نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية تقريرا أعده الكاتب ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن قوات
حماية الشعب الكردي اتهمت الجناح العسكري لحزب الاتحاد الكردستاني بارتكاب عمليات تطهير عرقي، وقتل وسجن المئات، ودفع السكان السوريين إلى أحضان
تنظيم الدولة.
ويشير التقرير إلى أن قوات حماية الشعب تحظى بدعم الأمريكيين؛ لمواجهة خطر الجهاديين في
سوريا، وتدعمها القوات الروسية، التي تدخلت لتقوية نظام بشار الأسد.
ويذكر سبنسر أن هذه الاتهامات جاءت في معرض شهادة تقدم بها السفير الأمريكي السابق روبرت فورد أمام لجنة في الكونغرس الأمريكي، حيث قال: "في بعض الحالات هرب اللاجئون السوريون، ولم يذهبوا إلى المناطق الكردية، لكنهم هربوا منهم وذهبوا إلى مناطق تنظيم الدولة".
ويعلق الكاتب بأن فورد أطلق اتهاماته في وقت تتشرذم فيه القوى المعارضة والمؤيدة للنظام؛ بسبب طول أمد النزاع.
وتقول الصحيفة إن "جرائم النظام معروفة وموثقة، بالإضافة إلى جرائم جماعات مسلحة أخرى وبعض جماعات المعارضة، التي ارتكبت في بداية الحرب انتهاكات، إلا أن الكشف عن ممارسات جماعة تحظى بدعم أمريكي سيكون بالضرورة محرجا للإدارة الأمريكية وحلفائها".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن واشنطن تحاول تنسيق الدعم العسكري لجماعات معينة، والدفع نحو استئناف محادثات جنيف، مستدركا بأن هناك جماعة إسلامية حصلت على أسلحة أمريكية لمواجهة فصيل مدعوم من السعودية، ما أدى إلى مقتل 500 شخص.
ويبين سبنسر أن زعيم مجموعة "جيش الإسلام" المدعوم من السعودية، يعد أحد أهم المفاوضين في جنيف، مستدركا بأن فصيله متهم بعدم التسامح مع الآخرين، وإطلاق تهديدات طائفية في المناطق الخاضعة له في الغوطة الشرقية، حيث يقوم "جيش الإسلام" بمواجهة "فيالق الرحمن"، التي تعد جماعة إسلامية "معتدلة"، لكنها انضمت لعناصر من تنظيم جبهة النصرة؛ من أجل تحدي سلطة "جيش الإسلام"، مشيرا إلى أنه كان من بين القتلى نبيل دعاس، آخر طبيب ولادة يعمل في المنطقة، الذي قتل بسبب النيران المتبادلة بين المتقاتلين.
وتفيد الصحيفة بأن القتال استمر في شمال سوريا بين قوات معارضة للأسد، يحظى بعضها بدعم من أمريكا والقوات التي تسيطر عليها قوات حماية الشعب المعروفة بقوات سوريا الديمقراطية، رغم وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في مناطق عدة من البلاد، لافتة إلى أن دور قوات سوريا الديمقراطية أصبح معقدا، ومن ضمن المشكلات التي تواجه المجتمع الدولي.
ويوضح التقرير أنه تم تشكيل هذه القوات بدعم غربي لمواجهة تنظيم القاعدة، وتضم جماعات سنية معارضة ومسيحية، مشيرا إلى أنه بعد المكاسب التي حققتها تلك القوات في الآونة الأخيرة، فإنها وصلت إلى مسافة قريبة من مدينة الرقة، التي تعد عاصمة ما يطلق عليها "الدولة الإسلامية".
وينوه الكاتب إلى أن قوات حماية الشعب متهمة بانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، حيث اتهمتها منظمة "أمنستي إنترناشونال" في تشرين الأول/ أكتوبر بطرد العرب والتركمان من المناطق التي طرد منها تنظيم الدولة، حيث قامت بهدم منازل، بل قرى كاملة، وهو ما تنفيه قيادة هذه القوات.
وتورد الصحيفة أن حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" استأنف حربه ضد تركيا، التي تعد عضوا في حلف الناتو، ونشر فيديو وهو يسقط مقاتلة تركية.
وبحسب التقرير، فإن قوات حماية الشعب وسوريا الديمقراطية في الشمال تحصل على دعم من
روسيا، وليس من أمريكا، حيث ترى روسيا فيهما أداة جيدة لمواجهة الجماعات الجهادية بما فيها جبهة النصرة.
ويشير سبنسر إلى أن مقاتلي قوات حماية الشعب استعرضوا في مدينة عفرين الكردية في مشهد مقزز، شاحنة صغيرة محملة بجثث 50 من المقاتلين، الذين قتلوا في معركة، وردت جماعة تابعة للجيش السوري الحر بتصوير مقتل رجل وامرأة قالت إنهما مسؤولان في قوات حماية الشعب.
وتذكر الصحيفة أن فورد، الذي ترك إدارة أوباما بسبب خلافه معه حول السياسة المتبعة في سوريا، دعم تسليح قوات المعارضة المعتدلة، حيث يقول إن التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، يواجه معضلة حول من سيحل محل تنظيم الدولة في المناطق "المحررة".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن فورد حذر من إمكانية حدوث اقتتال داخلي بين القوى المعارضة لتنظيم الدولة في غياب عملية سياسية واضحة، ويقول: "لا يوجد ملائكة في هذه الحرب، لكن هناك جماعات أسوأ من بعضها".