كشف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حقائق مثيرة حول محمد كَلُّوب، عضو "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، عن دائرة مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، الذي أثار الجدل، بمقاطعته كلمة رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي مرتين، في خلال لقائه الأربعاء، بمن اعتبروا "ممثلي المجتمع
المصري"، من أنصاره وموالييه من الإعلاميين والسياسيين وموظفي الدولة، لسبب مختلف في كل مرة.
وصرح كَلُّوب بأنه اضطر إلى مقاطعة السيسي نظرا لأنه لم يستطع "حبس بوله" لمدة أكثر، ولخشيته من أن يساء فهمه، إذا انصرف إلى "دورة المياه" دون أن يعرف أحد لماذا قام، لذا اضطر للكشف عن أنه يريد التوجه إلى دورة المياه، طالبا الإذن من السيسي بذلك، وهو ما رد عليه السيسي ضاحكا: "اتفضل... اتفضل".
أستأذن سيادتك.. المياه هتتعبني
وتوضيحا لما حدث؛ كشف كَلُّوب تفاصيل المشهد، في مداخلات فضائية عدة، منها مداخلة مع برنامج "الحياة اليوم"، عبر فضائية "الحياة"، قال فيها إنه طلب من الرئيس دخول المرحاض علنا، وهو يعلم أن الخطاب مذاع على الهواء مباشرة، لأنه تحرج من أن يراه الرئيس، وهو يترك الجلسة دون استئذان.
وأضاف كَلُّوب: "الرجل (يقصد السيسي) كان بيني وبينه أقل من ثلاثة أمتار، ووجهه لي، وكنت أشعر بالحرج أن أقوم لدورة المياه بينما وجهه لي، فقلت له: معلهش.. من اهتمامي وحبي ليك.. أنا مش قادر أقوم لكن الميه هتتعبني.. فتحول الأمر إلى نوع من الدعابة"، وفق قوله.
نشوى الديب: "كان هينفجر"
وتعزيزا لما قاله كَلُّوب، كشفت زميلته الصحفية نشوى الديب، التي كانت جالسة إلى جواره في خلال اللقاء، في حوار مع برنامج "الساعة السابعة"، عبر فضائية "CBC Extra": إن النائب المسكين كان "عايز يروح دورة المياه، لكنه متخوف، وشايفها شكلها محرج قوي.. أن يذهب إلى دورة المياه، بينما عين الرئيس في عينه.. بس فضل ماسك نفسه.. وفجأة قال: أنا باحبك يا ريس، وعايز أسمعك، بس مش قادر.. هأنفجر، ورايح قايم إلى دورة المياه".
اللقاء الأخير مع السيسي
وتعليقا على الموقف، قال الإعلامي وائل الإبراشي، في برنامجه "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم": "أنت عملت كرسي في الكَلُّوب النهارده، وكان ممكن تدخل المرحاض بدون استئذان، لأنك قمت بتعطيل الجلسة، وحديث الرئيس السيسي".
فرد النائب: "إحنا مش جايين نسمع بس.. إحنا جايين نتكلم".
فقال الإبراشي: "كَلُّوب اسم على مسمى، وده اللقاء الأخير ليك (مع السيسي)".
من هو "محمد علي كَلُّوب"؟
شهرته محمد كَلُّوب، خاض انتخابات 2015 مرشحا عن حزب "حراس الثورة"، وهو كبير فنيين بدرجة مدير عام بالتربية والتعليم، بعدما شغل منصب وكيل مدرسة فاقوس الثانوية الزراعية.
خاض الانتخابات سبع مرات على مدار 24 سنة، إلى أن حالفه التوفيق هذه المرة، بمعاونة السلطات والأجهزة الأمنية، التي حرصت على رسم صورة للشكل النهائي للبرلمان، أدخلته بمقتضاها نائبا وحيدا عن حزبه، حتى يقال إن هناك تنوعا في الأحزاب داحل المجلس، مع ضمانها تأييده للسيسي، برغم أنه ممثل لحزب يناصب السيسي اسمه العداء، إذ نجح بنحو 56 ألف صوت فقط، ليمثل دائرة "فاقوس".
وعقب فوزه في الانتخابات تداول نشطاء مقطع فيديو له، وهو يحتفل بفوزه في وسط أنصاره بالرقص "الكوميدي" على أنغام مكبرات الصوت بالجلباب والعصا.
وكان كَلُّوب أعاد حلف اليمين الدستورية مرة ثانية خلال الجلسة الإجرائية الأولى لمجلس النواب، بسبب خطأ في أثناء المناداة على اسمه من جانب مقرر الجلسة.
حزبه يتهم السيسي بالخيانة
وتبين لمحرر "
عربي21" أن الحزب الذي ينتمي إليه كَلُّوب، وهو "حراس الثورة"، كان قد اعتبر من يتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير مرتكبا للخيانة العظمى بحق الوطن.
وتأسس الحزب في 31 تموز/ وليو 2011، وأيديولجيته كما يعرف نفسه هي "وسط اليسار"، واعتبر ضمن 19 حزب ممثلة في برلمان 2015، ويفخر بأنه من أوائل الداعيين لتظاهرات 30 يونيو ضد حكم الرئيس محمد مرسي، التي اتخذت ذريعة للانقلاب العسكري عليه.
وقبل أن يشارك كَلُّوب، باعتباره ممثل حزب "حراس الثورة" في لقاء السيسي كان الحزب قد استبق اللقاء بتأكيده أنه يرفض اتفاقية إعادة ترسيم الحدود المائية بين مصر والسعودية، ويعتبرها مخالفة للدستور المصري.
وأضاف الحزب في بيان له: "هذا الاتفاق لم تعلن بنوده حتى الآن على الشعب المصري صاحب الأرض والعرض، ويتضمن حسبما جاء في بيانات مجلس الوزراء المصري القول بسعودية جزيرتي تيران وصنافير، وتسبب ذلك في حالة من الصدمة والجدل والغضب في الشارع المصري والأوساط السياسية".
وتابع الحزب: "النظام المصري انتهك دستور البلاد، وخرق قواعده، حيث لم تحترم السلطة المادتين 1 و151 من الدستور، إذ تنص المادة الأولى على أن جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها، أما المادة 151 فتنص على أن يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة.. وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".
واعتبر "حراس الثورة" أن "تفريط السلطة في الجزيرتين يمثل قمة المهانة القومية والوطنية"، مشيرا إلى أن التفريط في التراب الوطني والحقوق التاريخية يأتي في إطار صفقة سياسية مشبوهة تهدف لاستمرار الدعم المالي السعودي للنظام المتعثر في مصر، التي تعصف بها أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية طاحنة".
واستطرد الحزب: "القول بسعودية جزيرتي تيران وصنافير هو من قبيل التدليس والنصب السياسي والتاريخي الذي يروج له البعض عبر تزوير التاريخ واختلاق وقائع وخرائط لا تمت للحقيقة بأدنى صلة لتمرير تلك الصفقة، وللتغطية على التفريط في أرض الوطن والاتجار بمقدراته وثرواته".
وختم الحزب بيانه قائلا: "نتساءل عن الوضع القانوني للملاحق الأمنية في معاهدة كامب ديفيد بعد تنازل مصر عن هذه الجزر الخاضعة للاتفاقية، وتسري عليها أحكام المنطقة (ج)؟ وهل ستظل القوات الدولية التابعة لهيئة عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بالجزر أم سيتم ترحيلها لزوال السبب؟ ومن ثم ستعبث إسرائيل بحريتها في مضيق تيران والممر الملاحي لخليج العقبة أم لا؟".
الواقعة الثانية: لا تتكلم إلا بإذن
الواقعة الثانية، التي كان فيها النائب محمد كَلُّوب طرفا مثيرا للجدل فيها مع السيسي، كانت مع انتهاء الأخير من إلقاء كلمته، إذ أمسك النائب بالميكروفون، وقال: "بسم الله الرحمن الرحيم"، وهمَّ بمواصلة الحديث، إلا أن السيسي قاطعه بحدة: "لو سمحتم.. أنا ماديتش (لم أعط) الإذن لحد إنه يتكلم"، ليذعن "كَلُّوب"، ويتوقف عن الحديث في هدوء.
وبرغم أن كَلُّوب أحرج السيسي، وأحرجه السيسي أيضا، إلا أن النائب دافع عن السيسي، والتمس له العذر، وقال في تصريحاته: "كنت عايز أوضح له (السيسي) رؤية معينة، وتداخلنا في الكلمة، وانقطع الإرسال".
ووصف كَلُّوب كلام السيسي (الذي رأى كثيرون أنه اتسم بالاستعلاء على الحاضرين)، بأنه جميل، ومنطقي. وأضاف: "هو (السيسي) بصفته الرجل الأول، وبعد كده مجلس الشعب.. إحنا (النواب) بنقول للرئيس: إحنا معاك، وقدامك، ووراءك، وأنت جبت هذا الفصيل من الشعب للحكم بالشفافية والديمقراطية".
تفاصيل الواقعة
كانت البداية مع انتهاء السيسي من كلمته ليعلق أحد الحاضرين بالحديث عن الصعيد ومشروع المليون فدان، فعلق عليه "كَلُّوب" بالقول: "السلام عليكم.. سيبنا دلوقتي من الكلام ده.. بسم الله الرحمن الرحيم".
فسارع السيسي إلى القول: "لو سمحتم أنا ما أديشت الإذن لحد أنه يتكلم.. من فضلكم.. لو سمحتم.. كل الأمور يا جماعة هنا.. مش قاعدين القعدة دي.. وبتلوموا عليَّ إن إحنا لا نكرر هذه اللقاءات كثيرا.. لأنها تتحول إلى منابر كلام".
وأضاف السيسي: "إحنا بنحاول بقدر الإمكان في ظل الظروف الصعبة دي إن إحنا نحقق مطالب كل الناس.. هو إحنا النهاردة هنقول اللل".. ثم انقطع بث الإرسال عن الجلسة فجأة.
ديمقراطية السيسي
ورأى ناشطون أن منع السيسي للنائب من الكلام يبرز إلى أي مدى يتصف السيسي بالقمع والديكتاتورية، عندما منع النائب من الكلام، مرجعا ذلك إلى مسألة تنظيمية هي أنه من يعطي الإذن بالكلام، لكن لوحظ أن السيسي لم يمنح الرجل لاحقا الفرصة كي يتكلم، لا هو ولا غيره، لأنه اكتفى بسماع نفسه، ولم يسمح لأحد في هذه الجلسة "الحوارية" بأي حوار، بل تم "قطع الإرسال عن البث".
موقف يلخص مشهد مصر
ولم يقف الغضب إزاء ذلك هذه المرة عند النشطاء، وإنما تجاوزه إلى الأذرع الإعلامية نفسها، للسيسي.
وقال يوسف الحسيني، في برنامجه "السادة المحترمون"، عبر قناة "أون تي في لايف": "لم أرغب في حضور هذا الاجتماع للاستماع فقط".
وتابع: "مش معقول 50 واحد هيتكلموا.. أنا قلت هروح أعمل ايه، لذا فضلت أقعد أتفرج قدام التليفزيون مثل كل الناس".
وأردف: "كل الناس دي كانوا رايحين يسمعوا بس.. ومحدش يتكلم، ولا يسأل.. طيب كان السيسي وجه خطابا مباشرا للأمة، وخلاص".
وأضاف ساخرا: "أنا لا أرقى أن أكون زميل سيادة الرئيس، أنا مجرد مذيع على باب الله، ومواطن من الذين يحكمهم الرئيس، ويطلبهم للاستماع فقط، ولا يتحدثون".
وانتقد إبراهيم عيسى، الأمر نفسه، فقال في برنامجه "لديَّ أقوال أخرى" عبر إذاعة "نجوم إف أم": "الدولة عايزانا نتحول إلى سلبيين وأشخاص مستسلمين وخانعين ونلغي عقلنا وتفكيرنا، والدولة عايزة نظام القطعان والخرفان مرة أخرى".
وعلّق مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الناشط الحقوقي جمال عيد، قائلا: "أيام أسوأ قادمة".
وأضاف، في تدوينات عبر حسابه بموقع "تويتر": "الساكت عن الحق شيطان أخرس، لن نفرط في حقنا في حرية التعبير، اللي ما يتكلمش يا كُتر همه، الكلام مش بإذن".
وعلقت الناشطة إسراء عبد الفتاح بقولها: "عمرك سمعت عن لقاء بين طرفين، طرف واحد بس هو اللي بيتكلم، والطرف التاني غير مسموح ليه بالكلام.. طيب ليه معملوش خطاب للشعب، وخلصنا بدل ما يهزأ الناس".
وقال الممثل محمد عطية: "عاوزنا نستأذن قبل ما نتكلم، وانت ما استأذنتش، وانت بتبيع أرضنا؟".
وأضاف عضو ائتلاف شباب الثورة شادي الغزالي حرب: "هتسمعنا كلنا غصب عنك.. إحنا مش زي المطبلتيه إللي جمعتهم عندك، وهتسمع صوت الشعب كله يوم الجمعة".
واعتبر الصحفي البريطاني جاك شينكر، أن ثمة لقطة في نهاية السيسي تختصر الوضع المصري الراهن برمته.
وكتب عبر حسابه على "تويتر": "خلال خطاب السيسي. قال له شخص ما شيئا ما، فأجابه السيسي: "أنا مادتيش الأذن لحد إنه يتكلم"، وانقطع البث التلفزيوني".
وعلق شينكر: "إنها لقطة تجسد مصر باختصار".
وكذلك قالت الباحثة منى الطحاوي، إذ غردت: "تحدث السيسي لمدة ساعتين، كل ما تحتاج أن تعرفه هو محاولة شخص ما التفوه بشيء ما، فعنفه السيسي بقوله: "أنا ماديتش الإذن لحد إنه يتكلم".
أما الكاتب الصحفي تامر أبو عرب، فقال، في تدوينات عدة عبر صفحته بموقع "فيسبوك": "رئيس جمهورية.. جامع رؤساء تحرير ومذيعين وشخصيات عامة، المفروض يعني عشان يناقشهم في حاجة ليها علاقة بأمن مصر، قوم إيه يا جدع قال كام كلمة كدة مفيهمش معلومة واحدة جديدة، ولا دليلا واحدا على أن الجزر سعودية، وقام محمر عينه وقايل: (مش عاوز كلام في الموضوع ده تاني)، يعني أول حظر نشر بقرار رئاسي، بس خد الكلام المفيد بقى: (سكوت مش ساكتين.. وتيران وصنافير مصرية.. آمين)".