سياسة عربية

الجيش الجزائري.."شعرة معاوية" الوحيدة بين السلطة والمعارضة

إفشال مؤتمر أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء هيئة التشاور و المتابعة ـ عربي21
يشكل الجيش الجزائري شعرة معاوية الوحيدة التي تحول دون الصدام المباشر بين السلطة والمعارضة، فقد غابت بالمطلق، نقاط الالتقاء بين السلطة بالجزائر ممثلة بأحزابها، والمعارضة الممثلة بهيئة التشاور والمتابعة، وظهر ذلك جليا، الأربعاء، عندما نظم كل طرف مؤتمرا ضد الآخر، لكن بدا أن هناك قاسما مشتركا بين السلطة والمعارضة، يتعلق بمساندة الجيش الجزائري.

ووضعت السلطة بالجزائر، الأربعاء، جميع أحزابها ومنظماتها وشخصياتها السياسية والوطنية الموالية لها، كدروع أمامية، بوجه المعارضة التي التأمت بمؤتمر كبير غرب العاصمة، من أجل التفاهم حول ما تسميه "الانتقال الديمقراطي في البلاد".

فاجتمعت أحزاب الموالاة، بالقاعة "البيضوية" الشهيرة المحاذية لملعب الخامس يوليو بالعاصمة، في مؤتمر حضره أزيد من 3 آلاف شخص، يمثلون الأحزاب والمجتمع المدني وحتى من قطاع الفن والرياضة.

وتعاقب على منصة المؤتمر قادة أحزاب الموالاة، الذين رددوا خطابا بمضمون واحد يتعلق بـ"بناء الجدار الوطني ضد المخاطر المحدقة بالبلاد".

اجتماع الموالاة تحت هذا الشعار، كان يبطن، أهدافا أخرى هي الأهم، بل إن المؤتمر كان من أجلها، ويتعلق الأمر بإفشال مؤتمر مواز لأحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء "هيئة التشاور والمتابعة" التي تبحث عن تحقيق الانتقال الديمقراطي بالطرق السلمية.

وبالنسبة لمؤتمر المعارضة، فقد سجل حضورا نوعيا، ممثلا في رؤساء حكومات سابقين ووزراء غادروا الحكومة بأوقات متفاوتة وشخصيات سياسية وإعلامية ووطنية شهيرة.

وعلى غير العادة، قرأ الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، وهو الحزب الحاكم، بالجزائر، خطابا هادئا قال خلاله: "جئنا هنا لهذا التجمع بهدف دعم الرئيس، لنجدد له مساندتنا، فهو الرجل الذي نفذ كل ما وعد، وها هي الدولة المدنية تتحقق، وها هو الإعلام يأخذ مكانته الطبيعية، حرا يكتب الصحفيون ما يشاؤون".

وتابع سعداني: "تجمعنا هدفه أيضا نصرة جيشنا الوطني المرابط على الحدود، ورسالتنا له أنّنا أيضا مرابطون لتقديم الدعم والمساندة، وغير هذين الهدفين، فتجمع القاعة البيضاوية ليس ضد أحد ومع أي أحد، إنه لأجل الوطن ويحتاج منا أن نقف وقفة رجل واحد، فالإرهاب يتربص بالجزائر من كل الجوانب، فحذار من الجزائريين أن يقعوا ضحية لمغالطات تنال من أمن واستقرار بلادنا".

قضية مساندة الجيش، هي القضية الوحيدة التي لا يختلف بشأنها الموالاة والمعارضة، فمن تدخل بمؤتمر المعارضة بزرالدة، غرب العاصمة، لا يفوت الفرصة لإعلان تأييد الجيش في صد مخاطر الإرهاب على الحدود وبالداخل الجزائري أيضا.
 
واتهم الأمين العام للحزب الحاكم بالجزائر، عمار سعداني، قوى المعارضة بمحاولة سلب السلطة والوصول إلى رئاسة الجمهورية "وهذا همها الوحيد".

وتنفي قوى المعارضة ذلك، وتؤكد أن مطلبها يكمن بتحقيق انتقال ديمقراطي سلس عن طريق انتخابات حرة ونزيهة تشرف عليها هيئة مستقلة.

وردا على سعداني، قال محمد ذويبي، الأمين العام لحركة النهضة، المعارضة، بتصريح لصحيفة "عربي21"، الأربعاء: "هذا الكلام من تسويق أحزاب ريع السلطة التي تخشى طرح المشاريع الجادة التي تعيد بوصلة القرار السياسي للشعب لإبقاء الوضع المتعفن على ما هو عليه لاستمرار منافعها الضيقة على حساب آلام الشعب الجزائري".

ويتابع ذويبي: "يجب أن نؤكد أن خيار المعارضة هو انتقاد السياسيات والممارسات وإن كان للأشخاص مسؤولية كبيرة، خاصة الذي يتبوؤون مراكز القرار في الدولة وهو ما تشكل كقناعة لدى جميع مكونات المعارضة التي تعمل على تغيير المنظومة الفكرية للنظام السياسي القائمة على الانتقاء والإقصاء بدل حرية الشعب وسيادته، أما تغيير الأشخاص مع بقاء المنظومة نفسها فإنه لا يغير من الأمر شيئا".

لكن عمر غول رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر" الموالي للسلطة، فيرى غير ذلك، إذ يقول بتصريح لصحيفة "عربي21"، الأربعاء: "تجمع اليوم يهدف إلى إبلاغ رسالة قوية للطبقة السياسية والمجتمع المدني والرأي العام، على أن الجزائر من خلال مبادرات كهذه يمكن لها أن تقف ضد كل الطامعين أو الواهمين ممن يحاولون مس استقرارها وأمنها، وجاء اللقاء أيضا لتجديد العهد والوفاء للرئيس كقائد للوطن. كما أن التجمع يحمل رسالة تضامن مع الجيش ودورها الكبير في الميدان".