أثار موعد تشييع الزعيم التاريخي، والمعارض
الجزائري، حسين آيت أحمد، جدلا واسعا بالأوساط السياسية والشعبية، فالرجل الذي فارق الحياة بلوزان السويسرية الأربعاء 23 كانون الأول/ ديسمبر، لم يشيع إلى اليوم، بينما رتب لجنازته أن تكون الجمعة المقبل الفاتح من كانون الثاني/ يناير.
وكان آيت أحمد فارق الحياة عن عمر ناهز 89 عاما بمدينة لوزان السويسرية، حيث كان يقيم.
لم يحدث بالجزائر أن كلف تشييع
جنازة زعيم السياسي عشرة أيام كاملة، حتى بالنسبة لرؤساء الجزائر الراحلين، على ما تتطلبه مراسيم التشييع من إمكانات ووقت لرجال من هذا المقام.
لكن الأمر يختلف بالنسبة لتشييع أحد القادة المؤثرين بالثورة الجزائرية (1954 – 1962)، وأقدم معارض للنظام بعد إستقلال الجزائر، بينما يعلق الجزائريون منذ وفاته الأربعاء الماضي، على تأخر تشييع المرحوم آيت أحمد بأن "الرجل مازال معارضا حتى وهو ميت".
لكن، ما المقصود بهذا الكلام؟ يقول محمد نبو، الأمين الوطني لحزب جبهة القوى الاشتراكية، الذي أسسه عام 1993، وتزعمه فقيد الجزائر، آيت أحمد، بتصريح لصحيفة
"عربي21"، الأحد، إن "جنازة الراحل ستكون شعبية"، ما يعني أن الجنازة، ورغم قيمة الراحل التاريخية والسياسية، لن تكون تحت إشراف رئاسة الجمهورية كما يريد محيط الرئيس بوتفليقة.
وقال شافع بوعيش، القيادي بالحزب، بتصريح لصحيفة
"عربي21"، الأحد، إن "الراحل آيت أحمد غير قابل للاسترجاع"، قاصدا بذلك أن السلطة لا يمكنها أن تتبنى جنازة رجل يعارضها منذ الاستقلال، ولم يتبوأ أي منصب بالجزائر المستقلة منذ فك ارتباطها بفرنسا عام 1962، وكان لآيت أحمد دور فاعل في ذلك.
ولم تؤكد عائلة آيت أحمد، مثل حزبه، صراحة، رفضهما أن تكون للزعيم التاريخي جنازة "رئاسية" أو "رسمية"، لكن تأخر تشييعه، وعزم عائلته وأصدقائه على الترتيب لجنازته، يحيل إلى أن العائلة والحزب و"العرش" الذي ينتمي إليه الراحل بمحافظة تيزي وزو، رفض إشراف الرئاسة على عملية التشييع، وقد يكون ذلك بناء على وصية من آيت أحمد.
وكانت الرئاسة بالجزائر أعلنت حدادا لثمانية أيام إثر رحيل الزعيم الجزائري، وهو حداد رحيل الرؤساء.
وينتمي آيت أحمد إلى "أمازيغ" محافظة تيزي وزو، وهي المنطقة التي خرج منها دعاة انفصاليون يتزعمهم فرحات معني، ويطالبون بالانفصال عن الجزائر، لكن آيت أحمد وقف ضد فكرة الانفصال.
وجهزت قرية "آيت أحمد" التي يحمل المرحوم اسمها، حافلات لنقل المواطنين، ورتبت كل التدابير اللوجتسية لاستقبال جثمانه بمطار هواري بومدين، بالعاصمة الجزائرية، الخميس، على متن رحلة عادية من سويسرا، بينما كانت الرئاسة بالجزائر تجهز لطائرة خاصة لنقل جثمانه من لوزان السويسرية.
ويشيع جثمان الراحل، الجمعة، بعد إلقاء النظرة الأخيرة عليه، بمقر حزب جبهة القوى الاشتراكية، بالعاصمة، الجزائر، عكس الزعماء الراحلين، الذين تم إلقاء النظرة الأخيرة عليهم بقصر الشعب الذي يتبع لرئاسة الجمهورية بالجزائر.
وقال يوسف أوشيش، القيادي بحزب آيت أحمد، في تصريح لصحيفة
"عربي21"، الأحد، إن من بين الدوافع التي أدت إلى تأخير تشييع الفقيد، "السماح لأصدقاء ومعارف آيت أحمد بأوروبا، بإلقاء النظرة الأخيرة عليه بلوزان السويسرية، حيث كان المعني قياديا فيما يسمى بالأممية الاشتراكية، وكان يحظى بعلاقات واسعة مع شخصيات سياسية أوروبية".