نشر موقع هافنجتون بوست، بنسخته الفرنسية، تقريرا استعرض فيه معطيات وأرقاما حول
المساعدات المالية الأجنبية التي تلقتها
تونس خلال الأسابيع الأخيرة، والأبعاد السياسية لهذه التمويلات.
وقالت الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الدولة التونسية تلقت مساعدات من أطراف دولية وحكومية عدة، بعد أحداث الشغب والعنف التي شهدتها البلاد في شهر كانون الثاني/ يناير المنقضي، وكانت أغلب هذه التمويلات في شكل هبات مالية، قدمتها
فرنسا، والولايات المتحدة، ودول الخليج، والاتحاد الأوروبي.
وذكرت الموقع أن فرنسا تعدّ المانح الأبرز للدولة التونسية، بعد تصاعد وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بالتشغيل والكرامة في الذكرى الخامسة للثورة التونسية، حيث أعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، عن تخصيص مساعدات مالية لتونس خلال السنوات الخمس القادمة، ستبلغ قيمتها مليار يورو.
وأضاف الموقع أن المساعدات الفرنسية لم تقتصر على القروض والهبات المالية، بل شملت أيضا
الدعم العسكري، بعد أن أعلنت فرنسا عن تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 20 مليون يورو لتونس، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تهديدات أمنية متزايدة.
وبحسب الموقع، جاءت هذه القرارات نتيجة للمجهودات الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة التونسية لمواجهة مشاكلها المالية، من خلال المراهنة على مساندة الدول الغربية، خاصة فرنسا التي أعلنت عن توصلها لاتفاق مع رئيس الحكومة التونسية على هامش زيارته الأخيرة للعاصمة باريس، لتحويل 60 مليون يورو من الديون التونسية لاستثمارات مباشرة.
وذكر الموقع أن تونس تراهن خلال المرحلة القادمة على التعاون
الاقتصادي مع فرنسا؛ لتجاوز مشاكلها المالية، وهو ما دفع الطرفين إلى إحداث صندوق مشترك للاستثمار تبلغ قيمة رأس ماله 20 مليار يورو، بهدف "تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من خلال دعم وتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة".
ويشارك في رأس مال هذا الصندوق الاستثماري، الذي حدد له سقف زمني بعشر سنوات، كل من صندوق الضمانات والودائع التونسي و"بيبي فرانس"، وهو ما اعتبره السفير الفرنسي في تونس، فرانسوا غويات، جزءا من التزام فرنسا بدعم تونس خلال السنوات القادمة.
وأضاف الموقع أن الولايات المتحدة الأمريكية -بدورها- أعلنت عن دعمها للنمو الاقتصادي في تونس، من خلال برامج التمويل والدعم المباشر للجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، التي أعلن عنها سفير الولايات المتحدة في تونس، دانيل روبنشتاين، يوم 4 شباط/ فبراير المنقضي.
وستحصل مؤسسات المجتمع المدني في تونس في إطار هذا البرنامج على تمويلات تتراوح قيمتها بين 50 و150 ألف دولار، في إطار اقتراحات لمشاريع تهدف لدعم النمو الاقتصادي في تونس، وتتم دراستها من طرف السفارة الأمريكية.
وذكرت الموقع أن الولايات المتحدة خصصت مساعدات مالية لدعم مؤسسات المجتمع المدني في تونس، لكنها في الوقت ذاته طالبت السلطات التونسية بدفع تعويضات تبلغ 18 مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بالسفارة الأمريكية في تونس، بسبب أعمال الحرق والنهب التي طالتها في سنة 2012.
وأضاف الموقع أن تونس تعدّ من أبرز الدول المستفيدة من المساعدات المالية، في إطار برامج التعاون الخاصة بسنة 2015، التي خصص لها الاتحاد الأوروبي أكثر من 217 مليون يورو، أغلبها في شكل هبات ومساعدات.
وتتوزع هذه التمويلات بنسب مختلفة بين برامج دعم النمو الاقتصادي التي خُصصت لها 70 مليون يورو، ودعم القدرات الأمنية، والنهوض بمؤسسات الدولة، التي خُصص لها مبلغ 35.8 مليون يورو.
وذكر الموقع أن الدعم الاقتصادي ضمن برامج التعاون مع تونس يستأثر باهتمام الاتحاد الأوروبي أكثر من أي مجال آخر، وهو ما بدا واضحا من خلال الاتفاقات الجديدة بين الطرفين، خاصة الإعلان يوم 26 كانون الثاني/ يناير عن انطلاق برنامج دعم القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية الذي خصص له الاتحاد الأوروبي مبلغ 20 مليون يورو.
ولم يقتصر دعم الاتحاد الأوروبي لتونس على المساعدات المالية، بل شمل أيضا إلغاء الرسوم الجمركية بالنسبة للصادرات التونسية من زيت الزيتون إلى حدود سنة 2017، الذي تحتل تونس مراتب عالمية متقدمة في إنتاجه وتصديره.
وأشار الموقع إلى أن الدولة التونسية أصبحت تعتمد على الدعم المادي للدول الغربية، والاتحاد الأوروبي، الذي دعاه رئيس مجلس النواب التونسي إلى "إثبات دعمه للاقتصاد التونسي خلال هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد على المستوى الاقتصادي".
وذكر الموقع أن المؤسسات العربية والخليجية راهنت بدورها على الاقتصاد التونسي، بعد أن وقع الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية اتفاقا مع الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، على هامش زيارته للكويت يوم 26 كانون الثاني/ يناير، يقضي بمنح تونس قروضا ميسرة بلغت قيمتها 232 مليون دينار تونسي، قبل أن تساهم السعودية بدورها في تقديم مساعدات قيمتها 659 مليون دينار لإنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية.
وفي الختام، قال الموقع إن الخلفيات السياسية والاقتصادية لهذه المساعدات المالية والعسكرية تختلف حسب مصالح كل دولة، إلا أنها تهدف أساسا إلى المراهنة على نجاح التجربة التونسية.