تحول معبر
بزيبز المغلق منذ شهور بوجه آلاف
النازحين النهاريين من الحرب في
الأنبار العراقية، إلى وسيلة للابتزاز المادي، لا سيما المرضى وشبان بعض العائلات الذين يتم إيهامهم من قبل عناصر القوات الأمنية العراقية بأنهم مطلوبون وفق المادة أربعة إرهاب، ولا يمكنهم دخول بغداد إلاّ بدفع رشاوى مالية.
ففقد وجد البعض نفسه مضطرا لدفع مبالغ هائلة مقابل تمكنه من العبور، ومن لم يستطع الدفع، فإن عليه تحمل أعباء البقاء في العراء أشهرا في ظروف معيشية قاسية.
أبو سجى الدليمي، هو واحد ممن سمحت له القوات الأمنية اجتياز المعبر بسلاسة، قال في حديث مع "عربي21"، إنه اضطر لدفع مبلغ 200 دولار أمريكي لأحد عناصر الأمن، الذي اشترط عليه أن يكون الدفع مقدما، ووعده بأنه خلال نصف ساعة سيتجول داخل بغداد بحرية.
وقال أبو سجى: "بعد دفع كل ما بحوزتي من مال، فتح أخيرا أمامنا منفذ بزيبز، وتم نقلنا بسيارة صغيرة حديثة إلى بيت أقاربي في منطقة الغزالية بسهولة، ولم يعترضنا أحد"، بحسب قوله.
ويقول أبو هاجر إن عناصر أمن هذا المعبر يسومون النازحين الذين يحاولون العبور أقسى صنوف العذاب، ويفرضون إجراءات صارمة على النازحين في المخيمات، ما دفعه للتفاوض مع أحد الجنود، الذي بدوره أوصله لضابط مسؤول، وشجعه على دفع رشاوى مالية مقابل تسهيل عبور عائلته بأسرع وقت.
ويضيف لـ"عربي21" قائلا: "من خلال تبادل أطراف الحديث معه عرف أنه باستطاعتي دفع ما يطلب من أموال، فطلب مني دفع 100 دولار أمريكي على كل فرد من أفراد أسرتي، فضلا عن دفع أجور سيارة النقل سلفا لسائق شاب على ما يبدو أنه تابع للضابط نفسه".
ويتابع أبو هاجر حديثه قائلا: "لا يقتصر الأمر على ذلك، فمعظم الشبان النازحين على الجسر يتعرضون للابتزاز بتهمة الإرهاب، ويعتقلون على هذا الأساس وهم أبرياء لا يفرج عنهم، ولا يسمح لأسرهم بالعبور إلا بعد التفاوض مع عناصر الأمن على دفع مبالغ كبيرة جدا تتجاوز 12 ألف دولار أمريكي".
وبحسب أبي هاجر، فإن بعض الأسر أعطت سياراتها لضباط من أجل إطلاق سراح أبنائهم، وهي عملية أشبه بالاختطاف، لكن الفرق أنها أمام أنظار ذويهم، على حد وصفه.
وكان رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، قد وجه مؤخرا لجنتي "الأمن والدفاع" و"الهجرة والمهجرين"، بمتابعة عمليات ابتزاز النازحين من قبل الأجهزة الأمنية على جسر بزيبز.
من جهتهم، نفى عدد من عناصر قوات الأمنية المعلومات التي تحدثت عن وجود حالات ابتزاز للأسر النازحة على الجسر.
وفي هذا السياق، تحدث النقيب في الجيش العراقي، طالبا الإشارة إليه بالأحرف "م. ي. ص" عن وجود "تضخيم إعلامي وادعاءات كاذبة من وسائل إعلام وصحف ووكالات مدفوعة الثمن، هدفها الأول والأخير هو الإساءة للأجهزة الأمنية"، وقال إنها جهات سياسي تقف وراء هذه المعلومات.
وقال الضابط لـ"عربي21": "تم منع المئات من دخول بغداد، وذلك لعدم حمل بعض المواطنين وثائق رسمية تمكنهم من العبور بطريقة قانونية، لذا فإن الأجهزة الأمنية المكلفة بحماية المنفذ غير قادرة على استقبالهم لعدم وجود كفلاء"، وفق قوله.
وتحدث الضابط عن وجود آلية جديد ستخفف العناء على العائلات النازحة، وهي أن النازح الذي تنقصه بعض الوثائق بالإمكان أن يكفله أحد الأشخاص، سواء كان صديقا أو قريبا أو حتى مواطنا عاديا، كما قال.