في أول اعتراف رسمي بتعقد الموقف
المصري من أزمة
سد النهضة، قال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، إن المفاوضات مع إثيوبيا صعبة، وليست سهلة على الإطلاق.
وأضاف إسماعيل، في تصريحات للصحفيين يوم الاثنين، أن الوقت له عامل مؤثر في المفاوضات، وأن مصر تتعامل مع القضية بما يحمي حقوقها التاريخية، ولا تتحدث عن خطواتها المقبلة، مشددا على أن النقاط الرئيسية التي تتفاوض مصر بشأنها هي ألا يستخدم السد في أي أغراض غير تنموية، وألا يؤثر ملء الخزان خلف السد على حصة مصر المائية.
وكانت مصر وإثيوبيا والسودان قد اختتمت أول اجتماع سداسي ضم وزراء خارجية وري الدول الثلاث يوم السبت الماضي، دون إحراز أي تقدم يذكر على صعيد مفاوضات سد النهضة.
وأعلن وزير الري حسام مغازي، في تصريحات صحفية، أن القيادة السياسية، في إشارة إلى قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، تسلمت تقريرا مفصلا عن نتائج الاجتماع، وعن سير المفاوضات، التي أجريت خلاله.
وتسبب مشروع سد النهضة في إثارة قلق مصر الشديد من انخفاض حصتها من مياه
النيل بما يعرض البلاد لشح مائي يؤثر على مختلف مناحي الحياة فيها.
واستهلكت مصر وإثيوبيا والسودان لجنة أشهر طويلة في مفاوضات فنية بعد الاتفاق على تشكيل لجنة فنية من الخبراء، لكنها فشلت في التوافق على آليات عمل المكتبين الاستشاريين الهولندي والفرنسي.
ويقول مراقبون إن إثيوبيا نجحت في تضييع الوقت عبر المماطلة وإغراق المفاوضين المصريين في عشرات التفصيلات الصغيرة، بينما كانت تواصل بناء سد النهضة بوتيرة متسارعة حتى شارفت على الانتهاء من نصف الإنشاءات المطلوبة.
وقررت مصر في الشهر الماضي فقط، إدراج الشق السياسي في مسار المفاوضات بعد فترة طويلة من الاكتفاء بالمفاوضات الفنية، التي فشلت في التوصل لأي نتيجة على الأرض.
وأكدت مصادر مصرية أن القاهرة تدرس تدويل القضية، عبر اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.
تصعيد متدرج
إلى ذلك، قال وزير الري حسام المغازي، إن مصر لن تتخلى عن إلزام إثيوبيا بنتائج الدراسات الفنية الصادرة عن المكتب الاستشاري، مشددا على أنه في حالة فشل المفاوضات ستلجأ مصر للتصعيد المتدرج، بدءا بالتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن، ثم اللجوء إلى التحكيم الدولي.
وأشار إلى أن اجتماع اللجنة السداسية الذي انعقد في العاصمة السودانية الخرطوم، يوم الجمعة، لم يكن فاشلا، بل كان يعتمد على الصراحة والشفافية، وحقق الهدف منه، وهو إثارة الشواغل المصرية تجاه بناء السد، موضحا أن إثيوبيا وعدت بإرسال ردود مكتوبة بشكل رسمي خلال أسبوعين على كل الملاحظات المصرية.
وأكد مغازي أنه سيتم خلال الاجتماع السداسي المقبل بعد أسبوعين بحث آلية لمتابعة عمليات البناء على الأرض؛ لطمأنة الجانب المصري بالتنسيق مع الجانب الإثيوبي، بما لا يتعارض مع الدراسات الفنية، وبما لا يمس سيادة أديس أبابا.
وتقول مصر إنها لن تقبل أي تهديد لحصتها من مياه النيل، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، بينما تؤكد إثيوبيا أن سد النهضة الذي تبنيه لن يمثل ضررا على مصر.
يأتي هذا في وقت يطالب سياسيون وخبراء عسكريون بتوجيه ضربة عسكرية لسد النهضة توقف عملية بنائه قبل فوات الأوان دفاعا عن أمنها المائي.
اتفاق توريط مصر
وكان رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا قد وقعوا في شهر آذار/ مارس الماضي على وثيقة اتفاق مبادئ بشأن سد النهضة، التي تتضمن مبادئ تحكم التعاون بين الدول الثلاث، للاستفادة من مياه النيل وسد النهضة، لكن خبراء ومراقبين قالوا إن هذا الاتفاق مثّل خطأ كبيرا، حيث أصبح بمثابة اعتراف مصري بحق إثيوبيا في بناء السد والتأثير على حصة مصر من مياه النيل.
وشدد أحمد المفتي، العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة، على أن اتفاق المبادئ قنن وضع السد، وقوى الموقف الإثيوبي في المفاوضات الثلاثية، وأضعف الاتفاقيات التاريخية التي يستند إليها المفاوض المصري.
وقال نادر نور الدين أستاذ العلوم السياسية إن هذا الاتفاق وضع مياه نهر النيل أمانة في يد إثيوبيا وحدها، وأعطاها السيادة المطلقة على جميع موارد مصر المائية، وأقر الاتفاق بأن النيل نهر عابر للحدود وليس نهر دولي، أي أنه اعتراف بأنه نهر إثيوبي، ولم يرد في الاتفاق أي تحفظ على سعة سد النهضة أو ارتفاعه أو مواصفاته الفنية.
وأضاف عبر "فيسبوك" أن الحل الوحيد للخروج من تلك الأزمة هو عرض الاتفاق على مجلس النواب ليرفضه، وهو ما سيترتب عليه سحب الاعتراف المصري بشرعية سد النهضة، ومن ثم تبدأ مصر في تدويل القضية.
من جانبه، توقع اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن يكون العمل العسكري هو الحل الأخير لأزمة سد النهضة، موضحا أن العمل العسكري يخضع لتقديرات دقيقة من الجوانب السياسية والعسكرية.