طالبت 14 منظمة حقوقية
مصرية المجلس الأعلى للقضاء، بصفته أعلى هيئة بالسلطة القضائية، بالنظر على وجه السرعة في المذكرات والشكاوى المقدمة إليه بخصوص قضية محمود محمد، المعروف بـ"معتقل التيشيرت".
كما طالبوا، في بيان لهم الثلاثاء، النيابة العامة، بوصفها صاحبة الولاية على القضية حاليا، بتدارك "الخرق الفادح للقانون، والإفراج فورا عن محمود محمد انتصافا للقانون، ورفعا للظلم الفادح الواقع على محمود وذويه، ووقفا لانتهاك بالغ يمس منظومة العدالة نفسها ويهدد بتقويض أحد أهم أركانها، فلا عدالة في منظومة قضائية لا يتقيد ممثلوها أنفسهم بنصوص القانون، ولا عدالة لمنظومة قضائية يتم فيه إهدار حيادية القضاء، ونصوص القانون بأيدي من يفترض فيهم صيانتها".
وأعربت المنظمات عن إدانتها الشديدة للقرار الصادر عن الدائرة رقم 24 لمحكمة جنايات الجيزة، بتجديد الحبس الاحتياطي لمحمود محمد الطالب بالمرحلة الثانوية، لمدة 45 يوما آخرين، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 715 لسنة 2014 إداري المرج، وذلك رغم تخطيه الحد الأقصى القانوني للحبس الاحتياطي وقدره عامين.
واعتبرت المنظمات أن "هذا القرار – دون التطرق لسلسلة طويلة من الانتهاكات شهدتها وقائع تلك القضية على مدار عامين– يمثل انتهاكا مفزعا، خطير الدلالة، ومخالفة صريحة من قبل النيابة العامة ومحكمة الجنايات لنص القانون بشكل مباشر وعلى نحو متعمد لا ريب فيه".
وقال البيان إن قانون الإجراءات الجنائية ينص في مادته رقم (143) على ألا يتجاوز مجموع مدد الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق والمحاكمة بأي حال من الأحوال مدة عامين، وذلك في حالة الاتهامات التي تصل الأحكام فيها للمؤبد أو الإعدام، وحيث إن فترة الحبس الاحتياطي لمحمود محمد بدأت في 25 كانون الثاني/ يناير 2014، فقد انتهت المدة القانونية لحبسه احتياطيا منذ 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، أي منذ 15 يوما.
وتابعت: "من ثم يعد قرار تجديد حبسه السابق والصادر في 6 كانون الثاني/ يناير الماضي منتهيا وجوبا بحكم القانون في 25 من الشهر نفسه، بغض النظر عن مدة التجديد التي صدر بها القرار. وكان ينوط بالنائب العام امتثالا للقانون أن يأمر بالإفراج عن محمود في ذلك الموعد، إلا أنه –وعلى نحو مخالف للقانون–، أصر على تقديم طلب لدائرة رقم 24 جنايات الجيزة بتجديد حبسه، فيما قبلت الدائرة ذلك على نحو مخالف للقانون أيضا".
وكان تعديل للفقرة الإخيرة من المادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية، قد صدر بمرسوم بقانون عن المستشار عدلي منصور كرئيس مؤقت للجمهورية، يسمح بتمديد الحبس الاحتياطي في حالات بعينها لمدد مفتوحة، إلا أن المنظمات أكدت أن هذا التعديل لا يمكن تطبيقه في حالة محمود محمد (معتقل التيشيرت)، حيث يشترط المرسوم سريان هذا التعديل فقط على المتهمين الصادر ضدهم أحكام بالسجن المؤبد أو الإعدام، والذين تأمر محكمة النقض بإعادة محاكمتهم، وفي هذه الحالة فقط يجوز للدائرة التي تنظر إعادة المحاكمة أن تأمر بحبسهم احتياطيا لمدد تتخطى الحد الأقصى للحبس الاحتياطي. وحيث إن "محمود" لم تصدر ضده أية أحكام، بل لم تتم إحالة القضية المتهم فيها إلى المحاكمة أصلا، فهو رهن الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق، ولا يسري عليه هذا التعديل.
وأضاف البيان: "لقد دأبنا في الفترة الأخيرة على إدانة الإساءة المتعمدة والمتكررة باستخدام قانون الإجراءات الجنائية، والذي يجيز حبس المتهمين احتياطيا على ذمة التحقيق والمحاكمة، كعقوبة ووسيلة للانتقام من بعض المتهمين، على نحو تحول فيه الحبس الاحتياطي إلى رخصة مقننة لإنزال عقوبة تقييد الحرية بمتهم هو بحكم الدستور والقانون بريء، حتى تتم إدانته من خلال حكم بات ونهائي، وفقا لضمانات المحاكمة العادلة، في تجاهل متعمد لاشتراطات واضحة حددها القانون تبرر الحبس الاحتياطي في حالات معينة".
وكانت قضية "معتقل التيشيرت" قد شهدت العديد من الانتهاكات لحقوقه كمتهم حدث (عمره وقت القبض عليه 17 سنة) تم إيداعه سجون عامة، قبع فيها –دون محاكمة أو توجيه اتهامات– لما يزيد عن 24 شهرا –فضلا عن المعاملة المهينة داخل أماكن الاحتجاز والتي تقدمت على خلفيتها أسرته ببلاغ للنائب العام، وغيرها من الانتهاكات التي سبق ونوهت عنها
منظمات حقوقية في بيانات سابقة انتهت الأحد بتجديد حبسه لمدة 45 يوما بالمخالفة للقانون، بعد انقضاء مدة حبسه الاحتياطي.
وفيما يقبع العديد من المتهمين خلف القضبان تحت وطأة أوامر الحبس الاحتياطي، ورغم تخطي بعضهم الحد الأقصى المنصوص عليه قانونيا للحبس الاحتياطي، في التفاف واضح على القانون، تحمل قضية محمود بُعدا جديدا في خرق القانون بمجابهة وتحد صريح، الأمر الذي دفع محامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير بصفتهم الممثلين القانونيين لمحمود، إلى تقديم شكوى إلى المجلس الأعلى للقضاء رقم 135 لسنة 2016، اعتراضا على قرار تجديد الحبس الصادر في 7 شباط/ فبراير 2016 بحق موكلهم.
وكان محامو مؤسسة حرية الفكر قد سبق وتقدموا أيضا بمذكرة للنائب العام بطلب إفراج وجوبي عن "معتقل التيشيرت" لتخطي الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي، بتاريخ 27 كانون الثاني/ يناير 2016، برقم 1041 لسنة 2015 عرائض النائب العام. كما تقدموا في التاريخ نفسه بمذكرة للمجلس الأعلى للقضاء برقم 86 لسنة 2016 شكاوى المجلس الأعلى للقضاء، حول إلزام النيابة العامة بالإفراج عن محمود امتثالا للقانون.
ووقع على البيان كل من، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومؤسسة الحقانية للحقوق والحريات، ونظرة للدراسات النسوية، ووسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، ومؤسسة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومؤسسة المرأة الجديدة.