نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول السياسي الليبي وقائد المجلس العسكري في طرابلس،
عبد الحكيم بلحاج، الذي تصدّر الساحة السياسية وبرز خاصة خلال الثورة الليبية، وكان له الدور الأكبر في الإطاحة بنظام
القذافي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وزارة الدفاع الأمريكية كانت قد أصدرت بيانا صحفيا أكّدت فيه أن الغارة الجوية الأولى من نوعها التي شنتها الولايات المتحدة في
ليبيا، استهدفت منزلا يبعد حوالي ثمانية كيلومترات عن مدينة صبراتة، وهو على ملك أحد أعضاء الجماعة الإسلامية المقاتلة التي يترأّسها عبد الحكيم بلحاج، أحد القادة العسكريين في العاصمة الليبية طرابلس.
وذكرت الصحيفة أنه وفقا لوسائل إعلام ليبية، فإن الغارة التي استهدفت المنطقة في 19 فبراير/شباط قبيل صلاة الفجر، كانت قد أسفرت عن مقتل حوالي 41 شخصا وجرح آخرين. في المقابل، رفضت وزارة الدفاع الأمريكية الإدلاء بأية تفاصيل متعلقة بهذه الغارة الجوية، مؤكّدة أن الولايات المتحدة تعمل وفق استراتيجية واضحة تهدف إلى القضاء على تنظيم الدولة "بكل الوسائل المتاحة".
وأشارت إلى أنه طبقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه يسمح للولايات المتحدة بالتدخل العسكري في ليبيا "في حال وجود تهديد فعلي أو وشيك"، وقد سارعت وزارة الدفاع الأمريكية باستهداف معسكر لتنظيم الدولة يوجد فيه التونسي نور الدين شوشان، أحد المخططين لهجوم متحف باردو في تونس، لكن لم يتمّ إلى الآن الكشف عن أي دليل من شأنه أن يؤكّد مقتل هذا الأخير.
وأشارت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة اتخذ من منطقة تبعد حوالي 70 كيلومترا عن العاصمة الليبية طرابلس معقلا له، على الرغم من سيطرة كل من إسلاميي فجر ليبيا وحلفائه على العاصمة. وقد نفى عبد الحكيم بلحاج "رجل الظل" والمحاور خلال مفاوضات الأمم المتحدة، صلته بتنظيم الدولة في عدة مناسبات، حيث اعتبر أن العنف الذي تمارسه هذه المنظمة الإرهابية "لا علاقة له بالإسلام".
وأوردت الصحيفة أن بلحاج يدعو إلى إرساء دولة مدنية عن طريق انتخابات حرّة ونزيهة، ويشدد على أن ليبيا هي دولة إسلامية منذ أكثر من 13 قرنا، ولهذا السبب قرّر بلحاج تأسيس حزب سياسي أطلق عليه اسم "حزب الوطن الحر" من أجل المشاركة في الحياة السياسية في ليبيا.
وأفادت الصحيفة أن عبد الحكيم بلحاج نشأ تحت ديكتاتورية معمّر القذافي، ثم انضم للتيار الإسلامي خلال الثمانينيات، فتوجه إلى أفغانستان حيث تلقى تدريبات قتالية على يد عناصر تنظيم القاعدة هناك، ثمّ عاد بعد ذلك إلى ليبيا ليؤسس الجماعة الإسلامية المقاتلة، قبل أن يسافر إلى كل من العراق وأفغانستان من جديد.
وخلال سنة 2004؛ حمّل رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا أزنار مسؤولية الهجوم الدموي الذي استهدف مدريد لعبد الحكيم بلحاج، حيث أسفر هذا الهجوم عن مقتل 191 شخصا وجرح 1800 آخرين. ولكن في المقابل، نفى بلحاج تنفيذه لهذا الهجوم.
وأضافت الصحيفة أن جهاز المخابرات البريطاني قبض على بلحاج في جنوب شرق آسيا، وتحديدا في دولة ماليزيا، بعد فترة قصيرة من ملاحقته. وفور تدخّل وكالة المخابرات الأمريكية، تمّ ترحيله إلى ليبيا حيث سجن في سجن أبو سليم، إحدى أسوأ السجون في العالم العربي. وفي سنة 1996، تمّ هناك إعدام حوالي 1269 سجينا في غضون ساعات قليلة.
وقالت الصحيفة إنه خلال سنة 2009 تصدّرت الجماعات الإسلامية المشهد في عدد من بلدان المغرب العربي، حيث أثّر صعودها على المنطقة بأكملها، ما دفع بالحكام آنذاك إلى التفاوض معهم. فأطلقت كل من الجزائر وتونس سراح الإسلاميين وأبرم سيف الإسلام القذافي هدنة ليتم تأسيس الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، تجنبا لصراع محتمل في المنطقة. وبعد الاتفاق المبرم بين الطرفين، نشرت هذه الجماعة دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد، أدّت دورا مهما في وضع حد للصراع المسلح.
وذكرت الصحيفة أنه خلال سنة 2011، اندلعت الثورات العربية في عدد من الدول، ما أدى إلى سقوط نظامي زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر واحتدام
الصراع بين الثوار والنظام في ليبيا، حيث أراد القذافي حينها تدمير مدينة بنغازي مسقط رأس بلحاج من خلال القمع الوحشي للمتظاهرين.
فقامت منظمة حلف شمال الأطلسي بقيادة كل من نيكولا ساركوزي وديفيد كاميرون بالتدخل، بهدف وقف المجزرة التي كان يرتكبها حاكم ليبيا الذي بقي في الحكم لمدّة 42 سنة. وفي أثناء الحرب التي جرت في ليبيا إثر ثورة 17 فبراير/شباط، أصبح عبد الحكيم بلحاج من أقوى رجال المعارضة المسلحة في المنطقة ضدّ نظام العقيد، حيث نجحت العملية العسكرية التي قادها آنذاك ضد القوات الموالية للقذافي، ليصبح بعد ذلك القائد العسكري في المدينة ضمن جماعة "فجر ليبيا".
وذكرت الصحيفة أن بلحاج أراد من خلال انتصاره العسكري خلال الثورة، محو صورة الجهادي التي لطالما اقترنت باسمه، خاصة بعد توجيه اتهامات له تتعلّق بصلته بجماعة أنصار الشريعة التي اغتالت السفير الأمريكي كريس ستيفن في مدينة بنغازي.
وفي الختام؛ بيّنت الصحيفة أن عدوّ عبد الحكيم بلحاج اللّدود هو اللواء حفتر، حيث تدور حرب معلنة بين طرابلس وطبرق، ساهمت في صعود منظمات جهادية أخرى مثل تنظيم الدولة في ليبيا، كما عرقل هذا الصراع التوصل إلى اتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية للخروج من الأزمة في ليبيا.
الكاتب: بونوا دلماس
الصحيفة: لوبوان الفرنسية
المصدر:
https://afrique.lepoint.fr/actualites/libye-a-tripoli-l-ombre-d-abdelhakim-belhaj-27-02-2016-2021449_2365.php