نشرت صحيفة "فانتكاتر أور" السويسرية، الناطقة بالفرنسية، تقريرا تعرضت فيه إلى الخلاف الذي برز داخل الطبقة السياسية
الإيرانية، حول موضوع إلزامية وضع
الحجاب على جميع
النساء، وخاصة على العاملات بالإدارات، حيث يرى المعتدلون أن فرض تعاليم الإسلام في البلاد ليس من شأن الشرطة، بينما يصر المتشددون على فرض غرامات مالية على "المسيئات للحجاب".
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الفتيات الإيرانيات يتفنن في التحايل على القيود المفروضة على طريقة لباسهن، والتي تفرض عليهن تغطية شعورهن وأجسادهن في الأماكن للعامة، حيث تعمد الفتيات إلى الخروج وهن مرتديات لسراويل ضيقة، أو تاركات بعضا من شعرهن بارزا أمام الناس.
وذكرت أن النساء في الجمهورية الإيرانية قد بدأن بالخروج عن صمتهن، عندما تم الإعلان عن مشروع قانون جديد يدعو إلى مزيد من التشدد في المراقبة، ويحدد بصفة دقيقة المواصفات المسموح بها بالنسبة للباس الفتيات وحجابهن، وهو ما يعني المزيد من التضييق والتدخل في شؤونهن الخاصة، كما تقول الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن موقع "إيران واير"، الناطق بالفارسية، الحوار الذي تم إجراؤه الأسبوع الماضي مع النائب المحافظ نصر الله بيمنفر، الذي أعلن من خلاله أنه يعتزم تقديم مشروع قانون للبرلمان الإيراني يهدف إلى تشديد العقوبات المالية المفروضة على "المسيئات للحجاب"، من العاملات بالإدارات، وكل النساء اللاتي "لا تحترمن الحجاب وهن بصدد قيادة السيارة".
وأكدت أن هذا النائب، العضو في اللجنة البرلمانية للشؤون الثقافية والمعارض اللدود للرئيس حسن روحاني، يريد رفع الغرامة المالية لتصل إلى مليون ريال إيراني، إضافة إلى مصادرة السيارة لمدة ثلاثة أيام، واقتطاع مبلغ "غير محدد" من أجور العاملات بالقطاعات العمومي في حالة تكرار المخالفة.
ونقلت الصحيفة عن محلل سياسي إيراني، فضّل عدم ذكر اسمه، أنه "من الصعب جدا أن يتم فعلا تمرير هذه المقترحات. فمع اقتراب موعد الانتخابات المقررة بعد ستة أشهر، يقوم العديد من السياسيين ببعض التصريحات المثيرة للجدل، بهدف إلى الدعاية وجلب الانتباه فقط".
كما أشارت إلى أن روحاني قد انتقد، في مناسبات عدة، الصبغة الإجبارية للحجاب، وطرق الترهيب المعتمدة من قبل الشرطة الإيرانية، وخاصة شرطة الآداب المختصة في فرض احترام اللباس الإسلامي.
ولفتت إلى أن روحاني كان قد صرح خلال اجتماع مع الأجهزة الأمنية في البلاد بأن "فرض تعاليم الإسلام ليس من مهام الشرطة"، الأمر الذي أنبأ بفشل الإجراءات المقترحة ضد حرية المرأة، وأثار حفيظة رجال الدين.
واعتبرت الصحيفة أن الوزن الديمغرافي للشباب في المجتمع له دور كبير في تحديد التغييرات التي تطرأ على المجتمع الإيراني، وفي التفسيرات المختلفة للقواعد الدينية من حيث تقبلها، وتغييرها، أو رفضها والتمرد عليها، باعتبار أن أغلبية سكان إيران، الذين يبلغون إجمالا 80 مليون نسمة، هم من الشباب الذين لم يبلغوا سن الثلاثين بعد.
ونقلت عن سيما، الإيرانية البالغة من العمر 26 عاما، أن "لبس الحجاب أو خلعه ليس له أية علاقة بإيمانها، وأن عدم إتاحة حرية الاختيار، والضغط المفروض على الإيرانيات، يولدان نوعا من "ثقافة الكذب"، يتعود الشخص من خلالها على ارتداء قناع معين إلى أن يفقد كل اتصال بذاته الحقيقية"، حسب تعبيرها.
وفي الختام، أكدت الصحيفة السويسرية أن الخلاف السياسي المحتدم حول موضوع الإجبار على الحجاب هو واقع لا يمكن التغاضي عنه، خاصة وأن آية الله شيرازي، الشخصية الدينية ذات النفوذ الكبير في إيران، لا يزال يصر على "فرض الحجاب لأنه من دون حجاب لا توجد دولة إسلامية".