كتب زعيم حزب العمال جيرمي
كوربين مقالا في صحيفة "الغارديان"، دافع فيه عن موقفه وموقف حزبه من الحملة القريبة ضد
تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
ويقول كوربين إن مزاعم رئيس الوزراء ديفيد
كاميرون عن وجود قوات برية كي تحل محل الجهاديين، الذين سيجبرهم الطيران الغربي على الخروج، ليست صحيحة، ولم تثبت أمام الفحص الدقيق.
وكتب كوربين قائلا: "منذ أن قدم ديفيد كاميرون في الأسبوع الماضي دفاعه عن توسيع القصف الجوي إلى
سوريا أمام مجلس النواب، يتداعى دفاعه وصلة بعد وصلة. ولهذا السبب يحاول التعجيل بالنقاش حول الموضوع في البرلمان هذا الأسبوع".
ويضيف كوربين أن كاميرون "يعرف أن المعارضة لتعجله نحو الحرب تزداد. وبدا واضحا وبشكل متزايد أن خطة رئيس الوزراء لا تقف على قدميها، من ناحية التخطيط والاستراتيجية والقوات الأرضية والدبلوماسية والتهديد الإرهابي واللاجئين والضحايا المدنيين. ولهذا السبب قالت اللجنة المحترمة للشؤون الخارجية في مجلس العموم، التي كان تقريرها حول الخطط محور بيان رئيس الوزراء الليلة وبشكل واضح، إنه لم يجب وبشكل واضح على دواعي قلقهم".
ويتابع كوربين: "بعد الهجمات الحقيرة والمروعة على باريس الشهر الماضي، فإن هذا الموضوع الذي اقترحه كاميرون، سواء كان يقوي أمننا أو يضعفه، فإنه بات حيويا. فلا شك أن ما يطلق عليها الدولة الإسلامية قد فرضت حكم الإرهاب على الملايين في العراق وسوريا وليبيا. ولا شك أيضا أنها تمثل تهديدا على شعبنا. والسؤال هو إن كان توسيع القصف الجوي من العراق إلى سوريا سيقوم بتقليل أو زيادة ذلك التهديد. وفيما إن كان سيواجه أو يزيد من حملة الإرهاب التي يقوم بها تنظيم الدولة في الشرق الأوسط".
ويعلق كوربين على موقف كاميرون قائلا: "لم يكن رئيس الوزراء قادرا على التوضيح بأن توسيع الغارات لسوريا، التي تضرب الآن من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وغيرها من القوى الأخرى، سيترك أثره المهم على الحملة العسكرية، أكثر مما شاهدناه ضد مكاسب تنظيم الدولة على الأرض، مثلما حدث في مدينتي الرمادي في العراق وتدمر في سوريا".
ويعتقد كوربين أن كاميرون "فشل في إقناع معظم الناس تقريبا أنه حتى لو شاركت
بريطانيا في الحملة الجوية، واستطاعت حرف ميزان القوة، فستكون هناك قوات برية قادرة على أخذ مناطق تنظيم الدولة".
ويشير كوربين في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى ما جاء في بيان كاميرون أمام البرلمان، ويقول: "في الأسبوع الماضي أشار رئيس الوزراء إلى أن القوات الكردية أو الجيش السوري الحر سيؤدي هذا الدور. وزعم أيضا أن هناك 70 ألف قوة مقاتلة معتدلة من مقاتلي الجيش السوري الحر، وأنهم جاهزون للتنسيق مع العمليات الجوية الغربية".
ويجد كوربين أن هذا الزعم لم يثبت أمام الفحص الدقيق "فالقوات الكردية لن تكون مفيدة في المناطق العربية السنية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة. ولا حتى الجيش السوري الحر، الذي يحتوي على عناصر قليلة يمكن اعتبارها معتدلة، ويعمل في مناطق أخرى من البلاد. فالقوى الوحيدة الجاهزة الآن للاستفادة من الغارات الجوية الناجحة هي الجماعات الجهادية القوية والجماعات السلفية الراديكالية".
ويرى كوربين أن المهمة ستكون طويلة "ولهذا السبب، فإن عملية تكثيف الغارات الجوية ستكون مهمة زاحفة وقوات برية غربية على الأرض، مهما قال رئيس الوزراء الآن حول نشر القوات القتالية البريطانية".
ويلفت كوربين إلى قرار مجلس الأمن الأخير، حول مواجهة تنظيم الدولة، قائلا إن "قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2249، الذي مرر في أعقاب هجمات باريس، لا يعطي مصادقة واضحة لا لبس فيها للغارات الجوية البريطانية، ولكنه إطار يرحب به، لقيام أعضاء الأمم المتحدة مثلا بقطع تمويل وعائدات النفط وإمدادات السلاح إلى أراضي التنظيم".
ويبين كوربين أنه "لا توجد هناك إلا إشارات قليلة على حدوث هذا. ولا يوجد أي دليل جاد عن استخدامه للتنسيق في العمليات العسكرية الدولية، أو الاستراتيجية العسكرية في سوريا، رغم المخاطر الواضحة من إمكانية حوادث كارثية، كما حدث مع إسقاط القوات التركية للطائرة الروسية".
واتهم كوربين كاميرون قائلا: "لقد تجنب رئيس الوزراء إخبار للشعب البريطاني عن التحذيرات التي قدمت إليه عن الأثر المحتمل للغارات الجوية البريطانية على سوريا، وعلاقتها بالتهديد الإرهابي لبريطانيا. كما ولم يقدم تقييما جادا عن أثر تصعيد الغارات الجوية على الضحايا المدنيين، الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، أو على أزمة اللاجئين السوريين بشكل عام".
ويقول كوربين إن "الاهم من هذا كله، أن كاميرون لم يكن قادرا وبشكل مطلق على شرح الكيفية التي سيساهم فيها القصف البريطاني على سوريا، ويدفع نحو عملية سياسية شاملة للحرب في سوريا. وهو ما يفهم أنها الطريقة الوحيدة للتأكد من هزيمة تنظيم الدولة. فالأخير نشأ بسبب غزو العراق، ولكنه نما وازدهر في سوريا في فوضى ورعب حرب أهلية متعددة الوجوه".
ويعتقد كوربين أن "سياسة كاميرون هي: اقصف أولا وتحدث ثانيا. وبدلا من إضافة قنابل للقنابل التي تمطر فوق سوريا، فما يجب عمله هو الإعلان عن تسوية سلمية في فيينا تشرك فيها اللاعبين الإقليميين والدوليين كلهم، بهدف التفاوض على تشكيل حكومة موسعة في سوريا، تحظى بدعم غالبية السوريين. وفي ضوء هذا الاتفاق فستقوم قوات إقليمية مدعومة دوليا بالمساعدة على أخذ المناطق من تنظيم الدولة. ولكن النصر النهائي والأخير لن يحققه سوى السوريين أنفسهم".
ودافع كوربين عن موقفه قائلا: "في الأسبوع الماضي حاولت أن أقود المعارضة للقصف الجوي في البلاد وداخل البرلمان وداخل حزب العمال. لأن رفض الحرب الكارثية، التي تدور في الشرق الأوسط منذ 14 عاما، كان السبب الرئيس الذي قاد إلى انتخابي زعيما للعمال. ومهما كانت الأوضاع صعبة في البرلمان، فإنه من الضروري التعلم من دروس هذه الحروب. وفي ضوء السجل الذي حققته التدخلات الغربية، فإن القصف البريطاني على سوريا يخاطر بنتائج أكثر من تلك التي وصفها باراك أوباما بأنها (نتائج غير مقصودة)".
ويختم كوربين مقاله بالقول إن "رئيس الوزراء قال إنه يسعى نحو تحقيق إجماع لدعم الحملة العسكرية، التي يريد المضي فيها، ولم يحقق أي شيء من هذا القبيل. فبعد العرب وأفغانستان وليبيا، فإن النواب الذي يفكرون بالتصويت عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار النتائج الرهيبة التي ستحصل. وفقط تسوية يتم التفاوض عليها كفيلة بإنهاء تهديد تنظيم الدولة".