شككت رئيسة جمعية القضاة
التونسيين، روضة القرافي، في جدية السلطة السياسية بمكافحة الفساد، مؤكدة أن هذا الأمر "خارج دائرة أولوياتها، بجهازيها التشريعي والتنفيذي، رغم أن المقدرات الكبرى للدولة بصدد الإهدار، جراء استشراء الفساد المالي"، وفق تعبيرها.
ودعت في مؤتمر صحفي، الجمعة، قضاة القطب القضائي المالي، إلى تحمل مسؤولياتهم، والتعهد بالقضايا الموكلة إليهم، بحسب ما هو متوفر لديهم من وسائل وإمكانات، بهدف بلوغ النتائج الدنيا الممكنة في
مكافحة الفساد، قبل سقوط القضايا بمرور الزمن.
وأشارت القرافي إلى "عدم وجود سياسة قضائية لمكافحة الفساد، في ظل الوضعية التي يمر بها القطب القضائي المالي، وغياب المحللين والخبراء الماليين عن هذا القطب"، بحسب ما نقلته وكالة تونس أفريقيا للأنباء.
غارقة إلى حد النخاع
وكان الكاتب العام للجمعية التونسية لمكافحة الفساد، المحامي عمر السعداوي، صرح في وقت سابق لـ"
عربي21" أن ملف مكافحة الفساد "مسألة ثانوية في حكومة الصيد، أو هو ليس ضمن جدول اهتماماتها"، بحسب تعبيره.
وقال السعداوي إن مؤسسات الدولة التونسية "غارقة الى حد النخاع في الفساد المالي والإداري"، معتبرا أنه "لا يمكن التأسيس لانتقال ديمقراطي، أو لعدالة اجتماعية، أو لحرية سياسية، أو تعددية حزبية؛ في غياب مناخات
القضاء على الفساد في البلاد، وخاصة في مؤسسات الدولة".
وفي السياق نفسه؛ قال القيادي في حزب التيار الديمقراطي، محمد عبو، في تصريح سابق لـ"
عربي21"، إن أبرز طرفي الحكومة اليوم هما حركتا النهضة والنداء، "فالأولى لم تسعَ بتاتا إلى فتح ملفات الفساد بشكل جدي، ولا إلى إنجاح سياسة التحكيم الرشيد، أما نداء تونس فهو الحزب الذي وصل إلى السلطة بالاستعانة بالمال الفاسد، وبالتالي كان يُفترض في كل من شارك في هذه الحكومة أن لا يتوقع منها فتح ملفات الفساد، بل عليه أن يكون متأكدا من تسرب الفاسدين إليها، وهذا كان مؤكدا بالنسبة لنا"، وفق تعبيره.
التغطية على المطلوبين
وفي سياق منفصل؛ اتهمت القرافي وزارة الداخلية بالتغطية على امتناع أعوان الضابطة العدلية التابعين لها؛ في تنفيذ أحكام استعجالية بخصوص العقارات المصادرة من عائلة وأقارب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وأوضحت القرافي في تصريح لصحيفة "المغرب" الجمعة، أن "امتناع الداخلية عن تنفيذ الأحكام، والتغطية على المطلوبين، وجعلهم في وضعية فوق القانون، على غرار قضية محمد سليم شيبوب، أحد أصهار بن علي، والوزير في نظامه أحمد عياض الودرني؛ هو إهانة للسلطة القضائية"، لافتة إلى أنه "في حال عدم تنفيذ الأحكام؛ فهي تصبح ملغاة آليا".
وقبل أسبوعين؛ قالت رئيسة دائرة الأملاك المصادرة في المحكمة الابتدائية بتونس، القاضية ليلى عبيد، في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا" للأنباء، إن أعوان الضابطة العدلية بمركزي الأمن بضاحية قرطاج وسيدي بوسعيد بمحافظة تونس، وأعوان الضابطة العدلية بمحافظة نابل؛ امتنعوا عن تنفيذ أحكام استعجالية صادرة في شأنها أذون بالقوة العامة، تقضي بخروج المذكورين شيبوب والودرني من عقارات تعود إلى ملك الدولة الخاص بموجب المصادرة.
اتهامات للسبسي
وأكدت عبيد في حوار لها مع إذاعة "إي إف إم" الخاصة، أن الرئيس الباجي
قايد السبسي "عطل تنفيذ حكم المصادرة لعقار على ملك سليم شيبوب، وزوجته درصاف بن علي".
ونفى الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية معز السيناوي في تصريح إعلامي، حينها، ما جاء على لسان القاضية عبيد، بخصوص "تدخل رئاسة الجمهورية، وإعطاء تعليمات بعدم تنفيذ أحكام قضائية بمصادرة أملاك بعض الشخصيات".