كشفت صحيفة "الوطن" المصرية، الصادرة الأربعاء، أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي لجأ إلى الاستعانة بالإمارات من أجل الوساطة مع كل من إثيوبيا والسودان، في مواجهة أزمة سد "النهضة" الإثيوبي.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية عربية قولها إن هناك تحركا تقوده دولة الإمارات الشقيقة للوساطة في أزمة تعثر مفاوضات سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم.
ويميط ما ذكرته "الوطن"، الداعمة للسيسي، اللثام عن تحول أزمة سد النهضة إلى أزمة ثلاثية، بعد أن كانت مقصورة على النزاع بين مصر وإثيوبيا، إلى امتداده إلى نزاع آخر مع
السودان، التي يبدو أنها أخذت الموقف الإثيوبي ضد مصر، على خلفية الخلافات الأخيرة بين البلدين، التي تجددت حول مثلث حلايب وشلاتين، وتورط القاهرة في قتل مواطنين سودانيين بحجة محاولتهم التسلسل إلى "إسرائيل"، وتعذيب وسجن آخرين، على إثر اتهامهم بالتجارة في العملة.
وأشارت "الوطن" إلى أن الأسبوعين الماضيين شهدا تحركات مكثفة لمسؤولين إماراتيين كان أبرزها لقاءات لولي عهد "أبو ظبي"، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد
آل نهيان، بالرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين.
وبحسب "الوطن"، فقد أوضحت المصادر أن الرئيس السوداني، زار "أبو ظبي" مرتين خلال أسبوع واحد أثناء وجود رئيس الوزراء الإثيوبي بالإمارات، مشيرة إلى أنه قرر التوجه اليوم إلى إثيوبيا، بعد زيارته الأخيرة للإمارات، في زيارة رسمية يلتقي خلالها رئيس الوزراء الإثيوبي، للتباحث حول الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها ملف مفاوضات سد النهضة.
وذكرت الصحيفة أن زيارة البشير تأتي بعد أيام قليلة من تأكيده أن بلاده لم تساند إثيوبيا في أزمة سد النهضة، وأنهم يسعون لتوفيق وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا.
وفي تأكيد لما ذكرته "الوطن"، فقد نقلت مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية سابقا، السفيرة منى عمر، قولها: "تحدثنا مع دول الخليج بشكل واضح لأن هناك استثمارات خليجية كبيرة في إثيوبيا في مجال الزراعة".
وأشارت إلى أن هذا التنسيق المصري مع دول الخليج "جاء في إطار استخدامنا لكل أوراق الضغط لحل المشكلة سلميا وتوافقيا بعد وصول المفاوضات إلى مسار عقيم".
وشكك مراقبون في أن تأتي الوساطة الإمارتية بأي ثمار في حل المشلكة، مؤكدين أن الأمور تجاوزت مثل هذه الوساطة، لأن إثيوبيا نجحت في إملاء أمر واقع على مصر، مستغلة الفترة التي تلت الانقلاب العسكري في استكمال بناء النسبة الأكبر من السد، إذ وضعت مسار الحل في سياق مفاوضات عقيمة، لا تحقق نتائج ملموسة، على الطريقة الصهيونية، في التعاطي مع القضية الفلسطينية.
ويأتي اللجوء المصري إلى الوساطة الإماراتية في سياق قلق مصري عارم من اعتزام إثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق، إلى موقع آخر بخلاف مجراه الحالي، واستمرارها في نهج إقامة السدود المائية التي تهدف إلى تخزين مياه النيل، باعتبار أن الاستثمار فيها يحقق لها عوائد مالية ضخمة.
وتلجأ مصر خلال فترات الجفاف إلى السحب من مخزون بحيرة ناصر، الذي سيتأثر بتخزين إثيوبيا مياه الفيضان أمام سد "النهضة"، ما يشكل خطورة على الموقف المائي لمصر في ظل تزايد العجز المائي المصري لأكثر من 23 مليار متر مكعب من المياه سنويا.