تنبأت صحيفة "وول ستريت" جورنال بقرب انهيار
تركيا؛ بسبب ما أسمته الأجندة الاستبدادية التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، والقائمة على مراجعة دستور بلاده؛ لكي يصبح رئيسا تنفيذيا.
وقالت الصحيفة إنه إذا حدث السيناريو الذي يخطط له أردوغان بأن يصبح رئيسا تنفيذيا للبلاد، فستنهار تركيا -المنقسمة إلى حد كبير- في ظل التباعد الشديد الذي تغذيه الهجمات الإرهابية، وبسبب تعرضها للاستغلال من قبل بوتين وتنظيم «داعش».
وبحسب تقرير مترجم نقله "معهد واشنطن"، اتهمت الصحيفة الزعيم التركي بأنه يصب الزيت على نيران الانقسام، ويشوه صورة الجماعات التي لن تصوّت له، ويضيّق الخناق عليها بعنف. وتشمل هذه اليساريين والعلمانيين والاشتراكيين الديموقراطيين والليبراليين والعلويين والأكراد واليهود والأرمن والمعتدلين. فهذه استراتيجية تسمح لأردوغان ببناء ائتلاف يميني فائز على حساب الوحدة الوطنية.
وشددت الصحيفة على أن "ما تحتاج إليه تركيا هو سياسي مُوحّد؛ لمساعدة البلاد على البقاء في وجه موجات الإرهاب، وعلى تجنب تردي الأوضاع إلى فوضى لا تُحمد عقباها. يمكن لأردوغان أن يكون ذلك الرجل، وذلك فقط إذا تمكن من مقاومة إغراء تتويج نفسه رئيسا تنفيذيا. وعلى خلاف ذلك، قد يدخل التاريخ باعتباره القائد الذي حطم تركيا، فيما كان يحاول أن يصبح ملكا".
وقالت إن تركيا شهدت في السنوات الثلاث الماضية خمسة من أسوأ الهجمات الإرهابية الست في تاريخها، أسفرت عن مقتل 250 شخصا على الأقل، وجرح أكثر من 800 شخص، وكانت جميعها تداعيات للحرب في
سوريا. وبالتالي، لم يعد السؤال الآن حول إمكانية حصول هجوم آخر، بل حول توقيت هذا الهجوم. وفي الواقع، شن
تنظيم الدولة يوم السبت هجوما على إسطنبول أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 36 آخرين.
ونوهت إلى أن الغرب ينظر إلى سياسة أنقرة تجاه سوريا بشكل سيئ لدرجة تدفع جميع الأطراف الرئيسية في الصراع إلى كرهها، بدءا من نظام الأسد، مرورا بروسيا، ووصولا إلى تنظيم الدولة، و«حزب الاتحاد الديمقراطي» و«حزب العمال الكردستاني» التابع لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» في تركيا. وبالتالي، فإن محاربة أربعة أعداء في الوقت ذاته قد يجر تركيا إلى الخراب.
وقالت الصحيفة إن نظام الأسد، الذي حاولت أنقرة عبثا الإطاحة به منذ عام 2011، متصل بالفعل بتفجير الريحانية الذي وقع في أيار/ مايو 2013 وقُتل فيه 52 شخصا. فقد تم تنفيذ ذلك الهجوم من قبل أتراك متصلين بالوحدات الاستخباراتية للأسد.
واستدركت بالقول: "في الوقت نفسه، وفيما انزعجت روسيا من سياسة تركيا تجاه الأسد، وشعرت بالغضب من إسقاط تركيا لإحدى طائراتها العسكرية في تشرين الثاني/ نوفمبر، قامت بتقديم الدعم الكامل لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»؛ من أجل هزيمة الثوار المناهضين للأسد في سوريا، والمدعومين من أنقرة.
في المقابل، قصفت تركيا مواقع «حزب الاتحاد الديمقراطي». بينما يواصل الحزب فرض سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي شمال سوريا، بما فيها روج آفا، الأمر الذي يغضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
ونوهت إلى أنه منذ انهيار محادثات السلام مع حكومة أنقرة الصيف الماضي، شن «حزب العمال الكردستاني» عددا من الهجمات في الداخل التركي، بما في ذلك تفجير 17 شباط/ فبراير في أنقرة أسفر عن مقتل 30 شخصا. وفي هذا السياق، أعلن تنظيم «صقور حرية كردستان»، فرع تابع لـ«حزب العمال الكردستاني»، مسؤوليته عن ذلك التفجير.
ومن جهتها، ردت الحكومة من خلال السعي وراء معاقل «حزب العمال الكردستاني» في مدن واقعة جنوب شرق تركيا، وإغلاق أحياء بأكملها لمدة أسابيع، على أمل سحق قاعدة «حزب العمال الكردستاني».
وأكدت الصحيفة أن حرب أنقرة مع «حزب العمال الكردستاني» هي معركة انتقامية لن تؤدي سوى إلى التصعيد. ففي كل مرة تستهدف الحكومة «حزب العمال الكردستاني» يضرب الحزب هدفا غرب تركيا، كما فعل في التفجير الأخير في أنقرة.
ووفقا لـ"وول ستريت جورنال "، فإن «حزب العمال الكردستاني» لا يشكل أكبر المخاوف التركية. إذ على أنقرة أن تواجه أيضا تنظيم «الدولة الإسلامية». فبعد أن وافقت تركيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 على التعاون مع الولايات المتحدة ضد هذه الجماعة، شن تنظيم «داعش» ثلاث هجمات كبيرة على تركيا.
وقبل تفجير نهاية الأسبوع المنصرم، شُن هجوم في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 في أنقرة أسفر عن مقتل 102 شخص. وفي 12 كانون الثاني/ يناير، شُن هجوم آخر على إسطنبول، أسفر عن مقتل 13 سائحا ألمانيا.
وأضافت الصحيفة قائلة: "إن خمس هجمات إرهابية شُنّت خلال الأشهر الخمسة الماضية، تشير الدلائل إلى أن مكافحة الكثير من الأعداء في وقت واحد هو الذي أدى إلى هذه الموجة من الإرهاب التي تجتاح تركيا، ويشمل هؤلاء: «حزب العمال الكردستاني» حاليا، ومن ثم تنظيم «الدولة الإسلامية»، والأسد بعد ذلك، وهلم جرا. وفي الوقت نفسه، تترقب روسيا في الخلفية بدعمها «حزب الاتحاد الديمقراطي»، بل وربما «حزب العمال الكردستاني».
واستدركت بأنه عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع عدم الاستقرار، نجت تركيا من حرب أهلية وشيكة في سبعينات القرن الماضي، ومن تمرد كامل لـ«حزب العمال الكردستاني» المدعوم من سوريا وإيران في التسعينيات. إلا أن الأمور مختلفة هذه المرة. فالبلاد ليست مستعدة لمواجهة موجة مستمرة من الهجمات الإرهابية. فهي بالفعل منقسمة بشكل عميق حول حكومة «حزب العدالة والتنمية» برئاسة أردوغان.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التباعد يفوق حتى التهديد الإرهابي، فيما يلوم كل طرف الطرف الآخر في أعقاب كل تفجير. فتركيا تتمزق إربا، فيما تكره الكتل المؤيدة والمناهضة لـ«حزب العدالة والتنمية» بعضها البعض حتى أكثر من خوفها من الإرهاب. فكل هجوم جديد يؤدي إلى حدوث شق أعمق في المجتمع التركي.
وقالت إنه يمكن لتنظيم الدولة الاستفادة من هذا التباعد وتعميق الانقسام في تركيا؛ لصرف أنقرة عن القتال في سوريا. كما قد تستغل روسيا الانقسامات في تركيا من أجل تقويض أردوغان. فبعد إسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أردوغان شخصيا. وبالتالي تودّد للأتراك المعادين لأردوغان، والذين سينظر بعضهم على الأقل إلى بوتين كمنقذ من أردوغان.