أربك التقدم الأخير لقوات المعارضة السورية المسلحة التي توحدت تحت مسمى "
جيش الفتح"، وسيطرتها على كامل مدينة إدلب وتوعدها بالوصول إلى الساحل السوري، حسابات نظام
بشار الأسد وحليفته
إيران ووكيلها في
لبنان حزب الله، وهو الأمر الذي دفعهم إلى إعادة ترتيب الأوراق ووضع خطة جديدة للوضع المستحدث.
وأشار محللون عسكريون تحدثوا لـ"
عربي21" إلى أن موعد تخلي النظام السوري عن بعض معاقله الاستراتيجية قد اقترب، وأنه في طريقه للانكفاء على نفسه في حدود مناطق الساحل السوري وأجزاء من دمشق ومناطق من حمص.
صحيفة الأخبار اللبنانية، التابعة لحزب الله، عبرت في تقرير لها عن تخوفات النظام السوري وداعميه من التطور العسكري الأخير وقالت إنه بات لدى النظام السوري "اقتناع جازم بأن عليه التخلي عن الدفاع عن مناطق يعدّها غير استراتيجية، أو أصبحت كذلك، والحري أنه لم يعد يسعه الدفاع عنها سواء لبعدها عن سلطته المركزية في دمشق أو بسبب التعب الذي أصاب الجيش".
وأشارت الصحيفة إلى ملامح المرحلة العسكرية المقبلة، لافتة إلى أنه من المتوقع خلال الفترة القريبة، وبالتحديد في بداية رمضان، أن تشن المعارضة المسلحة هجوما على مناطق النظام في حلب وطرده منها، تليها معركة حمص "التي يتوقع أن تشهد بدورها حربا طاحنة كأحد الخطوط الحمر الرئيسية التي لا يزال نظام الأسد يتسلح بها".
ويشكل "الاستيلاء على حمص المدينة بابا عريضا على انهياره شبه الكامل. بيد أن سقوطها يعني كذلك سقوط كل الآمال في وجود خطوط حمر فعلية تحمي النظام، ما يشق الطريق إلى محافظة اللاذقية التي لا تزال في منأى عن هذه الحرب"، هذا ما تؤكده "الأخبار".
يشار إلى أن النظام السوري فقد السيطرة على حوالي 75% من الأراضي لصالح المعارضة المسلحة، ولم يعد تحت يده سوا العاصمة دمشق وحمص وحماة، ومناطق الساحل السوري على رأسها اللاذقية، وبعض الأحياء الغربية في حلب.
الخطة البديلة والخطوط الحمراء
ضمن كل المعطيات التي تشير إلى الخطر المحدق بالنظام، تقول الصحيفة إنه "للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في آذار 2011، عليه التفكير في الانتقال إلى "PLAN B". لم يخطر في باله أنه سيقترب منه يوما، ويجد نفسه في حاجة ماسة إليه".
"ما سرى في أوساط الرئيس السوري وقيادته العسكرية أن الجيش أهدر الكثير من قواه وألويته وشتتها، وقدّم ألوفا من ضباطه وعسكرييه، واستنزف قدراته على التحرك طوال أكثر من أربع سنوات" كما تقول الصحيفة.
وتضيف أنه في وسع النظام الدفاع عن المدن الرئيسية كدمشق وحمص وحماة واللاذقية والساحل وحلب وبعض مناطق الجنوب، ويترك للمسلحين المتطرفين الرمال والكثبان، في إشارة الى الأرياف والمناطق النائية والصحراء.
وأكدت الصحيفة أنه من غير المستبعد أن تكون موسكو وطهران على صلة مباشرة بهذا التقييم، وهما المعنيتان عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا في الداخل والخارج باستمرار النظام وتوفير كل الإمكانات اللازمة لتجنيبه الانهيار. "ترتكز وجهة نظر روسيا وإيران على أن
سوريا التي خبرتاها، ومن قبل خبرها النظام وحكمها بقوة، الموحدة والقوية، انتهت إلى غير رجعة وسقط معها وهم سوريا الواحدة، والعودة بها إلى تحت سلطة الرئيس الحالي".
دولة جديدة عنوانها الطائفية
يقول الخبير العسكري اللواء فايز الدوري لـ"
عربي21" إن مركز الثقل الاستراتيجي للنظام يمتد من الساحل (اللاذقية، جبلة، باناياس، طرطوس)، وحتى تل كلخ والقصير بحمص، وباتجاه القلمون ومن ثم إلى دمشق، وصولا إلى حماة.
وأضاف اللواء المتقاعد أن في تلك المناطق كثافة سكانية متواصلة، وهناك تجمعات شيعية في أطراف المدن "فهو يعتبر أن الكتلة الاستراتيجية هي ذات الأهمية القصوى، التي قد تسمح له الظروف الميدانية بأن ينشئ فيها دولته".
وأكد الدويري أن النظام قد لا يستطيع الدفاع عن خطوطه الحمراء، وسيتجه لربط "منطقة الساحل مع منطقة تل كلخ والقصير وسهل البقاع، أي أن يربط الدولة العلوية مع العمق الشيعي. وهذه رؤية تقول بعملية توافق بين الطائفة العلوية ولبنان".
وفي حديث لـ"
عربي21" توقع المحلل العسكري هشام خريسات أن يستميت النظام ومن خلفه إيران في حال لم تستطع الصمود في حماة وحمص، للسيطرة على المنطقة الغربية من دمشق، ومناطق في حمص ملاصقة للعاصمة، وامتدادا للاذقية.