نجحت استراتيجية الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان وعاد للسلطة بأغلبية ساحقة في انتخابات الأحد. فبعد انتكاسة حزيران/ يونيو حيث خسر أغلبيته في البرلمان ولم ينجح رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بتشكيل حكومة وحدة وطنية، استطاع حزب العدالة والتنمية الفوز بالأغلبية رغم التكهنات التي توقعت نهايته ونهاية عصر أردوغان.
وزادت حصة الحزب من أصوات الناخبين بنسبة 8% بالمئة على تلك التي حصل عليها في انتخابات حزيران/ يونيو، وحصل بعد فرز معظم الأصوات على نسبة 49% بالمئة. ومع زيادة حظوظ حزب العدالة فقد زاد سعر الليرة التركية بنسبة 3.1%، ما يعني أن الناخبين الأتراك صوتوا للاستقرار ومنحوا ثقتهم للحكومة التي عرفوها منذ 13 عاما.
وتقول صحيفة "
فايننشال تايمز" في التقرير الذي ترجمته "
عربي21" إن "النتائج تحدت كل الاستطلاعات التي توقعت برلمانا معلقا، وأثبتت صحة قرار أردوغان بالذهاب إلى صناديق الاقتراع باكرا بعد منافسة حزيران/ يونيو التي شوشت على حكم الحزب الواحد الذي يقوده الحزب المتجذر إسلاميا منذ 13 عاما".
وأشارت الصحيفة إلى تعليقات رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي قال: "النصر ليس نصرنا بل نصر الأمة".
وتقول الصحيفة، إن الحزب حصل على أصوات ناخبي حزب الحركة الوطنية الحزب اليساري ذي النزعة القومية والذي رفض في الصيف أي نوع من التحالف مع حزب التنمية والعدالة.
ورغم أن أردوغان كرئيس لا يحق له التعبير عن مواقف محابية لهذه الجهة أو تلك؛ فإنه علق على نتائج الانتخابات الأخيرة بالقول إن مشاكل البلد تحتاج إلى حكومة قوية لا حكومة ائتلاف وطني.
وجاء فوز القوى المؤيدة لأردوغان على حساب حزب الشعوب الديمقراطي الذي انخفضت نسبة تمثيله في البرلمان للنصف بعد أن حصل على 80 مقعدا. ودفع الحزب ثمن القتال الدائر في جنوب شرق
تركيا بين القوات التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني "بي كا كا".
ونقلت الصحيفة عن سنان أولغين، الزميل الزائر لوقفية كارنيغي- أوروبا: "مراهنة أردوغان على إعادة الانتخابات أعطته نتائج مثمرة". وهو "انتصار لأردوغان أولا ومن ثم لحزب العدالة والتنمية، ويرى الناس أردوغان في مقعد القيادة".
وتعلق الصحيفة بأن حلفاء تركيا الأجانب وإن عبروا عن قلقهم من طريقة الحكم ونزعة أردوغان السلطوية، فإنهم يعبرون عن أملهم في أن يعمل الفوز على تعزيز استقرار قوة سياسية واقتصادية رئيسة في المنطقة.
ويتطلع كل من الاتحاد الأوروبي والناتو إلى تركيا للتعامل مع الحرب في سوريا ووقف عشرات الألوف من المهاجرين السوريين الذين لا يزالون يحاولون الوصول إلى أوروبا.
ويرى ولفانغو بيكولي من "تينيو" للاستشارات أن فوز حزب أردوغان يعني عدم وجود حوافز لحزب العدالة والتنمية على تغيير مساره. وهذا يصدق على الاقتصاد مثلما يصدق على السياسات الاقتصادية.
ورغم عدم حصول حزب العدالة والتنمية على المقاعد التي يتمكن بها أردوغان من الدعوة لاستفتاء عام على الدستور، وهي 330 مقعدا، فإن الرئيس التركي سيكون له تأثير فعلي على السلطة لم يتمتع به أي رئيس تركي في السابق.
وترى الصحيفة أن نتائج الانتخابات أكدت تنبؤاته بأن الشعب التركي يفضل الاستقرار على حكومة تحالف وطني، وأثبت خطأ الذين قالوا إن قبضته على السلطة بدأت تتداعى.
وكان ذلك بعد أشهر اتسمت بالفوضى لتشكيل حكومة ائتلاف، وقد شهدت الأشهر بين حزيران/ يونيو وتشرين الثاني/ نوفمبر استئنافا للقتال مع حزب العمال الكردستاني وعمليات انتحارية.
وتقول الصحيفة إن مناطق جنوب شرق تركيا حيث الغالبية التركية، بدأت فيها الانتخابات بطابع احتفالي وانتهت بهدوء، فلم يستطع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي زيادة نسبة أصواته إلى أكثر من حدود الـ10%.
وعلق صلاح الدين دميرطاش رئيس الحزب قائلا: "لقد خسرنا مليون صوت ولكننا نجحنا بالوقوف ضد الفاشية". ولام الحملة العسكرية على خسارته قائلا إنه لو "مورست هذه الهجمات ضد حزب آخر غير حزبنا لمحي عن الوجود".