تقول صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها إن عالم الدبلوماسية يعتمد على ما لا يقال من الكلام، مشيرة إلى أنه "عندما يوجه السؤال لزعيم عن العلاقة مع دولة كانت قريبة في وقت ما، ولا تزال ضرورية، فلا تتوقع أن يأتي الجواب على صورة هز الكتف والاكتفاء بالقول (إنها معقدة)".
وتضيف الافتتاحية أن "الرئيس
أوباما، الذي استخدم هذا التعبير تحديدا، عليه ألا يستغرب من برودة الاستقبال الذي وجده لدى وصوله أمس في زيارة رسمية إلى
السعودية، البلد الذي كان ولا يزال يعد ضروريا لمصالح الولايات المتحدة، منذ عهد فرانكلين ديلانو روزفيلت".
وتشير الصحيفة إلى شكوى أوباما قبل زيارته، التي هي في الغالب آخر زيارة، من "الركاب بالمجان" في العالم العربي، الذين يستظلون بالمظلة الأمنية الأمريكية.
وتبين الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن إدارة أوباما تفكر الآن بنشر 28 صفحة سرية من تحقيق أجراه الكونغرس في هجمات 11/9، التي يعتقد بأنها تسلط الضوء على "احتمال تورط السعودية في الهجمات"، مشيرة إلى أن النتيجة هي شعور السعوديين ودول الخليج بأن موقعهم تراجع في تقدير أمريكا، التي لطخت سمعتهم بتهم تمويل الإرهاب، بالإضافة إلى أنهم يرون أن أوباما يعامل
إيران بشكل أفضل في المواجهة بين طهران والرياض.
وترى الصحيفة أن "تحسن العلاقات بين الرياض وواشنطن يخدم العالم الغربي كله، وهذا لن يحصل إلا من خلال الأمانة والصراحة، ويجب نشر الصفحات السرية المتعلقة بهجمات
11/ 9، حتى لو كان فيها إحراج للأمراء السعوديين، ويجب على أوباما عدم استخدام الفيتو ضد مشروع القانون في الكونغرس، الذي يدعو إلى تحميل المسؤولية للدول إن كانت متورطة في هجمات على الأراضي الأمريكية".
وتقول الافتتاحية: "إن كانت هناك أدلة على تمويل سعوديين للإرهاب، فلتقدم تلك الأدلة في المحاكم، لكن السعودية هددت بسحب ما حجمه تريليون دولار إن هي وضعت في قفص الاتهام، وقد يكون هذا مجرد تهديد، فعلى البيت الأبيض أن يكون مستعدا لكشف ذلك".
وتذكر الصحيفة أن السعودية تأثرت كثيرا بانهيار أسعار النفط، وبدأ اقتصادها يتعثر، وهي تحاول الآن الحصول على 10 مليارات دولار قروض من مجموعة من البنوك العالمية، لافتة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تستدين فيها السعودية منذ 25 عاما.
وتعتقد الافتتاحية أنه "يجب أن تحل الصراحة محل الرقص الدبلوماسي للعقود الماضية، فصحيح أن هناك عددا كبيرا من السعوديين تم تجنيدهم في صفوف تنظيم الدولة، لكنه صحيح أيضا أن السعودية، وربما نتيجة إحساس متأخر بالحفاظ على الذات، شكلت تحالفا إسلاميا لمكافحة الإرهاب، فهذه علاقة تستحق الإنقاذ، كما حاول السعوديون إيجاد معارضة سورية موحدة، ويقومون بسجن المتطرفين، ويتبادلون المعلومات الاستخباراتية مع الغرب".
وتلفت الصحيفة إلى أن السعودية تعتقد بأنها أصبحت أقل أهمية لأمن أمريكا، منذ أن غير الغاز المستخرج من الصخر الزيتي إمدادات الطاقة في أمريكا، مشيرة إلى أن سياستها بالنسبة لأسعار النفط هي محاولة لمنع طفرة مجددة لإيران، ولإحباط اقتصاد غاز الصخر الزيتي، ما يعيد تركيز أمريكا على الشرق الأوسط.
وتفيد الافتتاحية بأن الاتفاق الأصلي بين روزفلت ومؤسس السعودية الملك عبد العزيز بن سعود كان بسيطا وعبارة عن زواج مصلحة، حيث تقوم أمريكا بحماية المملكة من المخاطر الخارجية مقابل حصولها المضمون على ما تحتاجه من النفط.
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالقول: "الآن يجب إعادة صياغة هذه العلاقة غير المريحة، التي هي ضرورية للاستقرار العالمي، وليس أمرا سيئا أن الجانبين ينتقد كل منهما الآخر بشكل مفتوح، فلن تنتعش العلاقة حتى تقوم على وضوح الأهداف، وإيجاد لغة مشتركة خالية من النفاق".