نشرت صحيفة لوبرزيان الفرنسية تقريرا حول أبعاد وتداعيات عملية إسقاط
الطائرة الروسية على الحدود التركية السورية يوم الثلاثاء.
واعتبرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن حادثة إسقاط الطائرة الروسية أدت إلى توتر كبير في العلاقات الثنائية بين
تركيا وروسيا.
وتساءلت الصحيفة عن التداعيات العسكرية والسياسية لهذه الحادثة، في ظل تعقيدات الصراع السوري منذ سنة 2011. وللإجابة عن هذه التساؤلات حاورت كلا من الخبير الروسي إيف بوير، والخبير التركي ديديار بيلون.
وتطرقت الصحيفة للنتائج المحتملة لحادثة إسقاط الطائرة الروسية على الحدود بين تركيا وسوريا، حيث أكد الخبير التركي بيلون أن "الحادثة ستؤدي إلى توتر العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث سيسعى كل منهما إلى إثبات قوته".
ولكنه رجح أنها "لن تؤثر جذريا في العلاقات بين أنقرة وموسكو، فهناك العديد من المصالح السياسية والاقتصادية التي يجب المحافظة عليها. فرغم وجود اختلافات جوهرية بين الطرفين حول القضية السورية منذ سنة 2011، إلا أنّ الحوارات السياسية بين
بوتين وأردوغان لم تتوقف".
وأشار الخبير الروسي من جهته؛ إلى وجود احتمالين اثنين فيما يخص تداعيات إسقاط الطائرة الروسية: الاحتمال الأول هو أن تتوقف الأمور عند هذا الحد، أما الاحتمال الثاني، وهو الذي رجحه بوير، فيتمثل في التوجه الروسي نحو التصعيد، إذ اعتبر أن
روسيا ستسعى إلى القيام برد "انتقامي" يتمثل في إسقاط أول طائرة تركية تقوم بالتحليق على الحدود السورية.
واعتبر بوير أن الأمور لن تتطور إلى درجة التصعيد العسكري؛ لأن المسألة يمكن أن تدخل مرحلة خطيرة جدا إذا تعلق الأمر بالتحالفات في المنطقة، خاصة أن تركيا عضو في حلف الناتو، وبالتالي فمن المتوقع أن يتجه الطرفان إلى التهدئة.
كما تساءلت الصحيفة عن العلاقة التي تربط بين استهداف روسيا للأقلية التركمانية في سوريا، وحادثة إسقاط الطائرة الروسية، ولكن أقر ديديار بيرون بأن المعلومات المتوفرة حول هذه النقطة نسبية وأحيانا متناقضة، حيث يبدو جليا أن أنقرة تحرك الأقليات التركية في سوريا، وهي التي استهدفها فلاديمير بوتين في ضرباته الجوية، لكن الأضرار التي ألحقها بهذه الأقليات تبقى غير محددة، ومن الواضح أيضا أن هناك اختلافا بين روسيا وتركيا حول هذه النقطة.
كما أن تركيا غير راضية عن مصير الأقلية التركية في القرم الروسي، لكن هذا لا يمكن أن يكون سببا كافيا للحرب.
من جهته أقر إيف بوير بأن مسألة الأقليات التركية يمكن أن تكون من العوامل التي دفعت تركيا للإقدام على إسقاط الطائرة.
وحول أسباب تعارض الموقف التركي مع نظيره الروسي فيما يتعلق بالصراع السوري، أكد ديديار بيرون أن نهاية نظام بشار الأسد حتمية، وأن الدعم الروسي له سيكون بلا جدوى، وإذا استطاعت روسيا التوصل إلى اتفاق يضمن عدم انهيار الدولة السورية تماما، فإنها لن تتردد لحظة واحدة في التخلي عن بشار الأسد.
وذكر إيف بوير أن الأتراك يعارضون بشدة بقاء بشار الأسد في السلطة، بينما تدعمه روسيا في الوقت الراهن على الأقل، كما أنه لا يمكن الإقرار بأن تركيا تلعب دورا مهما في الصراع السوري، مقارنة بتنظيم الدولة.
كما تطرقت الصحيفة أيضا إلى رأي الخبيرين الروسي والتركي في العلاقات الثنائية بين بوتين وأردوغان، حيث أكد بيلون أن شخصية الرئيسين مثيرة الإعجاب، إذ إن لدى كليهما كاريزما ورؤية سياسية واضحة حول مستقبل بلديهما.
كما أنهما يتمتعان بشعبية كبيرة جعلتهما محل احترام وتقدير، إذ إن رجلا في قوة
أردوغان يفضل أن يكون في مواجهة رجل بثقله السياسي، وبالتالي حتى لو كانت هناك اختلافات كبيرة بين الرجلين، فإنهما يستحقان التقدير، كما قالا.
وحول تأثير حادثة إسقاط الطائرة على مساعي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند؛ لبناء حلف كبير ضد تنظيم الدولة يشمل روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، أوضح بيلون أن هذه الحادثة جاءت في وقت غير مناسب، إذ إن الخطوات التي انطلقت من اجتماعات فيينا معقدة جدا، وما زالت المساعي في بدايتها لجمع كل الأطراف حول الطاولة الحوار، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وإيران.