نشرت صحيفة هافنجتون بوست، الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول حملة "بي دي أس" التي تهدف لمقاطعة "
إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها، وتسليط عقوبات عليها، تناولت فيه التشويه الإعلامي والضغوطات التي تتعرض لها هذه الحملة من قبل اللوبي الصهيوني والمؤسسات الغربية التي تربطها مصالح بـ"إسرائيل".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه لا يكاد يمر يوم في
فرنسا، دون أن تطالع بعض وسائل الإعلام التقليدية أو الرقمية متابعيها بشائعات، وتقارير خيالية حول انتهاكات تقترفها حملة مقاطعة "إسرائيل" ضد الديانة
اليهودية.
وأشارت في هذا السياق إلى ادعاءات سيدة، في إحدى مدن الجنوب الفرنسي، أنها سمعت شعارات معادية لليهود خلال اجتماع عام لحملة
المقاطعة، في حين أن تلك السيدة ليست إلا رئيسة الفرع المحلي لمجلس تمثيل المؤسسات اليهودية في فرنسا، المعروف باختصار بـ"سي آر آي إف".
وأضافت الصحيفة أيضا أن أشخاصا يعملون ضمن الرابطة الدولية لمكافحة العنصرية ومعاداة السامية "إل آي سي آر إي"؛ تحدث عن سماعه شعارات من قبيل "الموت لليهود"، و"يجب أن نطرد اليهود"، رغم أن الشرطة كانت حاضرة في مكان وقوع هذه الحادثة المزعومة، ولم تسجل حدوث أي تجاوات.
وذكرت الصحيفة أنه في مدينة أخرى، قام بعض أعضاء هذه الرابطة بشن حملة تخويف وتشويه كبيرة، ضد مجموعة من الفلسطينيين الذين كانوا يتظاهرون مطالبين برفع الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على الفلسطينيين.
ولتوضيح دوافع حملة المقاطعة، ودحض الادعاءات التي تربط بينها وبين النازية ومعاداة السامية، أوردت الصحيفة بيان محكمة العدل الدولية، الصادر في 9 تموز/ يوليو 2004 في مدينة لاهاي، بطلب من منظمة الأمم المتحدة، حول المضاعفات القانونية التي ستواجهها "إسرائيل" في حال تعنتت، وواصلت في مشروع بناء جدار عازل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967.
وينص هذا البيان على أن: " تشييد الجدار العازل من قبل إسرائيل، باعتبارها قوة محتلة، داخل الأراضي الفلسطينية، وداخل وحول القدس الشرقية، والنظام الذي سينتج عنها، تعتبر كلها مخالفة للقانون الدولي".
وبينت الصحيفة أن عبارة "النظام الذي سينتج عنها" في بيان المحكمة الدولية، تعود على نظام الفصل العنصري الذي أنشأته "إسرائيل" منذ سنة 1948، وعززته داخل الأراضي المحتلة منذ 1967. كما ذكّرت النقطة الرابعة في هذا البيان؛ الدول الموقعة على المعاهدات الدولية، ومنها فرنسا، بواجبها المتمثل في القيام بكل ما يلزم لمواجهة "إسرائيل"، ومنعها من تحقيق هذا المشروع الإجرامي.
ولكن المجتمع الدولي، كما تقول الصحيفة، لم يستجب لدعوة المحكمة الدولية خلال السنة التالية لصدور البيان، ولهذا قرر المجتمع المدني الفلسطيني بالإجماع، في 9 تموز/ يوليو 2005، إطلاق حملة مقاطعة ضد "إسرائيل"، على غرار حملة مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، باعتبارها كيانا محتلا.
وأضافت الصحيفة أن هذه الحملة استغرقت وقتا من الزمن لتستقر داخل فرنسا، وواجهت صعوبات بسبب تخوف بعض الناس من أن تكون حملة عنصرية أو معادية للسامية، ولكنها اليوم أصبحت جزءا من المشهد الفرنسي، كما هي جزء من المشهد الدولي، ولم يعد ممكنا إيقافها عبر الأكاذيب والتشويه وربطها بالنازية، لأن هذه الحملة أصبحت بين يدي رجال ونساء نزيهين، وتحظى بتفهم الجميع باعتبارها سلاحا بديلا وسلميا، لا علاقة له بالعنصرية ومعاداة السامية، كما تقول الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الحملات الإعلامية التي يشنها المولون لـ"إسرائيل" داخل فرنسا، لم تعد قادرة على التعتيم على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة في قطاع غزة المحاصر، لأنه لم يعد مقبولا أن تواصل "إسرائيل" خرق القانون الدولي والقيم الإنسانية، وتجاهل القرارات الأممية.