نشرت صحيفة "بي بي سي موندو" الإسبانية، تقريرا عرضت فيه شهادات من بعض الذين ألقوا القبض على
القذافي أيام
الثورة الليبية، لافتة إلى أن الصراع على الحكم في
ليبيا ما زال متواصلا، في ظل الانتشار الكثيف للسلاح في البلاد، وأطماع جميع الفرقاء للوصول إلى الحكم.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه عندما احتفل الثوار في ليبيا بوفاة معمر القذافي، رُفع مسدس العقيد المطلي بالذهب كرمز للنصر، مشيرة إلى أنه "بعد أربع سنوات من هذه الحادثة؛ قرر غابريال غايتهاوس، الصحفي الذي كان شاهد عيان على واقعة القبض على القذافي، العودة إلى ليبيا؛ لإيجاد الشخص الذي كان يحمل
المسدس الذهبي".
وأوضح الصحفي الإسباني أن لديه صورة على هاتفه الجوال، التقطها حين وجوده في سرت في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2011، يظهر فيها شاب يرتدي قميصا أزرق وقبعة بيسبول، يمسك مسدس القذافي بيده، حيث كان الثوار يمررون مسدس القذافي من يد إلى أخرى.
وذكرت الصحيفة أنه رغم مرور أربع سنوات؛ إلا أن البلاد لا تزال في حالة اضطراب وفوضى، "فالحكومات المتناحرة لكل منها مليشيات داعمة لها، تقاتل من أجلها، ما جعل ليبيا منقسمة على أسس عقائدية وجغرافية، شرقا وغربا، إسلاميين وعلمانيين".
وقالت إن
تنظيم الدولة استغل هذه الأزمة، فتمركز بسرت مسقط رأس القذافي، الأمر الذي اضطر الصحفي غابريال إلى التراجع نحو مدينة مصراتة. ونقلت عنه قوله: "لقد جئت بحثا عن الرجل الذي كان بحوزته المسدس.. أريد أن أعرف ما حدث له ولباقي الثوار الذين قبضوا على القذافي".
وأوردت الصحيفة أن أول مقابلة للصحفي الإسباني كانت مع أنور صوان، الذي يُعد الشخصية الرئيسة في مصراتة خلال الثورة، مشيرة إلى أنه "عندما قتل القذافي؛ جلب له الثوار جثته، وهو الذي قام بعرضها للإعلام".
وأضافت أن صوان مستاء من تدهور الأوضاع في ليبيا، حيث قال: "لقد قطعنا رأس الأفعى، لكن لا يزال المئات من الرؤوس الواجب قطعها.. إلى حد الآن؛ نحن نحارب من أجل الهدف نفسه، وهو أن يحكم ليبيا قائد عادل، لكن الكل يريد أن يحكم في ظل الانتشار المكثف للسلاح".
وعند استفسار الصحفي الإسباني عن مسدس القذافي؛ ذكر صوان اسم "عمران شعبان"، وهو أحد الثوار الذين أمسكوا بالقذافي، وتم تصويره في أحد الفيديوهات، وهو يحاول منع قتل العقيد.
ونقلت الصحيفة لقاء الصحفي الإسباني مع أيمن الماني، الذي أعطاه مجموعة من الصور التي التقطها ولم تنشر من قبل في وسائل الإعلام، والتي تظهر العقيد الليبي وهو ينزف متوسلا. وعلق الماني على هذه الصور بالقول: "هو يستحق ما حصل له، رغم أن الإسلام يعلمنا حسن التعامل مع الأسرى، لكن في تلك الحالة من الفوضى؛ لم يكن هناك أحد قادرا على منع الناس من ذلك".
وبعد حادثة القبض على القذافي؛ أصبح عمران شعبان بطلا، وبعث الأمل في ثورة الليبيين، لكن الأمر لم يطل كثيرا، ففي 2012 تم اعتقاله من قبل القوات الموالية للقذافي في بلدة بني الوليد، حيث تعرض للتعذيب، ليتوفى قبل أن ينجح ثوار مصراتة في التفاوض من أجل إطلاق سراحه.
وقالت الصحيفة إن غابريال كان مع شاب ظهر في الصورة وهو يحمل سلاح القذافي، يُدعى "
محمد البيبي"، الذي أكد بدوره أنه وجد السلاح ملقى على الأرض قرب جثة العقيد، وفي تلك اللحظة من الفوضى؛ ظن الثوار أنه هو من قتل العقيد، وهو ما جعل منه بطلا.
وعند سؤاله عن مصير المسدس الذي يبلغ طوله تسعة سنتيمترات، وهو مطلي بالذهب، ومزيّن بتصاميم من الأزهار؛ قال البيبي إنه لا يزال يحتفظ به.
وبحسب البيبي؛ فإن المسدس كان هدية من أحد أبناء القذافي، بمناسبة الذكرى الـ32 للثورة التي أتت بالقذافي للسلطة، ليصبح بعد 10 سنوات رمزا لسقوط القذافي من الحكم.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيبي يقوم بالتدابير اللازمة للحفاظ على غنيمته، "فإلى حد الآن لا زال هناك موالون للقذافي يهددونه بالقتل، وهو ما دفعه إلى أن يطلب من الصحفي الإسباني غابريال؛ أن ينشر للعالم عدم مسؤوليته عن قتل القذافي".
وفي الختام؛ تساءلت الصحيفة عن إمكانية تواصل الحرب الأهلية لأكثر من خمس سنوات مقبلة؛ فكانت إجابة البيبي قوله إن "هذا يحزنني بالطبع، فمن المؤسف رؤية الليبيين يقتلون بعضهم البعض، فالكل يريد الاستئثار بمنصب القذافي".