عاش
قضاء بلد، ذو الأغلبية الشيعية، حالة توتر خلال الفترة الماضية، بين عشائر القضاء وسرايا الخراساني الشيعية، على خلفية مقتل القيادي في السرايا جواد الحسناوي، في نيسان/ أبريل الماضي. لكن التطور الأبرز كان تبليغ العشائر بتهديدات صدرت مؤخرا عن الجنرال الإيراني قاسم
سليماني؛ بمعاقبة أهالي القضاء، وهو التهديد الذي واجهته عشائر القضاء بطرد
سرايا الخراساني المحسوبة على سليماني من القضاء.
فمنذ أكثر من عام، ومع وجود قوات من الجيش
العراقي والشرطة المحلية، إلا أن الملف الأمني في قضاء بلد شمال العاصمة يتولى إدارته لواء علي الأكبر، أحد فصائل مليشيا الحشد الشعبي، بالتنسيق مع سرايا الخراساني المرتبطة مباشرة بمكتب المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، وذلك في أعقاب انسحاب تنظيم الدولة من القضاء إلى المناطق المحيطة به، والتي تقطنها أغلبية سنية.
وفي أعقاب انسحاب سرايا الخراساني من القضاء، تواصلت "
عربي21" مع القيادي في السرايا، حيدر سويّد، لاستيضاح ملابسات قرار الانسحاب، فقال: "بعد تحرير القضاء من تنظيم الدولة، بسط الحشد الشعبي سيطرته على القضاء قبل أكثر من عام، واستلم فصيلنا وفصيل لواء علي الأكبر الملف الأمني لحمايته من التنظيم بناء على أوامر من جهات عليا"، لم يسمها بالاسم.
وحول مجريات الأحداث، أوضح سويّد لـ"
عربي21"؛ أنه "كانت البداية مجرد خلافات بين أحد قيادات السرايا المرتبط بعلاقات عميقة بالجنرال سليماني، مع بعض وجهاء العشائر المتاجرين بالمواقف بغية الحصول على بعض المكاسب الشخصية، أدت إلى اشتباكات مع إحدى العشائر الشيعية، وتمت تسويتها بتدخلات من شيوخ عشائر ومسؤولين"، وفق قوله.
وأضاف: "لكن مع الأسف فوجئنا باغتيال القيادي جواد الحسناوي مع بعض مرافقيه على يد أبناء تلك العشيرة، ولم تمر سوى أيام حتى بلغت تفاصيل الحادث الجنرال سليماني الذي توعد بالانتقام من عشائر القضاء ما لم يتخذ القضاء العراقي إجراءات رادعة".
ويُلقي القيادي في سرايا الخراساني باللائمة على "أطراف متنفذة"، أحجم عن ذكرها بالاسم، متهما إياها "بالتآمر للاستيلاء على القضاء، والاستئثار بما يمكن أن يحقق لها مصالح مادية"، وعبر عن أسفه لأن "تكون عمليات تحرير المدن تجارة رابحة لقيادات ادعت مشاركتها بتحريرها، في الوقت الذي لدينا ما يثبتْ أنها لم تغادر مكاتبها في أوج عنفوان المعارك وأشرسها"، على حد وصفه.
من جانب آخر، يرفض مصدر عشائري من قضاء بلد؛ تهديدات الجنرال قاسم سليماني لعشائر القضاء بالانتقام لمقتل القيادي في سرايا الخراساني جواد الحسناوي، "في حين يتغاضى عن تصرفات تلك
المليشيات الذي يوحي بأنها فوق القانون والمساءلة، وكأن القضاء ملك صرف لها"، على حد تعبير المصدر العشائري لـ"
عربي21".
وعن دواعي اتخاذ قرار إبعاد سرايا الخراساني من القضاء، يضيف المصدر العشائري، "إننا نخشى من تطور الخلافات إلى اشتباكات يَصعب السيطرة عليها، وهو ما قد يتيح الفرصة أمام تنظيم الدولة للسيطرة على القضاء، لهذا استجابت سرايا الخراساني لطلبنا الذي أمهلناهم فيه عدة أيام للانسحاب من القضاء"، وفق قوله.
وفي ختامِ حديثه لـ"
عربي21"، أطلق المصدر العشائري رسالة شديدة اللهجة إلى الجنرال سليماني، قائلا: "نقول لقاسم سليماني لم ندعكَ من قبل لتقاتل تنظيم الدولة نيابة عنا كي ترى في نفسك اليوم حاكما على أهالي بلد وتهددهم بأشد العقوبات، فللقضاء أهله وعشائره، وهم أسياده دون غيرهم"، بحسب تعبيره.
يذكر أن سرايا الخراساني، الجناح العسكري لحزب الطليعة الإسلامي الذي يقوده علي الياسري، أعلنت عن نفسها لأول مرة في سوريا خريف العام 2013، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما أعلنت عن بعض عملياتها العسكرية في ريف دمشق "دفاعا عن ضريح السيدة زينب"، لكنها ما لبثت أن عادت إلى العراق بعد إعلان المرجع الشيعي علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي إثر اجتياح تنظيم الدولة مدينة الموصل، منتصف العام الماضي. وتنفرد سرايا الخراساني بارتباطها المباشر مع مكتب خامنئي.