نشرت صحيفة لوموند الفرنسية، حوارا أجرته مع
معصومة ابتكار، نائبة الرئيس
الإيراني حسن روحاني، ومديرة المنظمة الإيرانية للبيئة، تناولت فيه مسألة التغييرات المحتملة في العلاقة بين إيران والغرب، في ضوء نتائج المفاوضات النووية الجارية، وأسباب انعدام الثقة بين طهران وواشنطن، ورأيها في التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، وموقف واشنطن من
تنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن ابتكار، البالغة من العمر 54 سنة، والتي برزت في الماضي كمتحدثة باسم الطلبة الذين احتجزوا موظفي السفارة الأمريكية في طهران على أثر ثورة سنة 1979، تتوقع انفراجا في العلاقات بين إيران وبين الغرب، ولكنها تؤكد أن العلاقات بين طهران وواشنطن لن تصبح "طبيعية أبدا".
ونقلت الصحيفة عن ابتكار قولها إن "المفاوضات النووية الجارية تهدف إلى إنهاء خلاف متواصل منذ سنوات، كانت له تأثيرات ثقيلة على الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات. وفي عالم أصبحت فيه أغلب الخلافات تحل بالحروب والعنف؛ فإن الجلوس على طاولة المفاوضات بحد ذاته يعد مكسبا".
وأكدت ابتكار أنها "لا تعتقد أن العلاقات بين الولايات المتحدة وطهران ستصبح حميمية بعد توقيع الاتفاق، بالنظر إلى وجود تاريخ طويل من الخلافات. كما أن تدخل واشنطن في أفغانستان والعراق، وسعيها لتأجيج الفتنة السنية الشيعية، ودعمها النظام الإسرائيلي الصهيوني، هي أخطاء لا يمكن نسيانها بين ليلة وضحاها.. ولكن رغم ذلك، إذا قبلت واشنطن بالعمل على إرساء السلام والاستقرار في المنطقة، فإن التعاون بين البلدين سيكون ممكنا".
وقالت إن "واشنطن لا ترغب فعلا في القضاء على تنظيم الدولة، كما أن الكثيرين يعتبرون أن هذا التنظيم صنعته الاستخبارات الأمريكية، بهدف زرع الفوضى والخوف في العالم، وإشعال الحروب بين الدول المسلمة. كما أن سياسة ازدواجية المعايير، وغزو العراق وأفغانستان، وإرسال الأسلحة والمقاتلين لسوريا، والموقف من القضية الفلسطينية، كلها عوامل أدت لتعميق المشاعر السلبية تجاه الولايات المتحدة في المنطقة".
وحذرت ابتكار من "عجز المجتمع الدولي عن حل المشاكل المتعلقة بالعنف والتطرف، وانتشار اليأس من إمكانية تحسين الأوضاع في العالم"، معتبرة أن "تنديد منظمة الأمم المتحدة بالجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والتقاء إيران والغرب على طاولة واحدة للتحاور، تعد كلها إشارات إيجابية تعطي الأمل بأن حل النزاعات في هذا العالم ممكن بطرق أخرى غير استعمال القوة".
وحول الدور الذي لعبته في عملية احتجاز الرهائن الأمريكان في سنة 1979؛ قالت معصومة: "لقد تغيرت أشياء كثيرة منذ ذلك الوقت، وقد أصبحت مهتمة أكثر بمسائل أخرى كالبيئة ونشر السلام، ولكن هذا لا يعني أني ندمت على مشاركتي في تلك الأحداث؛ لأن تلك الفترة طبعتها ظروف خاصة جدا، إذ إن إيران بعد الثورة كانت في وضع حساس للغاية، والجميع كان يخشى حدوث انقلاب جديد، مثل الذي نفذته الاستخبارات الأمريكية ضد رئيس الوزراء محمد مصدق في سنة 1953.. وبهدف حماية الثورة، قام الطلبة بالخروج عن المألوف واتخاذ قرار جريء".
وبخصوص الموقف الفرنسي المتصلب تجاه إيران خلال المفاوضات النووية؛ قالت نائبة الرئيس الإيراني إنها "خلال لقائها بوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، خلال شهر أيار/ مايو الماضي في باريس، شددت على أن فرنسا يمكنها لعب دور إيجابي في ملفين مهمين، هما الملف النووي، ومسألة قمة المناخ التي ستنعقد نهاية العام الحالي، في العاصمة الفرنسية".
وأكدت معصومة أن من يريدون السلام في العالم يجب عليهم الاعتراف بأهمية إيران، خاصة وأن حكومة حسن روحاني تعتمد سياسات معتدلة، والمرشد الأعلى علي خامنئي يساند خيار التفاوض مع الغرب، "ورغم التوترات التي شابت المحادثات في البداية، فإن فرنسا مطالبة ببذل جهد للخروج باتفاق بين إيران والغرب".
وقالت إن الرئيس روحاني، منذ وصوله للحكم في آب/ أغسطس 2013، مهتم بمسألة البيئة والمناخ، وقد خصصت الحكومة لأول مرة ميزانية موجهة للحفاظ على المناطق الطبيعية، وبعد 10 سنوات من الجفاف، عادت المياه لتتدفق في بحيرة حور العظيم، الواقعة في الجنوب الغربي الإيراني، بفضل مبادرة مشتركة من الحكومة ومنظمة الحفاظ على البيئة، كما أنه "ارتفع عدد المنظمات الناشطة في المجال البيئي من 300 إلى 700 تحت حكم روحاني، وتم منع استعمال البنزين المغشوش في المدن الكبرى، وتعويضه بنوع آخر أقل ضررا على البيئة، ما أدى لتحسين جودة الهواء في هذه المدن".
وتساءلت صحيفة "لوموند" حول انفتاح المجتمع الإيراني وتطلعات الشباب، وخاصة في ظل منع النساء من حضور مباريات الكرة الطائرة، وتواصل سطوة الشرطة الدينية. واعتبرت معصومة أن سياسة المنع والتضييق لم تعد صالحة لهذا العصر، "ولكن تطلعات الشباب الإيراني لا تنحصر في الرغبة في حضور مباريات رياضية، فالمطلب الملح بالنسبة له هو التشغيل، ولحل هذه المسائل يجب إرساء حوار اجتماعي وسياسي بين الأجيال، والاستجابة لمطالبه، لأن الثورة الإيرانية في الماضي قام بها الشباب، والجيل الجديد أيضا له الحق في تقرير طريقة عيشه".