نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا عن تعثر الجهود لاستعادة الأراضي التي سيطر عليها
تنظيم الدولة في
العراق، وخطط إدارة
أوباما لحملة عسكرية أشد في
سوريا، حيث نجحت القوات الكردية، التي تدعمها أمريكا، في تحقيق انتصارات مفاجئة في الأشهر الأخيرة.
ويشير التقرير إلى أن هذه الجهود، التي ستبدأ بزيادة الضغط على معقل التنظيم في
الرقة، تشكل تحولا مهما في استراتيجية الإدارة الأمريكية التي كانت تقدم هزيمة التنظيم المتطرف في العراق، ولا ترى في سوريا مكانا لنجاح الحرب عليه.
وتذكر الصحيفة أن كبار مسؤولي الأمن اجتمعوا في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، وسيجتمعون مرة أخرى خلال أيام لمناقشة سبل الاستفادة من الانتصارات غير المتوقعة للقوات غير النظامية في سوريا حديثا، مشيرة إلى أن الإدارة تفكر بإمداد عدد أكبر من مجموعات الثوار في سوريا بالسلاح والعتاد، وتخفيف التدقيق، وهو ما يورط أمريكا بشكل أعمق في الحرب الأهلية في سوريا.
ويجد التقرير أن مثل هذا التحرك سيخفف من بعض الضوابط التي تسببت في بطء تقدم برنامج البنتاغون في تدريب المقاتلين السوريين في تركيا ومواقع أخرى خارج سوريا، فبدلا من إخضاع الثوار لعمليات الغربلة قبل وبعد بدء التدريب، قد يقرر المسؤولون الأمريكيون أن يحصروا إجراء الغربلة هذه لقادة الوحدات التي في المعركة. وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: "المهم أن نوصل لهم بعض الرصاص".
وتلفت الصحيفة إلى أنه يدفع لهذا التغيير بشكل جزئي الإحباط الحاصل بسبب تعثر الحرب في العراق، حيث يراوح هجوم الجيش العراقي على الرمادي مكانه، ويتوقع أن يتأخر الهجوم لاستعادة الموصل، الذي خطط له أن يكون هذا العام، إلى ما بعد مغادرة أوباما للرئاسة.
وينقل التقرير عن مسؤول أمريكي آخر، اشترط عدم ذكر اسمه للحديث في موضوع العمليات العسكرية، قوله: "لدينا فرص الآن في سوريا لم نكن نتوقع توفرها. فلدينا فرصة أن نضغط على الرقة، ولدينا فرصة أن نأخذ الحدود التركية كلها من تنظيم الدولة، ولم نكن نتوقع أن بإمكاننا فعل ذلك".
وتبين الصحيفة أن الهدف هو عزل الرقة، وهي معقل تنظيم الدولة، لمنع قادة التنظيم من إرسال المقاتلين والإمدادات من سوريا إلى الموصل.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن المسؤولين يأملون بتكرار نجاح وحدات الحماية الشعبية هذا الصيف، حيث تم طرد تنظيم الدولة من تل أبيض ومناطق أخرى قريبة من الحدود التركية، ما جعل التنظيم في موقف ضعيف، خاصة مع عدم تمكنه من جلب مقاتلين جدد وأسلحة من تركيا.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن البيت الأبيض قد يقرر تقديم الأسلحة والمعدات للائتلاف الوطني السوري، أملا بأن يشارك الائتلاف القوات الكردية في قتال تنظيم الدولة، ودفعه من الحدود التركية باتجاه الرقة.
ويذكر التقرير أنه إذا تمت المصادقة على هذه الخطة، فستكون هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها أمريكا أسلحة بشكل مباشر لمجموعات مسلحة داخل سوريا، غير المقاتلين الذين دربتهم أمريكا في تركيا. وتدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" برنامج التدريب والتسليح الخاص بها للثوار السوريين.
وتكشف الصحيفة عن أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنه لم يتم اتخاذ قرار بعد، وإن البيت الأبيض قد يستمر في توجهه ذاته في سوريا، الذي يتضمن الغارات الجوية والدعم المباشر للقوات المدربة أمريكيا، وغير المباشر لبعض القوى الأخرى.
وبحسب التقرير، فقد أقر الجنرال لويد أوستن الثالث، الذي يترأس القيادة المركزية، بأن هناك "أربعة أو خمسة" مقاتلين دربتهم أمريكا يقاتلون في سوريا. ومنذ ذلك الحين أنهى 71 آخرين تدريبهم وعادوا إلى سوريا، بحسب المسؤولين الأمريكيين.
وتنوه الصحيفة إلى أن المسؤولين الأمريكيين يفكرون بتدريب عدد أقل من الجنود الذين يقومون بتوجيه الطيران العسكري، وتنسيق أي هجمات برية، بدلا من إنشاء وحدات مقاتلة كاملة، لافتة إلى أنه سيتم إلحاق هؤلاء الجنود المدربين بالوحدات المقاتلة في سوريا والتابعة للائتلاف.
وينقل التقرير عن أحد المسؤولين الكبار قوله: "من المبكر الحديث عن تغييرات جذرية في ذلك البرنامج، في الوقت الذي نراجع فيه جهودنا السابقة ونقيمها".
وتوضح الصحيفة أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى أن تستخدم قرار تركيا للسماح بطيران المقاتلات الأمريكية من قاعدة "إنجيرليك" الجوية، لتقوم بإغلاق الحدود التركية السورية.
ويشير التقرير إلى أنه تم طرد القوات المحلية من مدينة الرمادي في العراق خلال الصيف، وتحاول استعادتها، ولكن فرصة تحقيق أي نجاح قريب تبدو ضئيلة.
وتذكر الصحيفة أن الهجوم تعثر بسبب الأحزمة الدفاعية من القنابل المدفونة، بالإضافة إلى محدودية إمكانيات الجيش العراقي، الذي يضم عددا ضئيلا من الفرق المتخصصة في الكشف عن المتفجرات وتأمينها. وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن هناك فريقين فقط بقيا في الرمادي.
ويكشف التقرير عن أن القوات العراقية لم تستغل الفرص التي منحتها إياها الغارات الجوية الأمريكية، بحسب المسؤولين الأمريكيين. بينما يقول القادة العسكريون العراقيون إن الدعم الجوي الأمريكي إما أنه غير كاف، وإما أنه بطيء جدا. كما تأخرت القوات العراقية في الرمادي بسبب مقتل قائدين رئيسيين.
وتنقل الصحيفة عن أوباما قوله إنه يفكر في استخدام طائرات الأباتشي الأمريكية، بالرغم من أنها عرضة للهجمات من الأرض، أو أن يدخل قوات عمليات خاصة ومستشارين في التشكيلات العسكرية العراقية، مشيرا إلى أن مثل هؤلاء الجنود قد يجلبون الثقة إلى ساحة المعركة، ويساعدون في توجيه الطائرات.
ويستدرك التقرير بأن ما يقلق الجنرالات في البنتاغون هو أن أي خسائر تهدد التأييد الذي يحظى فيه التدخل الأمريكي في العراق، بالرغم من أنهم لم يقدموا لأوباما الخيارات الأخطر.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن الخيارات المطروحة في سوريا لن تضع الجنود الأمريكيين في خطر أكبر، ولكن هناك مخاطر محتملة، لافتة إلى أنه يمكن للأسلحة التي تقدمها أمريكا أن تقع في الأيدي الخطأ، كما أن زيادة الدعم للأكراد ستزعج الحليف التركي، الذي يخشى من قيام كيان كردي على حدوده.