نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا حول تطورات المشهد السياسي في
تونس، ناقشت فيه حظوظ أبرز شخصية مرشحة لخلافة الباجي قايد
السبسي في منصب رئيس الجمهورية التونسية، خلال
الانتخابات الرئاسية القادمة في سنة 2019.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن التحديات التي تواجهها تونس خلال الفترة القادمة لا تقتصر على المستويين الأمني والاقتصادي، بل تتجاوزهما إلى المستوى السياسي، خاصة بعد تزايد الجدل حول "الرجل المناسب" لخلافة الرئيس الباجي قايد السبسي في رئاسة الجمهورية.
وذكرت الصحيفة أن السبسي تمكن من الفوز بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال سنة 2014، حينما كان يبلغ من العمر 89 سنة، إلا أنه من المرجح أن تنتهي مسيرته السياسية في الانتخابات القادمة في سنة 2019، ولذلك فإن الحزب الحاكم وضع حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس التونسي، في واجهة المشهد السياسي باعتباره أبرز المرشحين لخلافة والده في السلطة.
وأضافت الصحيفة أن حزب "
نداء تونس"، الذي أسسه السبسي الأب في سنة 2012 قرر خلال مؤتمره الانتخابي المنعقد في 10 كانون الثاني/ يناير 2016، تعيين حافظ السبسي أمينا عاما وطنيا له.
واعتبرت أن تعيين السبسي الابن في الهياكل القيادية للحزب الحاكم بتزكية من والده، يؤسس لإعادة النظام الوراثي في الحكم، الذي كان دائما سببا في الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد منذ الاستقلال، وأدى إلى خلق أزمات خطيرة في المشهد السياسي.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس السبسي تمكن من الفوز بالانتخابات الرئاسية خلال سنة 2014 بفضل خبرته السياسية، التي سمحت له بتحمل مسؤوليات هامة في أوقات صعبة من تاريخ الدولة التونسية، بينما لم يظهر نجله حافظ في المشهد السياسي إلا بصفته نجل الرئيس التونسي.
وأضافت الصحيفة أن حزب "نداء تونس" لم يستطع، رغم نجاحه في الانتخابات التشريعية والرئاسية، المحافظة على تماسكه ووحدته، بعد أن احتدمت الخلافات في الأشهر الأخيرة بين حافظ قايد السبسي، والأمين العام للحزب محسن مرزوق.
وذكرت الصحيفة أن قرارات المؤتمر الانتخابي الأخير لحزب نداء تونس، جاءت لتؤكد سيطرة حافظ على هياكل الحزب، بعد أن نجح في إقصاء خصومه وإسكات معارضيه، خاصة محسن مرزوق الذي أعلن استقالته من الحزب بسبب سيطرة نجل الرئيس على هياكله.
واعتبرت الصحيفة أن قرارات المؤتمر الانتخابي للحزب الحاكم لا تمثل نهاية الخلافات بين محسن مرزوق وحافظ قايد السبسي، التي تتجاوز السياسات الداخلية لحزب نداء تونس إلى الرغبة في السيطرة على المشهد السياسي للبلاد.
وأضافت الصحيفة أن حافظ قايد السبسي يعتمد في دعم موقفه داخل حزب نداء تونس على دعم رجال الأعمال والأعضاء السابقين في حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" المنحل، الذين انخرطوا في الحزب منذ تأسيسه من طرف الباجي قايد السبسي في سنة 2012.
وذكرت الصحيفة أن القيادي المنشق عن حزب نداء تونس، محسن مرزوق، لم يتردد في إعلان انسحابه، خاصة بعد تمسك الحزب بسياسة "التوافق" التي تبناها الباجي قايد السبسي في التعامل مع الأحزاب الأخرى، وخاصة حزب "حركة النهضة" الذي يعتبر أبرز حزب إسلامي في تونس.
واعتبرت الصحيفة أن الخلافات الداخلية للحزب الحاكم ساهمت في إضعاف موقفه في السلطة، بعد استقالة محسن مرزوق مع 21 نائبا من الكتلة النيابية للحزب في البرلمان، وهو ما أدى إلى خسارة حزب نداء للأغلبية البرلمانية لصالح حركة النهضة.
وأضافت الصحيفة أن محسن مرزوق، الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة، أعلن بعد استقالته من الأمانة العامة للحزب، عن تأسيس حزب قال عنه إنه "يحترم المبادئ العلمانية والجمهورية التي ساهمت في فوز نداء تونس خلال انتخابات سنة 2014".
وذكرت الصحيفة أن مسألة التقارب بين "حركة النهضة" و"نداء تونس"؛ لازالت رغم رحيل محسن مرزوق، موضوع خلاف داخل الحزب الحاكم؛ حيث أبدى أعضاء الحزب امتعاضهم من استضافة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، خلال المؤتمر الانتخابي للحزب في مدينة سوسة.
وقالت الصحيفة إن التقارب بين حزب "نداء تونس" العلماني وحركة النهضة الإسلامي؛ هو في الحقيقة تقارب الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي في مواجهة تهديدات الفكر المتطرف، إلا أن هذا التوافق لا يمكن أن يدوم كثيرا بين حزبين لديهما توجهات مختلفة في التعامل مع العديد من القضايا الجوهرية.