بث تلفزيون "سما" التابع للنظام السوري "اعترافات" لشاب قال إن اسمه "مأمون بشر
الجالودي"، وأنه كان المرافق الشخصي لرئيس المكتب السياسي في حركة "
حماس" خالد
مشعل، تحدث فيها عن تفاصيل دور مزعوم لحماس في دعم وتدريب فصائل سورية معارضة لنظام الأسد.
وبدا الشاب الذي يدلي بالاعترافات منهكا، وظهرت عليه علامات التعب والإرهاق بسبب ما يمكن أن يكون قد تعرض له أثناء الاعتقال من تعذيب أو ظروف قاسية. ولم يعرف وقت تسجيل الفيديو الذي استغرق ساعة كاملة، كما لم تشر أقوال الشاب الذي يظهر فيه إلى تاريخ وكيفية اعتقاله من قبل الأمن السوري، لكن مصادر خاصة قالت لصحيفة "
عربي21" إنه اعتقل منذ 4 شهور، بينما كان يحاول مغادرة مخيم اليرموك بعد سيطرة تنظيم الدولة على أجزاء منه.
وأقر الجالودي (43 عاما) في التسجيل المصور بدعم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" للثورة السورية، وإشرافها على تدريب عدة فصائل أبرزها "أحرار الشام"، و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، و"فيلق الشام".
وقال الجالودي، أو "أبو جودت" كما يلقب، إنه يحمل الجوازين الأردني، والفلسطيني، مضيفا: "ولدت ونشأت في الكويت وفيها تنظمت ضمن جماعة الإخوان المسلمين، وسافرت إلى الباكستان عام 1989، ودرست وعملت فيها بالمجال الإغاثي حتى عام 1996.
وبين الجالودي أنه بدأ بالعمل في
سوريا مع المكتب السياسي لـ"حماس" منذ العام 2001، قبل أن يتحول للعمل بالحراسات الأمنية لقيادات الحركة في العام 2004.
وقال الشاب الذي يظهر في فيديو الاعترافات، إن قيادات جماعات الإخوان المسلمين في عدة دول عقدت اجتماعا سريا دون علم الحكومة السورية بمزرعة في منطقة صحنايا بريف دمشق.
وأضاف الجالودي أن "الحضور كان من المغرب، فلسطين، الأردن، لبنان، السودان، اليمن، ماليزيا، أندونيسيا، وغيرها من الدول.. وقد صدر عن الاجتماع قرار بدعم
الثورة السورية، وفتح قنوات اتصال مع علماء ومشايخ داعمين للثورة، وإخراج قيادات حماس من سوريا". لكن مصدرا رفيعا في حماس اتصلت به "عربي21"، نفى بشدة هذه المعلومة، مضيفا أنها محاولة من النظام "لتثبيت تورط الإخوان في كل مكان في الأحداث الجارية في سوريا منذ بدئها".
وحول دعم "حماس" للثورة السورية، قال "الجالودي" إنه بدأ شخصيا بتدريب مقاتلين فلسطينيين من مخيمات اللجوء في سوريا، وآخرين سوريين من الجيش الحر على استخدام السلاح في منطقة دروشا بريف دمشق.
وتابع: "بداية تدريب الحركة لفصائل سورية منظمة كانت نهاية عام 2011، حيث قمنا بتدريب كتائب الصحابة في داريا، ومن ثم أرسلنا مدربين إلى مدينة سرمدا بريف إدلب، ودارة عزة في ريف حلب للإشراف على تدريب كتائب أحرار الشام بداية 2012".
وأضاف: "من الفصائل التي دربناها أيضا، لواء التوحيد بقيادة عبد القادر صالح، صقور إدلب بقيادة أبو عيسى (يبدو أنه يقصد صقور الشام في إدلب بقيادة أبو عيسى الشيخ)، فيلق الشام بقيادة أبو عبادة الحمصي".
وأكد "الجالودي" عقد عدة دورات تدريبية مكثفة للفصائل المذكورة سابقا، مضيفا: "بعد ذلك، تم عقد دورات لكتائب لواء الحبيب المصطفى، وشباب الهدى (الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام) بقيادة أبو محمد الفاتح في ريف دمشق".
وأشار إلى أن حماس قامت بتدريب مجموعات صغيرة في درعا جنوبي سوريا، مثل كتائب "ابن تيمية"، و"مشروع أمة"، و "الأجناد"، وغيرها.
كما كشف "الجالودي"، بحسب ما يظهر في المقابلة التي نشرتها قناة سما، أن الحركة درّبت كتائب "الأنصار" في مدينة حمص، ومن ثم قامت الكتائب بإرسال مجموعة من عناصرها إلى محافظة عكار اللبنانية.
ووفقا "للجالودي"، فإنه تولى منصب "المسؤول الأمني" في كتائب "أكناف بيت المقدس" العاملة داخل مخيم اليرموك، التي ذاع سيطها قبل شهور بعد اقتتالها مع تنظيم الدولة.
وبين "الجالودي" أن "أكناف بيت المقدس" كانت تتلقى شهريا 10 آلاف دولار من قبل قيادي في حركة "حماس"، مشيرا إلى أن "الأكناف" قامت بعدد من العمليات ضد جيش النظام بالتعاون مع فصائل أخرى، كما قامت بالاشتباك مع الفصائل الفلسطينية الموالية لنظام الأسد عدة مرات.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي تبث فيها فضائيات تابعة للنظام السوري اعترافات لمعتقلين بهذا الشكل، وهي اعترافات تعتبر مثارا للجدل والشكوك، حيث يتم بثها بالتنسيق مع قوى الأمن السورية، التي تتهمها منظمات حقوقية محلية ودولية بنزع اعترافات من المعتقلين تحت أشد صنوف التعذيب، مما يشكك في صحتها. وقد بدا التعب والإنهاك على الجالودي الذي يبدو واضحا أنه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة، بحسب مراقبين.
ومن الجدير بالذكر، أن حركة حماس أكدت مرارا موقفها الرسمي تجاه الأزمة في سوريا، الذي يقوم على الحياد في الصراع الحاصل بين النظام والمعارضة، والتعاطف مع تطلعات الشعب السوري، كما أعلنت الحركة في أكثر من مناسبة عدم وجود روابط تنظيمية بينها وبين "أكناف بيت المقدس" وغيرها من الفصائل المقاتلة على الساحة السورية.
وقال القيادي في حماس الذي تواصلت معه "عربي21"، وفضّل عدم ذكر اسمه إن الجالودي كان فعلا من عناصر الحركة في الشام، وانقطع التواصل معه بعد خروج الحركة من سوريا، وأنه وآخرين "كانوا يتصرفون من تلقاء أنفسهم"، وأن كل ما ورد على لسانه من ربط بين قيادات الحركة والعمل المسلح في سوريا لا يمكن أخذه على محمل الجد، لأنه جزء من "اعترافات أراد أن يخلص بها نفسه من تعذيب يعلم الجميع بشاعته كما تروي قصص الآخرين"، وهو يشبه "القصة الهوليوودية التي رواها عن الاجتماع الدولي"، كما عبّر القيادي الحمساوي.