رغم أن الاتفاق بين حركة أحرار الشام وجيش الفتح من جانب، وإيران من جانب؛ بشأن وقف إطلاق النار في
الزبداني شمال غرب دمشق مقابل تجميد المعارك على جبهة كفريا والفوعة في محافظة إدلب، كان ينص على إخراج الجرحى من الجانبين في المرحلة الأولى، إلا أن كثافة القصف الروسي على ريف إدلب أرجأ المرحلة الأولى ليتم البدء بالمرحلة الثانية، وهي إدخال شحنات من المواد الغذائية للمنطقتين.
وذكرت مصادر متطابقة أن المساعدات تم إدخالها الأحد؛ بعد موافقة محافظ ريف دمشق بالتنسيق مع الأمم المتحدة؛ التي تعهدت بإرسال مساعدات مماثلة إلى بلدة بقين الواقعة بين الزبداني ومضايا في الأيام القليلة القادمة.
وتضمنت الدفعة الأولى المساعدات التي تم إدخالها للزبداني ومضايا مواد غذائية وبعض الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث تم إدخال 100 حصة غذائية إلى مدينة الزبداني وبعض المواد والمستلزمات الطبية، فيما حصلت مضايا على 3500 حصة غذائية مع وعود بإدخال 1700 حصة في قادم الأيام، وبعض المواد الطبية.
وتؤوي بلدة مضايا أكثر من 43 ألف شخص، من أهالي البلدة ومن النازحين، وهي تخضع للحصار منذ أكثر من 110 أيام.
ولم تتضمن الحصص أية أغذية للأطفال، كالحليب، ولا الطحين المخصص لتشغيل المخابز، كما تم تأجيل دخول المساعدات إلى بلدة سرغايا إلى وقت لاحق، بالمقابل تم إدخال كميات مماثلة من المواد ذاتها إلى بلدتي كفريا والفوعة، فيما يبدو أنها الخطوات الأولى لتنفيذ الاتفاق المبرم.
وفي حديث خاص لـ"
عربي21"، أكد عضو الهيئة الطبية في الزبداني، الدكتور علي دياب، أن المساعدات جزء من الاتفاق، حيث كان من المفترض أن يكون إدخال المساعدات هو المرحلة الثانية من الاتفاق، مشيرا إلى أن إدخال المساعدات سيستمر بدخول دفعة جديدة إلى سرغايا.
وأوضح دياب أن المفاوضات الطويلة بين
إيران من جهة و"حركة أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الفتح" من جهة أخرى، قد أفضت إلى البدء باتخاذ إجراءات لكسب الثقة تمهيدا للبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، والمتعلقة بإخراج الجرحى من مدينة الزبداني باتجاه محافظة إدلب، مقابل إخراج دفعة من جرحى
الفوعة وكفريا باتجاه القصير التي يسيطر عليها حزب الله، لكن موعد التسليم أجل أكثر من مرة بسبب قصف الطيران الروسي على مناطق التسليم، وهو ما أجبر النظام على تجميد العملية إلى أجل غير مسمى، لتقوم الأمم المتحدة بتعليق كافة العمليات الإنسانية المزمعة بسبب زيادة النشاط العسكري، بعد إنهاء كافة التحضيرات لعملية الإخلاء وتجهيز المساعدات الطبية والغذائية.
لكن وبعد تردي الوضع الإنساني للمناطق المحاصرة بشكل كبير ووفاة طفلين جوعا، تم تقديم المرحلة الثانية على الأولى بالاتفاق على تمرير المساعدات تحت إشراف الأمم المتحدة ومنظمة الهلال والصليب الأحمر.
وأشار دياب إلى أن استلام المساعدات تم عن طريق المجالس المحلية والمكاتب الإغاثية والهيئة الطبية، وأن استمرارية دخول المساعدات متعلقة بالظروف والتوافق بين الجانبين.
وعن بنود الاتفاق، قال دياب إن بنود الاتفاق غير معلنة إلى الآن لضرورات لوجستية، فيما لا تزال تلك البنود رهن التغيرات المستمرة، حسب قوله.
وكانت مسودة للاتفاق الموقع بين الجانبين قد تم تداولها على صفحات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام، وأبرز ما جاء فيها وقف العمليات العسكرية، وعمليات التحصين من الجانبين، والموافقة على خروج مقاتلي وجرحى وعائلات الزبداني ممن يود الخروج إلى إدلب حصرا، وبالسلاح الفردي الخفيف فقط، على أن يتم تدمير كل السلاح الثقيل في الزبداني، وخروج 50 عائلة من أهالي الزبداني النازحين إلى لبنان بطريقة غير شرعية إلى تركيا أو عودتهم إلى
سوريا، وتعهد النظام السوري بإطلاق سراح 500 معتقل، وخروج جرحى كفريا والفوعة المحاصرتين بشكل كامل من قبل جيش الفتح، إضافة إلى الراغبين من النساء والأطفال، ودخول فريق طبي الى الفوعة وكفريا، وبالتدريج يتم التوصل إلى هدنة لمدة ستة أشهر.
وبعد توزيع المساعدات بساعات قامت دبابات النظام السوري المتمركزة على الجبال المطلة على مضايا باستهداف البلدة بعدد من القذائف، بالتزامن مع قصف بالرشاشات على المنطقة، وهو ما أوقع عددا من الجرحى وأدى إلى استنفار الجانبين بشكل كامل، وهو ما يشير إلى هشاشة الاتفاق، خاصة مع إصرار إيران، وتبنيها لطرح التغيير الديموغرافي الواسع، حيث تثور الشكوك بأن مفاوضاتها ترمي أولا إلى توطين عشرات الآلاف من الشيعة الإيرانيين والأفغان والعراقيين في دمشق والطوق المحيط بها.