في نكسة جديدة لحرية
الصحافة في
مصر، أحيل ستة صحفيين إلى محكمة الجنايات بتهمة نشر أخبار كاذبة عن وزير العدل المستشار أحمد الزند، والتشهير به.
والمتهمون هم رؤساء تحرير ثلاثة صحف، هي بوابة الأهرام الإلكترونية، وجريدة المصريون، وصوت الأمة، بالإضافة إلى ثلاثة محررين في هذه الصحف.
إدانة الزند بالمستندات
وفي أول رد فعل لها، قررت جريدة المصريون السير في إجراءات التقاضي. وقال رئيس التحرير محمود سلطان، لـ"عربي21": "قررنا الرد بشكل قانوني"، مؤكدا أن "لجوء الزند لرفع دعاوى قضائية ضد الصحفيين يسيء لنفسه، وحتى للنظام، ويمثل عبئا على القضاء، بوصفه وزيرا للعدل"، وفق قوله.
وبشأن طبيعة
التحقيق الصحفي الذي تم نشره حول الزند، وما تضمنه، أكد سلطان أنه كان مشفوعا بالدلائل والبراهين، وأضاف: "عرضنا المستندات التي بحوزتنا، والتحقيق الذي كتبته الزميلة إيمان يحيى كان حرفيا ومهنيا، وقد استوفى جميع شروط تقارير التحقيقات"، نافيا أن يكون فيه "سب أو قذف لأحد".
ونشرت الصحف المشار إليها
تحقيقا صحفيا مدعوما بمستندات؛ يتهم الزند، عندما كان رئيسا لنادي القضاء، ببيع قطعة أرض مملوكة لنادي قضاة بورسعيد لابن عم زوجته، بسعر 18 ألف جنيه للمتر بإجمالي 9 ملايين و153 ألف جنيه لقطعة الأرض البالغ مساحتها 508.5 متر مربع، وهو أقل من سعرها الحقيقي.
وكشف سلطان أنه "تم أخذ رأي نادي القضاة، ومحامي المستشار الزند، ورأي مجلس القضاء الأعلى، وتم التواصل فيه مع جميع الأطراف"، مضيفا أن القضية "تم التعامل معها على أنها قضية إهدار مال عام".
استغلال نفوذ
بدوره، قال عضو جبهة الدفاع عن
حريات الصحفيين، أبو المعاطي السندوبي: "بشكل عام كل جرائم النشر لا يوجد بها عدل، ونحن كجماعة صحفية طالبنا بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، واستبدالها بأخرى؛ لأنه تقييد لحرية الصحفي".
وأضاف لـ"عربي21" أن "اللجوء للقضاء لصالح وزير معروف عنه انتماءاته لحقبة مبارك؛ فيه مجاملة من النيابة والقضاء لحساب وزيرهم"، واصفا التهم الموجهة لهؤلاء الصحفيين بأنها "ذات توصيف سياسي، وليست مبنية على أسس قانونية، وهي قضايا رأي وليست جرائم"، وفق تقديره.
وتساءل السندوبي: "لماذا يتم تجاهل دعوات الإعلاميين على شاشات الفضائيات لقتل الناس في الشوارع، ولا تحُرك ضدهم أي قضايا، في حين يُسخر القضاء لخدمة وزير؟".
حكم عسكر
بدوره، قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عبد القدوس: "هذا حكم عسكر"، مضيفا لـ"عربي21": "كل شيء متوقع في ظل وجود عشرات الصحفيين محبوسين، وآلاف المعتقلين في المعتقلات".
ووصف تلك التهم بـ"الفضفاضة"، و"تروج في أوقات الاستبداد السياسي، بالرغم أن من بين المحالين مؤيدين للسيسي، ولكنهم أبدوا بعض الامتعاض في بعض الأحيان، فكان هذا المصير المحتوم".
ورأى عبد القدوس أن "الزند أحد مراكز القوة، ويسيء لسلطاته، والقضاة يجاملونه على حساب الحقيقة، والحريات العامة"، مطالبا الصحفيين بعدم "الاستجابة لتلك الضغوط في ظل خروج بعض القضاة عن الحيادية"، وفق قوله.
انتهاك المعايير
بدوره، وصف الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، أمر الإحالة للمحاكمة بأنه "إشارة جديدة على انتهاك السلطة لجميع معايير حرية التعبير".
واعتبرها "رسالة إلى الصحفيين بأن الخروج عن الخطوط الحمراء ممنوع"، مضيفا لـ"عربي21" أن "سقف النقد المحظور انخفض إلى مستوى وزراء الحكومة، رغم أن هذا السقف إبان حكم مبارك كان فقط شخص الرئيس وأسرته .
واستغرب من توقيت أمر الإحالة الذي "جاء بعد يومين من حبس صحفي بوابة يناير، وآخر بجريدة دردشة الفنية، والتحقيق مع اثنين آخرين بجريدة التحرير بناء على بلاغ آخر للزند أيضا، في أكثر أسبوع انتهاكا للحريات"، بحسب تعبيره.
حرره الدستور وحبسه القانون
أما، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، عزت غنيم، فأكد أن "ملف
الانتهاكات ضم الصحفيين بشكل كبير، وتبوأت مصر المركز الأول في مستوى الانتهاكات، مقابل دولة كبرى بحجم الصين".
وقال لـ"عربي21" إن "حرية الصحفي مكفولة بالدستور، وحبسه منصوص عليه بالقوانين"، معتبرا أن كل ما يقيد حرية الصحفي "يجب أن يتم تعديله، بحيث لا يحبس الصحفي على رأية مطلقا".
وأكد أن "اعتقال الصحفي وإهانته؛ عملية ترهيب لتكميم الأفواه"، وأن "كل الاتهامات بناء على رأي هي اتهامات ذات خلفية سياسية وليست قانونية، ولا يجوز التعويل عليها"، وفق قوله.