثرية علاوة على مناطق أثرية أخرى في العراق.
تحذيرات كيري سبقها مناشدات من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" لوقف القتال في تدمر لحماية السكان و"حفظ التراث الثقافي الفريد" بالمدينة.
وقالت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في بيان لها، إنه "من الضروري أن تراعي كل الأطراف الالتزامات الدولية بحماية التراث الثقافي، وقت الحرب بتفادي الاستهداف المباشر وكذلك استخدامه لأغراض عسكرية".
ويبدو أن 3200 غارة أمريكية على التنظيم في العراق وسوريا حتى نيسان/ أبريل الماضي كانت حصة العراق منها 1850 غارة و1350 في سوريا، لم تؤت أكلها، وأثبت تنظيم الدولة أنه ما زال يتقدم في كل من سوريا والعراق.
وأوضحت السفارة الأمريكية في بغداد، في بيان نُشر على صفحتها الرسمية على موقع التواصل "فيسبوك"، في نيسان/ أبريل الماضي أن أكثر من 3200 ضربة جوية أمريكية ومن قبل قوات التحالف في كل من العراق وسوريا أدت إلى إلحاق أضرار أو تدمير أكثر من 5780 هدفا لتنظيم الدولة بما في ذلك 75 دبابة و285 عربة كانت تحت سيطرة التنظيم، و1166 موقعا قتاليا، و151 هدفا متعلقا بالبنية التحتية للنفط، كان يديرها التنظيم".
وشن التنظيم في 13 أيار/ مايو الجاري هجوما على تدمر، التي تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي بالنسبة له، إذ إنها تفتح له الطريق نحو البادية المتصلة بمحافظة الأنبار العراقية. كما أنها مهمة من الناحية الدعائية، كونها محط الأنظار عالميا، بسبب آثارها المدرجة على لائحة التراث العالمي.
من جهته، اعترف النظام السوري عبر تلفزيونه الرسمي السوري بأن قوات موالية للحكومة أجلت المواطنين من مدينة تدمر الأربعاء بعد دخول مجموعات كبيرة من مسلحي تنظيم الدولة إلى المدينة.