التقى قادة
تركيا واليونان، الثلاثاء، في إزمير غرب تركيا للبحث في كيفية تطبيق المقترحات الجديدة حول أزمة الهجرة التي كشفت عنها أنقرة الاثنين والتي يفترض أن "تغير الوضع" المتعلق بالتدفق الهائل للمهاجرين باتجاه أوروبا.
واستأثرت أزمة الهجرة بعد ظهر الثلاثاء بالقسم الأكبر من المحادثات الثنائية بين رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو ونظيره
اليوناني ألكسيس تسيبراس على سواحل بحر إيجه، من حيث ينطلق يوميا مئات طالبي اللجوء على أمل الوصول إلى
الاتحاد الأوروبي.
وبعد مفاوضات شاقة في بروكسل، انتهت القمة ليل الاثنين من دون أن يتوصل القادة الأوروبيون إلى اتفاق نهائي، غير أنهم حملوا معهم مقترحات تركية جديدة ومفاجئة وعدوا بدراستها خلال عشرة أيام قبل قمة مقبلة مقررة في 17 و18 آذار/مارس في العاصمة البلجيكية.
وبموجب أبرز هذه المقترحات، توافق تركيا على أن تعيد إلى أراضيها طالبي اللجوء الذين وصلوا بطريقة غير شرعية إلى اليونان، بمن فيهم السوريون الفارون من الحرب في بلادهم، شرط أن يتعهد الأوروبيون باستقبال لاجئ سوري من مخيمات في تركيا مقابل كل سوري تستقبله تركيا من اليونان.
والهدف من هذا الأمر هو توجيه رسالة إلى كل الراغبين بالهجرة إلى أوروبا أن المهاجرين لأسباب اقتصادية لن يقبلوا وسيرحلون، ومن مصلحة طالبي اللجوء تقديم طلبات بهذا الصدد في تركيا على أمل نقلهم إلى دول الاتحاد الأوروبي من دون أن يجازفوا بعبور البحر خلسة معرضين أرواحهم للخطر.
ورأى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في هذا المقترح تقدما فعليا، وأعلن في ختام القمة الأوروبية التركية أن "زمن الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ولى".
غير أن المفوض الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة أعرب عن قلقه إزاء المقترح.
وقال فيليبو غراندي أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: "إنني قلق جدا إزاء أي ترتيب يشمل إعادة أشخاص من دولة إلى أخرى بشكل عشوائي ولا يعطي تفاصيل حول ضمانات حماية اللاجئين بموجب القانون الدولي".
وقوبلت تصريحاته بتصفيق من قبل نواب البرلمان في ستراسبورغ بفرنسا.
خطة تسقط الصفة البشرية عن اللاجئين
من جهتها أخذت منظمة العفو الدولية على القادة الأوروبيين والأتراك أنهم "انحدروا إلى مستوى أدنى من السابق".
وقالت إيفرنا ماكغوان، مسؤولة المنظمة غير الحكومية لدى الاتحاد الأوروبي، إن "فكرة تبديل لاجئين بلاجئين آخرين لا تسقط الصفة البشرية عن اللاجئين فحسب، بل إنها لا تقدم كذلك حلا على المدى البعيد".
ولقاء مقترحها المفاجئ هذا، تعهدت تركيا بتسريع تطبيق اتفاق إعادة مهاجرين الذي ينص على عودة المهاجرين لأسباب اقتصادية اعتبارا من 1 حزيران/ يونيو من أوروبا إلى تركيا التي ستقوم بدورها بطردهم إلى دولهم.
ووعد تسيبراس في بيان الثلاثاء بدفع الملف قدما في اجتماع إزمير وقال: "أود الاعتقاد بأننا سنخطو خطوة مهمة وتاريخية في إزمير (...) من أجل أن توافق تركيا على استعادة جميع المهاجرين الذين لا يحق لهم بحماية دولية بموجب الاتفاقيات الدولية".
وبين الشروط التركية، طالبت أنقرة بمضاعفة قيمة المساعدات التي وعدت بروكسل بتقديمها لها من أجل استقبال ودمج الـ2,7 مليون سوري الموجودين حاليا على أراضيها، لترتفع بذلك من 3 إلى 6 مليارات يورو.
وقال داود أوغلو إنه على صعيد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي: "نود فتح خمسة فصول من المفاوضات بأسرع ما يمكن".
وأثار هذا الاتفاق حفيظة قبرص، حيث أعلن المتحدث باسم الحكومة نيكوس كريستودوليدس أنه "قبل فتح أي فصل مع تركيا يفترض أن تقوم بما هو مطلوب منها".
كما طالب رئيس الحكومة التركية بإلغاء تأشيرات الدخول التي تفرضها دول فضاء "شنغن" على مواطنيه بحلول حزيران/ يونيو وليس في نهاية السنة مثلما كان متفقا عليه.
اتفاق "يغير الوضع"
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر "إنه اتفاق جيد سيغير الوضع"، معتبرا أنه "سيقضي على عمل مهربي اللاجئين"، وسينقذ أرواحا و"يخفف قسما من الضغط على اليونان" التي باتت على شفير أزمة إنسانية.
وأكد يونكر أن "القرار قانوني" مستبعدا أي احتمال لتعرضه للنقض من القضاء الأوروبي.
إلا أن مصدرا أوروبيا اعتبر أنه "تبقى نقاط عدة بحاجة لتوضيح"، مشيرا إلى شكوك العديد من الدول إزاء قانونية هذه الإجراءات والقدرة على تطبيقها.
من جهته، أثنى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على "خطوة مهمة جدا" أقدمت عليها تركيا.
وتوصلت تركيا في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر إلى "خطة عمل" مع الأوروبيين من أجل وقف تدفق المهاجرين، تقوم بصورة خاصة على تعزيز سبل مكافحة المهربين. غير أن 15 إلى 20 ألف مهاجر ما زالوا يصلون أسبوعيا من تركيا إلى السواحل اليونانية، وهو رقم أدنى من أعداد الخريف، غير أنه لا يزال مرتفعا بنظر الاتحاد الأوروبي.
وفيما كانت المحادثات جارية مع الأتراك، اندلع خلاف داخل الاتحاد الأوروبي حول مسالة إغلاق طريق البلقان التي سلكها السنة الماضية أكثر من 850 ألف مهاجر.
وبعدما كانت مسودة البيان الختامي للقمة تذكر أن "هذه الطريق باتت مغلقة"، أبدت بعض الدول مثل ألمانيا تحفظات شديدة على هذه العبارة ما أدى إلى حذفها.