بعد ثلاثة انفجارات استهدفت العاصمة التركية أنقرة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدأت
تركيا بتكثيف جهودها لتضييق الخناق على
حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره منظمة إرهابية وتتهمه بتنفيذ هجمات، وداعميه.
دعوات لرفع الحصانة عن "داعمي الإرهاب"
وكثف الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، الأربعاء، دعواته لمحاكمة النواب الموالين للأكراد، متهما إياهم بـ"التحريض على الإرهاب" بعد أيام من تفجير انتحاري في أنقرة حملت الحكومة مسؤوليته للمتمردين الأكراد.
وحض أردوغان البرلمان على التحرك بسرعة لرفع الحصانة عن نواب حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد بغرض ملاحقتهم قضائيا.
وتتهم السلطات التركية حزب العمال الكردستاني بالوقوف وراء تفجير انتحاري بسيارة في أنقرة الأحد أسفر عن مقتل 35 شخصا.
وقد شكل البرلمان لجنة للنظر في رفع الحصانة عن خمسة من نواب حزب الشعوب الديموقراطي، بما في ذلك زعيماه صلاح الدين دمرتاش وفيغن يوكسكيداغ، للتمكن من محاكمتهم بسبب دعوتهم إلى الحكم الذاتي الكردي.
وقال أردوغان في أنقرة، الأربعاء: "يجب وضع اللمسات الأخيرة على مسألة الحصانة، على البرلمان اتخاذ خطوات بشأن هذه المسألة على وجه السرعة".
وأضاف: "اعذروني لكنني لم أعد أعتبر أعضاء حزب يعمل على أنه واجهة للتنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني المحظور) على أنهم عناصر شرعيون في الساحة السياسية".
وكانت ثلاثة أحزاب في البرلمان التركي، أدانت أمس الثلاثاء، التفجير الأخير الذي استهدف أنقرة الأحد الماضي، معتبرة أنه يستهدف "سيادة الدولة"، في بيان مشترك، لم يوقعه حزب الشعوب الديمقراطي المعارض.
وتأتي مطالبته هذه ضمن حملة تزداد اتساعا على وسائل الإعلام المعارضة والأصوات المؤيدة للأكراد، الأمر الذي يثير انتقادات من جانب الاتحاد الأوروبي.
توقيف محامين
وأوقفت السلطات في وقت مبكر اليوم الأربعاء، 20 من المشتبه بهم بينهم ثمانية محامين ينتمون إلى جمعية تدافع عن القضية الكردية خلال عملية دهم للشرطة في اسطنبول.
ونفذت شرطة مكافحة الإرهاب مدعومة بطائرات هليكوبتر مداهمات بشكل متزامن في 32 منطقة بالمدينة.
جاءت المداهمات في اسطنبول في الوقت الذي امتد فيه القتال بين قوات الأمن ومسلحي حزب العمال الكردستاني لمناطق جديدة في جنوب شرق تركيا مع نشر دبابات وطائرات هليكوبتر وعربات مدرعة.
وكانت الجمعية التي ينتمي لها المحامون تقدمت بشكوى إلى المحكمة الدستورية للطعن في شرعية عمليات إحلال الأمن التي تشنها أنقرة ضد معاقل الأكراد في جنوب شرق الأناضول.
وإضافة إلى اعتقال المحامين الثمانية، ذكرت وسائل الإعلام في الوقت نفسه أن محاضرا بريطانيا في جامعة بيلجي أطلق سراحه بعد استجوابه من قبل الشرطة بتهمة توزيع منشورات تدعو للمشاركة في احتفالات رأس السنة الكردية لكنه لا يزال يواجه احتمال ترحيله.
توسيع مفهوم الإرهاب
والاثنين الماضي، بينما كانت تركيا تنهض من
هجوم أنقرة، وهو الثالث في العاصمة خلال خمسة أشهر، قال أردوغان إنه يريد أن يرى توسيع تعريف مصطلح الإرهاب.
وقال: "ليس هناك فرق بين إرهابي يحمل بندقية وقنبلة في يده وأولئك الذين يضعون الأقلام والألقاب تحت تصرف الإرهابيين لتحقيق أهدافهم".
وأضاف: "كونهم نواب في البرلمان وأكاديميون وكتاب وصحافيون، ومديرون تنفيذيون في منظمات غير حكومية لا يغير من حقيقة أنهم إرهابيون، أولئك الذين يفجرون القنبلة ويسحبون الزناد يمكن أن يكونوا إرهابيين لكن أولئك الذين يساعدون على تحقيق أهدافهم فإنهم من أنصارهم وداعميهم".
في حين قال مسؤول بارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم، الأربعاء، إن تركيا تخطط لتوسيع تعريف "جريمة الإرهاب" ليشمل الذين يستخدمون الإعلام لدعم أعمال العنف أو الإشادة بها وذلك بعد أيام من تفجير انتحاري أدى لمقتل 37 شخصا.
وقال خبير قانوني في حزب العدالة والتنمية الحاكم على دراية بخطط تعديل قانون مكافحة الإرهاب: "قد لا يكون الشخص مشاركا بشكل مباشر في الأعمال الإرهابية لكنه قد يدعمها عقائديا، وهذا قد لا يعد جريمة إرهاب كاملة لكنه درجة ما من جرائم الإرهاب".
وتابع في تصريح صحفي: "من المقرر أن يتم توسيع نطاق القانون"، مضيفا أن وزير العدل خطط بالفعل لهذه الخطوات قبل تفجير أنقرة.
وتأتي دعوة أردوغان وسط تصاعد التوتر بين السلطات والأقلية الكردية خصوصا بعد الحملة التي لا هوادة فيها والتي يشنها الجيش ضد متمردي حزب العمال الكردستاني.
"التعرض لحرية التعبير"
وأدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" القبض على الأكاديميين أمس الثلاثاء ووصفته بأنه "آخر هجوم على حرية التعبير في تركيا".
وقالت المسؤولة في المنظمة "إيما سنكلير ويب" في بيان إن "حملة الرئيس أردوغان الدنيئة ضد الأكاديميين جزء من حملته لإبعاد ومعاقبة وإسكات كل الأصوات المنتقدة في تركيا".
وتأتي هذه الحملة في وقت تضغط فيه أنقرة على بروكسل من أجل تسريع قبول عضويتها في الاتحاد الأوروبي مقابل وقف تدفق المهاجرين انطلاقا من أراضيها إلى أوروبا. وستنظر قمة أوروبية في ذلك يومي الخميس والجمعة.
وفي آخر مؤشر على المخاوف الأوروبية حيال تراجع تركيا عن المعايير الديمقراطية، شددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على أن الاتفاق حول المهاجرين مع أنقرة لا يمكن أن يكون بأي ثمن.
وقالت المستشارة الألمانية إن على الاتحاد الأوروبي أن يبقى حازما بشأن حرية الصحافة وحقوق الأكراد في تركيا، في حين تجري مفاوضات حول اتفاق مع أنقرة بشان الهجرة.
وأوضحت أمام النواب الألمان: "من البديهي أن نشدد أمام تركيا على قناعاتنا بشأن حماية حرية الصحافة أو معاملة الأكراد على سبيل المثال".
كما أعلنت أن مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي "ليست مطروحة"، رغم المحادثات حول أزمة الهجرة.
وقتل أكثر من 40 ألف شخص منذ حمل حزب العمال الكردستاني السلاح عام 1984 للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي للأكراد. والحزب مصنف على القائمة السوداء كمنظمة إرهابية من قبل أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي.
وبعد انهيار وقف إطلاق النار في منتصف العام الماضي، عاود حزب العمال الكردستاني القتال، داعيا إلى "انتفاضة" في مدن جنوب شرق البلاد حيث الغالبية من الأكراد.