نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا، حول الزيارة المنتظرة لرئيس الانقلاب المصري، عبد الفتاح
السيسي، إلى
لندن، انتقدت فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون، الذي رحب في سنة 2011 بالثورة المصرية، وتظاهر بدعم الديمقراطية، ثم أصبح اليوم يضع يده في يد الجنرال الذي نفذ انقلابا أطاح بالمسار الديمقراطي وآمال الثورة المصرية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن ديفيد كاميرون زار في شباط/ فبراير 2011 ميدان التحرير، بعد 10 أيام من الإطاحة بالدكتاتور حسني مبارك، وقد ظهر في ذلك الوقت وهو يخاطب طفلا مصريا ويسأله "هل أنت سعيد الآن؟"، وتظاهر بدعمه لآمال الشباب المصري الثائر.
وكان الهدف من تلك الصور هو إيصال الرسالة التالية: "بعد عقود من توفير الدعم المتواصل لإحدى أكبر
دكتاتوريات الشرق الأوسط، أصبحت بريطانيا مستعدة للمساعدة على إرساء نظام جديد، وانتهاج سياسات جديدة مع الشعوب العربية".
وقد صرح كاميرون حينها قائلا "لقد كنت في لقاء مع زعماء الثورة الديمقراطية، إنهم أشخاص شجعان، وقد قاموا بأشياء مذهلة في ميدان التحرير، ونحن نريد أن ندعم تطلعات الشعب المصري لتحقيق الديمقراطية والحرية والانفتاح في مصر".
وأضافت الصحيفة: "بعد حوالي نصف عقد من تلك التصريحات، ها هو كاميرون يتناول من جديد الشأن المصري، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة جدا، حيث أنه سيستقبل في الأسبوع المقبل الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي، وسيفرش له السجاد الأحمر ويتبادل معه المجاملات، وسيردد الاثنان نفس الشعارات الزائفة، حول دعم الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب، ولن تكون هنالك أي إشارة إلى قيم الثورة المصرية المغتصبة، على غرار الانفتاح والحرية وسلطة الشعب وما إلى ذلك".
وقالت الصحيفة إن الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي يعتبر المسؤول الأول عن مقتل أكثر من 2500 معارض له، بعد إطاحته بالرئيس المنتخب محمد مرسي، شرع منذ مدة في القيام بجولة دبلوماسية عالمية، في محاولة لفرض نفسه والحصول على شرعية دولية مفقودة، وهو أمر يبدو أن المملكة المتحدة مستعدة لمنحه إياه.
وذكرت الصحيفة أن المشهد المصري الذي تغير كثيرا منذ الانقلاب، يحتاج إلى مراجعة دقيقة حتى يمكن الحكم على موقف دايفيد كاميرون المرحب بعبد الفتاح السيسي، حيث أن الباعة المتجولين الذين ظهروا في الصورة مع دايفيد كاميرون لدى زيارته لميدان التحرير، تعرضوا لقمع شديد من قبل النظام المصري الذي يريد فرض سياسة القبضة الحديدية في البلاد، كما أن الشبان المصريين الذين ساندوا الثورة ولونوا وجوههم بألوان العلم المصري، يتعرضون الآن للتعذيب في أقسام الشرطة المصرية، وهم ممنوعون من مقابلة الجمعيات الحقوقية والنشطاء الأجانب.
ونقلت الصحيفة عن الأستاذة الجامعية والناشطة المعارضة للانقلاب، ليلى سويف، قولها: "إن السيسي هو رأس أكثر الأنظمة قمعا وإجراما التي شهدتها خلال حياتي، وأنا الآن أبلغ من العمر 60 سنة".
وذكرت الصحيفة أيضا أن الناشط السياسي الذي كان من أبرز وجوه الثورة المصرية، علاء عبد الفتاح، تعرض للسجن مثله مثل حوالي 40 ألف سجين سياسي، خلال فترة حكم السيسي.
هذا الناشط الذي يبلغ من العمر 33 سنة، يقبع الآن في السجن، وقد أنهى للتو سنته الأولى من حكم خمس سنوات صدرت في حقه، بسبب خرقه لقانون التظاهر الذي أصدره السيسي لإسكات أي صوت معارض في البلاد.
ونقلت الصحيفة عن لطيفة سويف قولها أيضا: " النظام البوليسي، الذي يعتمد على قوة الجيش والشرطة، يعذب ويقتل ولا يخضع لأي محاسبة. ولكن
استقبال رئيس الوزراء البريطاني لهذا الدكتاتور ليس أمرا مفاجئا لي، بالنظر لتاريخ بريطانيا في دعم الدكتاتورية".
وذكرت الصحيفة أن حرب السيسي المزعومة على الإرهاب، شهدت عددا كبيرا من انتهاكات حقوق الإنسان، التي لم تطل فقط الإسلاميين، بل امتدت أيضا لتشمل الوجوه العلمانية، وكان الصحافيون في طليعة ضحايا هذا القمع، بالإضافة إلى اللاجئين، وأي شخص يحيد عن الطريق التي رسمها النظام العسكري.
وبحسب "الغارديان"، كان المستفيد الأبرز من هذا الانقلاب هو رجال نظام مبارك، ورجال الأعمال الفاسدين، الذين يسيطرون على الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى الشركات الأجنبية التي حققت استفادة كبيرة في الفترة الماضية، بسبب حركة الخوصصة المتوحشة التي تنتهجها الحكومة المصرية.
وتوقعت الصحيفة أن زيارة السيسي إلى لندن ستثير الكثير من الجدل، حيث ينتظر أن تقوم تشكيلات مهمة من الجمعيات المصرية، بمختلف توجهاتها الإسلامية والعلمانية، بالانضمام إلى بعض الجمعيات والنشطاء البريطانيين والنقابات، الذين سيحتجون على زيارة السيسي، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية، التي وقعت على رسالة مشتركة لاستنكار استقبال كاميرون للسيسي.
كما تم تمرير عريضة في البرلمان البريطاني تندد بهذه الزيارة، أمضى عليها 51 نائبا، من بينهم زعيم حزب العمال جيريمي كوربين.
ونقلت الصحيفة عن أندرو سميث، الناشط في الحملة الدولية لمناهضة تجارة السلاح قوله "إن المملكة المتحدة مطالبة بالدعوة للتغيير في مصر، عوض فرش السجاد الأحمر لهذا الدكتاتور الذي يزداد تغطرسا يوما بعد يوم.
إن سبب استقبال بريطانيا لهذا الدكتاتور هو أنها أمضت معه عقودا لبيع أسلحة بقيمة 85 مليون جنيه إسترليني".
وأضاف سميث مستنكرا نفاق رئيس الوزراء دايفيد كاميرون: "من المستحيل أن نتظاهر بدعم الشعب المصري، وفي الوقت نفسه نقوم بتسليح ودعم هذا الدكتاتور الذي يقوم بقمعه".