نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للصحافيين جيف داير و إريكا سولومون، قالا فيه إن الولايات المتحدة عندما أطلقت حملتها ضد
تنظيم الدولة، وعد الرئيس الرئيس الأمريكي باراك أوباما بـ"إضعاف، وفي المحصلة تدمير" المتطرفين الإسلاميين. مشيرين إلى أنه بعد أكثر من سنة، يبدو أن هدف أمريكا في
سوريا أكثر تواضعا، ويقف عند محاولة "الضغط" على تنظيم الدولة بقطع بعض الإمدادات عنه.
ويشير التقرير إلى أنه مع إطلاق
روسيا لحملتها الجوية دعما لنظام
الأسد، ولفشل برنامج أمريكا بتدريب الثوار المعتدلين، فإن إدارة أوباما تقع تحت ضغط شديد للتوصل إلى استراتيجية جديدة في سوريا، كجزء من حملتها ضد تنظيم الدولة، حيث يراقب الأعداء والأصدقاء خطوة واشنطن الآتية.
وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من التحول في ديناميكية الصراع، وأصداء الحرب الروسية، فإن إدارة أوباما لا تزال عاجزة؛ لعدم وجود قوات كافية على الأرض يمكنها العمل معها. لافتة إلى أن أوباما رفض الاقتراحات بأن يكون لأمريكا تدخل أقوى، واصفا إياها بالكلام الفارغ. وبدلا من ذلك شرح المسؤولون الأمريكيون حملة تدريجية تتعلق بالعدد البسيط من الشركاء على الأرض، وتركز على قطع خطوط الإمداد بدلا من استرجاع الأرض من تنظيم الدولة.
وينقل الكاتبان عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية، قوله: "عندنا فرصة للضغط على تنظيم الدولة"، ولكنه اعترف بصعوبة إيجاد قوى برية للتعامل معها، قائلا: "إنها عملية صعبة، وستكون طويلة وشاقة".
ويلفت التقرير إلى أنه تم توقيت التدخل الروسي في سوريا عندما وصلت الحملة الأمريكية إلى أدنى مستوياتها. وأصيب برنامج البنتاغون، الذي رصد له 500 مليون دولار لتدريب وتسليح قوات سورية معتدلة، بنكستين، الأولى عندما قامت جبهة النصرة باختطاف المجموعة الأولى في شهر تموز/ يوليو، والنكسة الثانية الشهر الماضي، عندما قدمت المجموعة الثانية ربع الأسلحة التي أمدتها بها أمريكا لجبهة النصرة للسماح لها بالعبور.
وتورد الصحيفة أنه مع ذلك، فإن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أنه لا يزال لديهم زخم من حيث المبدأ، من خلال القوات الكردية السورية، التي قدموا لها الدعم، والتي استعادت مساحات واسعة في شمال شرق سوريا من تنظيم الدولة، ووصلت إلى حوالي 30 كيلومترا شمال الرقة، وهي معقل تنظيم الدولة الرئيس في سوريا.
ويبين الكاتبان أن الإدارة الأمريكية تأمل بأن يتمكن المقاتلون الذين تعمل معهم من استعادة مساحة من الأرض بطول 60 ميلا على الحدود التركية، ما يحرم تنظيم الدولة من آخر قسم من الحدود التي كان يسيطر عليها.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن مجهود إغلاق الحدود هو جزء من توجه أوسع لقطع خطوط الإمداد للتنظيم، التي يدخل من خلالها المقاتلون والأسلحة عبر تركيا، أو الإمكانية التي لا يزال يملكها لتحريك قواته بين سوريا والعراق، ويأمل المسؤولون الأمريكيون بأن تبدأ مثل هذه المبادرات في عزل الرقة.
وتوضح الصحيفة أن أمريكا تواجه أسئلة صعبة حول الدعم الضئيل الذي تحظى به على الأرض. وأنه في حال قيام الأكراد بالزحف أكثر إلى الجنوب، فإنهم سيدخلون مناطق ليس فيها الكثير من الأكراد، ويواجهون مقاومة من السكان المحليين.
وينوه الكاتبان إلى أنه بينما يجري الحديث عن مجموعة تسمى أحيانا التحالف العربي السوري، وهي مجموعة من المقاتلين السنة الذين حاربوا إلى جانب الأكراد أكثر من مرة خلال الأشهر القليلة الماضية، يخشى المسؤولون الأمريكيون القول بأن القوات ذاتها مستعدة للمشاركة في عمليات حول الرقة.
ويورد التقرير أن مسؤول الدفاع الكبير يقول: "نتمنى أن نستطيع الضغط بشكل كبير على الرقة، ولكننا نحتاج العرب وليس الأكراد ليكونوا في المقدمة".
وتذكر الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين يصفون ساحة المعركة، حيث الثوار من غير تنظيم الدولة مشكلون من خليط معقد من المجموعات المحلية، وبعض المواطنين العاديين، وبعض المتطرفين الإسلاميين، مستدركة بأنه من الصعب تعبئة الناس خارج أماكن وجودهم، وحتى عندما تجد أمريكا مجموعات تستطيع العمل معها، فإن المسؤولين يقولون إن هناك خوفا دائما من أن تكون نتائج معركة ما مفيدة لجبهة النصرة أو للمجموعات الجهادية الأخرى.
ويعلق الكاتبان بأن هذا هو الشعور الجامح بالحذر الذي يزعج الحلفاء الإقليميين، والمجموعات السورية المعارضة، وبعض المؤيدين في أمريكا. ويقول بريان كاتوليس من مركز التطور الأمريكي: "أشعر أنه كثيرا ما تخرج سياستنا في سوريا على شكل تصريحات عامة بدلا من أفعال نقوم بها على الأرض، ولكن هناك شعورا دائما بالخوف من أن تبتلعنا الدوامة".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الدبلوماسي السوري السابق والمعارض الحالي بسام بربندي، يقول إن على أمريكا العمل مع بعض المجموعات الإسلامية الأقل تطرفا، مثل أحرار الشام. ويضيف: "على الأمريكيين التوقف عن محاولة اختراع منظمات والعمل مع الواقع.. وقلت لهم إن أحرار الشام بين خيار التحرك نحو الغرب أو نحو جبهة النصرة، فلماذا اتخذتم لهم القرار؟ ولماذا لا تحاولون بناء علاقة؟".