نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمارتين شلوف وكريم شاهين، قالا فيه إنه عندما أطلقت
روسيا حملتها لدعم بشار
الأسد، كانت تعتمد على أن هناك قوات سورية على الأرض لإنهاء ما تبدؤه الطائرات المقاتلة.
ويستدرك التقرير بأنه وبعد أكثر من 12 أسبوعا منذ بدء العملية، لم يحقق
الجيش السوري، ولا المليشيات الشيعية المتعددة التي تدعمه، تقدما حقيقيا على الأرض. وفي الوقت ذاته أضافت الطائرات العسكرية الروسية مذابح جديدة إلى المذابح المرتكبة في
سوريا، فقتلت 600 مواطن سوري، 70 منهم في إدلب يوم الأحد.
وتشير الصحيفة إلى أن الدمار الذي جلبته الحملة الروسية خلال الأسبوعين الماضيين على مناطق شمال سوريا، والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في حماة ودمشق، ومراكز الكثافة السكانية، أكثر كثافة من أي وقت مضى خلال الخمس سنوات من الحرب، بحسب سكان تلك المناطق والمراقبين في الخارج.
ويذكر الكاتبان أن أمريكا تدعي بأن الفجوة بينها وبين روسيا حول كيفية إنهاء الحرب في سوريا بدأت تتضاءل، حيث نادى الطرفان الأسبوع الماضي بعملية سلمية، تهدف إلى إنهاء صراع تسبب بمقتل ربع مليون شخص، وترك سوريا محطمة.
ويلفت التقرير إلى أنه لا يوجد أي ثقة في العملية السلمية على الأرض في مناطق الثوار. ويقول أحد الأطباء بينما كان يعالج مصابا في إدلب: "أين هم الروس المتفهمون الذين يدعي كيري بأنهم بدؤوا يرون النور؟ فلم تضربنا طائرات بشار بالقوة ذاتها التي تضربنا بها الطائرات الروسية، ولم يصطدنا
تنظيم الدولة بمثل هذا الشكل أبدا".
وتبين الصحيفة أنه بينما تتزايد الأضرار الناتجة عن
الغارات الجوية، فإن القوات البرية السورية لم تظهر أنها قادرة على الاستفادة منها لصالحها على الأرض. وحيث أوقعت مضادات الدبابات الكثير من الضحايا في صفوف الجيش بين حماة واللاذقية، فإن الحكومة تحاول تجنيد أكبر عدد ممن هم في سن التجنيد في المناطق التي تسيطر عليها لاستعادة شيء من قوة الجيش.
ويقول الكاتبان إن هذه الجهود وصلت ذروتها في دمشق، حيث قال أحد السكان إن الحكومة بدأت حملة قبل شهر، تهدف إلى تجنيد عشرات آلاف الشباب لقوات الاحتياط، وأضاف أن الحملة استهدفت شبابا أتموا خدمتهم العسكرية الإجبارية.
وتنقل الصحيفة عن المواطن قوله: "يريدون أشخاصا لديهم بعض الخبرة، ويأخذون أناسا خدموا من قبل، وقد صدرت قوائم استدعاء لمجندين في الاحتياط بدلا من إرسالها للبيوت، حتى لا يختفي المطلوبون".
ويضيف المواطن أن نسخا من القوائم وضعت على الحواجز المنتشرة في أنحاء المدينة، حيث يتم تفحص هويات الشباب الذين يعبرون تلك الحواجز قبل القيام بأخذهم للجيش، إن كانت أسماؤهم موجودة على القوائم. ويتابع قائلا: "يؤخذون على الحواجز دون سؤال إن كانوا مطلوبين ولا يقال لهم اذهبوا إلى البيت وأحضروا ملابسكم". كما أن الحكومة أدخلت الحواجز الطيارة للبحث عن شباب للتجنيد.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن رجل آخر قوله إن صديقه، الذي لم يكمل تدريبه كونه جنديا احتياطا، أخذ من البيت إلى قاعدة عسكرية بداية الأسبوع الماضي. ويضيف: "هناك شاحنات عليها سماعات تدور في الشوارع، وتطلق منها أوامر للشباب بالانضمام للجيش".
وينوه الكاتبان إلى أن روسيا أطلقت حملتها على أنها حملة لتحرير سوريا من الإرهاب في 30 أيلول/ سبتمبر، وتستمر في توجيه طاقتها بعيدا عن معاقل تنظيم الدولة. ويقول المسؤولون العسكريون والدبلوماسيون إن ما لا يقل عن 80% من الغارات الروسية تستهدف مجموعات معارضة لا علاقة لها بتنظيم الدولة.
وتنقل الصحيفة عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي توثق الهجمات في طول وعرض البلاد، قولها إن المساجد والمخابز والبنايات السكنية والمدارس ومحطات توليد الكهرباء ومصادر المياه كلها ضربت بشكل مستمر، وسجلت أسماء 570 شخصا، بينهم 152 طفلا، قتلوا في الهجمات الروسية.
ويفيد التقرير بأنه في إدلب، التي وقعت تحت سيطرة المعارضة بقيادة الجهاديين، بما في ذلك جبهة النصرة الربيع الماضي، يقول عمال الدفاع المدني إن الروس قاموا بشن ست غارات على الأقل على منطقة سكنية في قلب المدينة، حيث قتل ما لا يقل عن 70 شخصا، وجرح أكثر من مئة. وجاءت هذه الغارات بعد غارات موثقة على 13 مستشفى ومركزا طبيا في أوائل تشرين الثاني/ أكتوبر، وهجمات جنوب المعبرين على الحدود شمال غرب سوريا مع تركيا.
ويورد الكاتبان نقلا عن أحد عمال المؤسسات غير الحكومية، قوله: "لقد تم شل حركة إيصال مواد الإغاثة، وحتى الإمدادات الروتينية لحلب، ولا يدخل شيء إلى هناك. ويتم تجويع الناس المتبقين هناك عن عمد. إنها استراتيجية عسكرية".
ويلفت التقرير إلى أنه وقع الأسبوع الماضي ما لا يقل عن 70 انفجارا، معظمها كانت بسبب غارات جوية ضربت الغوطة، بالقرب من العاصمة السورية، ما تسبب بمقتل العشرات، وكانت مؤشرا على تصعيد جديد في حملة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي يصر على أنها ضد تنظيم الدولة.
وتنقل الصحيفة عن عيسى خالد، وهو واحد من حوالي 300 ألف مواطن، لا يزالون يعيشون في شرق الغوطة، حيث وقعت عدة هجمات كيماوية كارثية في آب/ أغسطس 2013، قوله: "لم نشهد مثل هذا القصف من قبل، فقد كانت السماء فوقنا تظهر وكأنها هيروشيما، وكانت هناك غيوم مشرومية في كل مكان، وكان الدمار كبيرا".
ويقول حارث أبو باقي (34 عاما) وهو قائد عسكري من الشمال السوري: "إن هذا يهدف بالتأكيد إلى تدمير الثورة، إنهم يستخدمون الأكراد كونهم قوات برية؛ لأن الجيش السوري لم يستطع القيام بواجباته، وهذا فاجأ الروس الذين وجدوا أنفسهم في مستنقع".
ويضيف أبو باقي للصحيفة: "إنهم يهدفون للسماح لحزب الاتحاد الديمقراطي بالسيطرة على خطوط الإمداد والحدود، كما يريدون الضغط على تركيا التي لا تريد أن تخسر السيطرة على حدودها". ويقول: "كانوا في جنوب حلب يتقدمون في حملتهم، وكانت المليشيات الشيعية تعمل بأقصى قوتها، ولكنهم توقفوا الآن، ولا يتقدمون بالرغم من أعدادهم الأكبر وعتادهم الأفضل".
ويكشف الكاتبان عن أن قوى المعارضة والدبلوماسيين الإقليميين تقول إن المليشيات الشيعية بالقرب من حلب في غالبيتها من الشيعة الأفغان، الذين أتت بهم إيران، ويقودهم ضباط إيرانيون وأعضاء كبار في حزب الله.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول أبي باقي: "المشكلة أن هذه ليست قضيتهم، وليست لديهم الإرادة للقتال، وقتل حوالي 17 ضابطا إيرانيا كبيرا يحاولون تثبيت النظام والانضباط، منهم عدة جنرالات، واحد منهم فقط قتله تنظيم الدولة. الأمور لا تسير لصالحهم، ولا أرى الشمال يستقر في أي وقت قريب".