تناول مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن في تقرير له القدرة الصاروخية والعسكرية لـ"ولاية
سيناء"، والتهديد الذي يشكله التنظيم الموالي لتنظيم الدولة على جنود القوة الدولية المتمركزة في سيناء
المصرية.
حيث أشار الباحث ديفيد شينكر في تقريره إلى أن "
ولاية سيناء" تنشر أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، فضلا عن الأسلحة المتطورة المضادة للدبابات، التي تشكل تحديا فتاكا على نحو متزايد لأمن مصر في شبه الجزيرة وتهديدا لـ"
القوة متعددة الجنسيات والمراقبين"، من بينهم الجنود الأمريكيون.
وقال إن التمرد الذي يقوده تنظيم الدولة في سيناء ينمو، والأمر سيان بالنسبة إلى التهديد الذي تشكله هذه الجماعة لـ"القوة متعددة الجنسيات والمراقبين" ومهمتها.
ولفت إلى أن تهديد التنظيم يتزايد في سيناء، مشيرا إلى أنه أصيب في 2 آب/ أغسطس الماضي أربعة جنود أمريكيين بجراح في انفجار عبوة ناسفة في مصر. وكان هؤلاء يخدمون مع "هذه القوات في شبه جزيرة سيناء، وهي أحد أهم الالتزامات الأمريكية لحفظ السلام وربما الأقل صيتا لدى الجمهور، وفق شينكر.
يشار إلى الولايات المتحدة تساهم منذ عام 1982 بمئات من الجنود والطيارين لـ"القوة متعددة الجنسيات والمراقبين"، وهي منظمة مهمتها مراقبة الأحكام الأمنية المتعلقة بمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية في سيناء، التي وُقّعت عام 1979.
وبالإضافة إلى العمليات البرية، تستخدم هذه القوات طائرات مراقبة تقوم بمهمات على شبه جزيرة سيناء، لتحديد ما إذا كانت مصر تنشر قواتها بالتناسق مع التزاماتها وفقا للمعاهدة من عام 1979.
وأدى هذا الهجوم والبيئة الأمنية الخطيرة على نحو متزايد في سيناء في السنوات الأخيرة، إلى دفع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إعادة النظر في نشر "القوة متعددة الجنسيات والمراقبين"، ومهمتهم.
وتضم هذه القوة 1667 عسكريا من اثني عشر بلدا و17 مسؤولا مدنيا. ولكن الولايات المتحدة تعدّ قلب المنظمة وروحها، بحسب معهد واشنطن. فبين ثنايا "القوة الخاصة المؤلفة من كتيبة مشاة"، ووحدة الخدمات اللوجيستية التي توفر الطائرات وتقوم بالعمليات الجوية، وغيرهما من الوحدات والمهمات، تساهم الولايات المتحدة بما يقرب من 700 شخص لـ"القوة متعددة الجنسيات والمراقبون". كما أنها تغطّي أيضا ما يقرب من ثلث الميزانية السنوية للمنظمة التي تبلغ 86 مليون دولار.
العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد الانقلاب
ويرى شينكر أنه على المستوى الرسمي، لم تكن العلاقات بين مصر وإسرائيل أفضل مما هي عليه الآن بتاتا. و"يُعزى هذا التطور المفيد إلى حد كبير إلى ظهور التمرد المستمر المدعوم من قبل تنظيم الدولة في سيناء".
وفي السنوات الأخيرة، وحيث اتسع تمرد المسلحين في سيناء، وصل التعاون الاستراتيجي بين إسرائيل ومصر ضد المسلحين إلى مستويات لا مثيل لها. وقد بلغ الأمر قيام إسرائيل باستهداف خمسة مسلحين بطائرات مسلحة دون طيار فوق أجواء سيناء في نيسان/ أبريل 2013، كما أفادت بعض التقارير.
استمرارية القوة متعددة الجنسيات
ومن المفارقات، بحسب شينكر، أنه في الوقت الذي أدّت الفائدة المتبادلة في احتواء تنظيم الدولة في شبه الجزيرة، إلى دفع إسرائيل ومصر على التعاون سوية، إلا أن التمرد هدّد استمرارية وجود "القوة متعددة الجنسيات والمراقبين".
وفي تموز/ يوليو الماضي، حيث كان القلق يساور إدارة أوباما من سلامة القوات الأمريكية المتمركزة في سيناء، أفادت بعض التقارير بأن الإدارة بدأت تُراجع السياسة المتعلقة بـ"القوة متعددة الجنسيات"، بهدف سحب الوحدات الأمريكية منها.
ففي الآونة الأخيرة وجدت تلك القوات على نحو متزايد بأنها معرضة للخطر. فقبل عامين في أيلول/ سبتمبر، قامت مجموعة من البدو بمهاجمة "المعسكر الشمالي" للقوات واختراقه واجتياحه، بإطلاقها نيران أسلحة آلية وقذفها قنابل يدوية، ما أسفر عن إصابة أربعة من قوات حفظ السلام قبل أن يتم التفاوض على انسحابها.
وفي آب/ أغسطس 2014، تم إطلاق النار على أحد أفراد الوحدة الأمريكية وإصابته بجراح من قبل مسلح مجهول بالقرب من المعسكر.
وفي حزيران/يونيو 2015، تم قصف مطار "القوة متعددة الجنسيات" المجاور لـ"المعسكر الشمالي"، وفي المدة الأخيرة في آب/ أغسطس، أسفر انفجار عبوة ناسفة يدوية زرعها تنظيم الدولة عن جرح ستة جنود -أربعة أمريكيين واثنين من فيجي- تابعين لهذه القوات.
وعلى الرغم من أن القاهرة نشرت الآلاف من القوات الإضافية والمعدات الثقيلة -بما فيها مقاتلات من طراز "F-16" ومروحيات هجومية من طراز "أباتشي"- في سيناء، إلا أن مصر لم تتمكن من احتواء العنف.
وأشار الباحث الأمريكي إلى أنه قُتل حتى الآن أكثر من 1000 جندي وشرطي مصري في شبه الجزيرة، من بينهم أربعة وستون جنديا قتلوا في يوم واحد فقط في الصيف الماضي.
وفي العام الماضي، أسقط المسلحون في سيناء مروحية عسكرية مصرية فوق الصحراء.
وفي تموز/ يوليو الماضي، أغرقوا سفينة دورية تابعة للبحرية قبالة الساحل المصري. وفي آب/ أغسطس 2013، استهدف هؤلاء سفينة كانت تعبر قناة السويس بقذيفة صاروخية.
ولفت شينكر إلى أن رحيل الوحدة الأمريكية سوف يؤدي حتما إلى انهيار "القوة متعددة الجنسيات"، وأيضا سيؤكد تقليص التزام واشنطن لحلفائها في المنطقة الأمر الذي سيوفر نصرا معنويا وعملياتيا كبيرا لتنظيم الدولة في الوقت غير المناسب تماما. وستعارض مصر وإسرائيل هذا القرار أيضا، وستتعاونان على الأرجح لوضع حد له.
وذكر الباحث أنه في أعقاب قيام الحكومة الأمريكية بمراجعة سياستها في المنطقة، قامت إدارة أوباما في أيلول/ سبتمبر الماضي بنشر 75 جنديا إضافيا في "القوة متعددة الجنسيات" في سيناء لتعزيز قدرات حماية "القوة".
ويرى شينكر أنه في حين يمثل ذلك خطوة أولى جيدة، إلا أنه ينبغي عمل المزيد، بما في ذلك توفير ما يسمى بالمركبات المدرعة "المقاومة للألغام المحمية من الكمائن" للوحدات الأمريكية التابعة لـ"القوة متعددة الجنسيات والمراقبين" ولوحدات أخرى في "القوة".
وفي الوقت ذاته، ينبغي على وزارة الدفاع الأمريكية النظر في تعديل إجراءات الرصد الحالي لهذه القوات لتشمل نشر المزيد من الأدوات المستترة وأدوات المواجهة مثل طائرات الاستطلاع دون طيار.
والأهم من ذلك، بالنسبة للباحث الأمريكي، "ينبغي على واشنطن الضغط أيضا على مصر لقبول التدريب الذي توفره الولايات المتحدة لمكافحة التمرد واعتماد تكتيكات مكافحة التمرد الحديثة للمساعدة في دحر مكاسب تنظيم الدولة في سيناء.
وختم الباحث تقريره بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي يُحرز فيه تنظيم الدولة تقدما ثابتا، "تُعدّ معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية واحدة من آخر ما تبقى من إنجازات سياسة واشنطن الإقليمية. ونظرا لهشاشة هذا السلام، فإن التزام الولايات المتحدة المستمر عبر وجود القوة متعددة الجنسيات لضمان استمرار اتفاقية كامب ديفيد هو الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى".