تساءل كاتب
لبناني إن كان
حزب الله سيبقى يرى
إسرائيل عدوا، أم سيعمل على التكيف مع ما يخيط له
الإيراني من عباءة جديدة بديلا عن عباءة المقاومة، اسمها هذه المرة "محاربة الإرهاب".
وقال الكاتب عماد
قمحية في موقع صحيفة "جنوبية" اللبنانية: "يبدو أنّ الاتفاق النووي جعل حزب الله يتخبط وحيدا، ويحاول تفهم ما حصل؛ لكي يتأقلم في الوضع الجديد. والجديد هو أن يتكيّف مع أن يعتاد على ما يخيط له الإيراني من عباءة جديدة بديلا عن عباءة المقاومة، اسمها هذه المرة "محاربة الإرهاب". فهل ستبقى إسرائيل "عدوّه"؟ ورأى الكاتب أن "طارئا طرأ على مسيرة حزب الله في السنوات الأخيرة من تحول استراتيجي، على الأقل في نظر جمهور واسع يمتد على مساحة العالمين العربي والإسلامي.
وأشار قمحية إلى أن "حزب الله تحول من حزب مجاهد يقاوم الاحتلال الإسرائيلي كونه محتلا وعدوا مغتصبا لأراض لبنانية، لا كون هذا العدو يشكل حجر عثرة أمام المصالح الإيرانية في المنطقة، فالفارق واضح تماما بين الخلفيتين، فإسرائيل العدو للبنان والعرب هي ليست ذاتها إسرائيل عدوة المصالح الإيرانية.
واعتبر الكاتب اللبناني الشيعي أن "التلازم بين الأمرين ليس سرمديا، والثابت في الحالة الأولى هو غيره في الحالة الثانية، التي يكون فيها محكوما فقط لقاعدة المصالح؛ حيث لا ديمومة واستمرار في عالم مصالح الدول، وإن مساحة التقاطع الإيجابي بالعداء لإسرائيل بين "المقاومة" من جهة وإيران من جهة أخرى، قد تضيق بلحظة مصلحية ترى فيها إيران أن مصالحها الآن قد لا تستوجب حالة العداء لإسرائيل. هذا إن لم نقل أن المهادنة والمجاراة لها قد تكون هي الوسيلة التي تراها إيران انجح لتأمين مصالحها".
وتابع أن "حزب الله قد نجح طيلة الفترة الماضية باللعب على تلك المساحة المشتركة من العداء الإيراني واللبناني العربي لإسرائيل، واستفاد منها ليقدم نفسه على أنه حزب مقاوم مدعوم إيرانيا، واستطاع أن يحقق إنجازات لا يمكن لذي عينين أن ينكرها له، ليس أقلها تحرير جنوب لبنان، والمساهمة في دعم حركات المقاومة في الداخل الفلسطيني كالجهاد وحماس".
وواصل قمحية في مقاله: "كما أنّه نجح إلى حدّ كبير باستمرار التلطّي خلف تاريخه المقاوم، حتّى وهو يدافع عن المصالح الإيرانية بالمنطقة، وعند السعي لتحقيق مكاسبه الحزبية والسياسية التي يعمل عليها من أجل تقوية حضوره، وبالتالي الحضور الإيراني عبر استعمال يافطة المقاومة والعداء لإسرائيل، وخلفها أميركا طبعا"، فصوت الجنوبي والشيعي والبقاعي والبيروتي في الانتخابات النيابية اللبنانية كان "رصاصة في جعبة مقاوم"، ومرشحّو حزب الله لأصغر مجلس بلدي إنما هم "مقاومون" في مقابل أي لائحة أخرى تحتوي على آخرين يتحولون إلى مجرد "عملاء" حتما، حتّى وإن كان من ضمن هؤلاء من هو خارج للتو من السجون الإسرائيلية، كما جرى مع المناضل الشيوعي أنور ياسين، وكذلك هي الحال مع خصومه السياسيين. فكان يكتفي ببساطة أن يقدمهم على أنهم يريدون شرا بالمقاومة أو بواحدة من أدواتها كشبكة الاتصالات، ليصبح مباحا له أن يتجاوز كل الدساتير والنظم اللبنانية من أجل إسقاطهم وحتى نفيهم خارج البلاد".
ولفت إلى أن "حزب الله بقي طيلة هذه السنوات يمارس دوره الطبيعي كرأس حربة بالدفاع عن المصالح الإيرانية، متدثرا بعباءة العداء لإسرائيل وأمريكا، هذه العباءة المقدسة التي يمكنها أن تستر خلفها أي موبقة مهما كبر حجمها واشتد وقعها، من معامل الكبتاغون مرورا بالاتجار بالأدوية المزورة، واجتياح بيروت ووصولا حتى المشاركة بالقتال إلى جانب نظام بشار الأسد".
وختم الكاتب قمحية مقاله بالقول: "أمّا وقد جاءت لحظة الحقيقة، ونزع عن أكتاف الحزب رداء العداء لأمريكا، ومن خلفها طبعا ربيبتها إسرائيل، وصار لأي حديث عن مناهضة المشروع الأمريكي بالمنطقة من قبل المحور الإيراني هو أقرب ما يكون لمزحة سمجة بعد التوقيع على الاتفاق بين إيران والغرب، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، فإنّ هذا التوقيع جعل من حزب الله فجأة وحيدا في مساحة مكشوفة تحت الشمس، وأمام عيون العالم، فإن كنا اعتدنا على حزب الله بعباءة المقاومة الجميلة والرائعة، فمن غير المعلوم كيف سيبدو شكله الجديد بعباءته الجديدة".