نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا حول تردي الأوضاع الاجتماعية في المناطق المهمشة في الداخل
التونسي، وتحديدا في محافظة
القصرين التي تعيش منذ أيام على وقع تحركات احتجاجية عنيفة.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مظاهر
العنف تزايدت بصفة تدعو للقلق في محافظة القصرين، التي تعدّ أبرز المدن التي احتضنت الثورة التونسية في بداياتها، وهي تشهد منذ أيام غليانا اجتماعيا ومحاولات انتحار، خاصة في صفوف الشباب العاطلين عن العمل.
وذكرت الصحيفة أن التوتر الذي يخيم على القصرين، اتخذ في الأيام القليلة الماضية منحى عنيفا، بعد أن قام شاب عاطل عن العمل يدعى رضا اليحياوي؛ بالانتحار في أحد شوارع المدينة، ومحاولة شابين آخرين تنفيذ انتحار جماعي؛ احتجاجا على أوضاعهما المتردية.
وأضافت الصحيفة أن التحركات العنيفة تتركز في حي الزهور في مدينة القصرين الذي يعدّ أكثر المناطق تهميشا في تونس، وهو ما دفع بالسلطة الأمنية في البلاد إلى فرض حظر التجول في المدينة من الساعة السادسة مساء إلى الخامسة صباحا، وتعزيز التواجد الأمني في شوارع المحافظة؛ بهدف التصدي لهذه التحركات الشعبية التي عبرت عن تواصل القطيعة بين الشعب والنخبة السياسية.
واعتبرت الصحيفة أن القطيعة بين أهالي القصرين والدولة تحولت إلى صدام عنيف؛ حيث أدرك شباب المحافظة بعد خمس سنوات من انطلاق الثورة التونسية أن
التهميش والفقر الذي تعاني منه القصرين لا يتعلق بالسياسة التي اتبعها زين بن علي في تهميش المدينة لأكثر من 23 سنة، بل بالحكومات المتعاقبة التي عمقت المأساة، ما جعل الأهالي "يفقدون شعورهم بالانتماء الوطني".
وأضافت الصحيفة أن ما تشهده القصرين من تحركات احتجاجية عنيفة هو نتيجة حتمية لتواصل سياسة التهميش، وغياب التوازن في التنمية بين الجهات الداخلية وجهات الساحل والشمال المحظوظة.
وقد تفاقمت هذه السياسة بعد الثورة، حيث واصلت الدولة في سياستها المركزية واستئثار جهة الساحل والعاصمة التونسية بأغلب الاستثمارات العمومية، مقابل تهميش الجهات الداخلية للبلاد.
وذكرت الصحيفة أن الاستثمارات في البنية التحتية والاقتصادية في جهة الساحل التونسي، جعلت منه أبرز قطب اقتصادي وتنموي للبلاد، بينما لا زالت جهات الشمال الغربي، والجنوب والوسط الغربي، تعاني من مشكلات الفقر والبطالة.
واعتبرت الصحيفة أن أهالي الجهات الداخلية توقعوا أن تنصفهم الثورة التونسية من خلال إنجاز مشاريع تنموية، إلا أن الوعود التي قطعتها الحكومات المتعاقبة في السلطة لا زالت حبرا على ورق، ولم تتحول إلى مشاريع تنموية بعد خمس سنوات من المماطلة المتواصلة.
وأضافت الصحيفة أن معدلات الانتحار في تونس بلغت أرقاما مفجعة، حيث أقدم أحد التلاميذ، الثلاثاء الماضي، على الانتحار شنقا في عمادة جومين بمحافظة بنزرت في الشمال التونسي، بينما يدفع اليأس الشباب غالبا نحو الاختيار بين الهجرة السرية إلى إيطاليا أو الانضمام إلى تنظيم الدولة، على حد تعبير الصحيفة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن التحديات والمشكلات التي تواجهها القصرين لا تقتصر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، بل تتجاوزهما إلى الوضع الأمني، حيث يتحصن الإرهابيون في جبال المحافظة، وسط مخاوف داخل الدولة التونسية من توسع هذه التحركات نحو المحافظات المجاورة.