تعدّدت قراءات محلّلين سياسيين لدلالات التركيز على الشأن الداخلي والمرور المقتضب على الشأن الخارجي والقضية
الفلسطينية خصوصا، في
خطاب زعيم حركة
النهضة راشد الغنّوشي، الذي ألقاه في افتتاح المؤتمر العام العاشر للحركة، الجمعة، بالقبّة الرياضية بضاحية رادس بالعاصمة
تونس.
وشدّد لطفي زيتون، المستشار السياسي للغنّوشي، على أنّ "القضية الفلسطينية كانت حاضرة في افتتاح مؤتمر النهضة، حيث هتف الحاضرون طويلا لفلسطين"، مُستدركا في تصريح لـ"عربي21" أنّ الغنّوشي اختار التركيز على الشأن الداخلي دون الخارجي، وليس تغييبا للقضية الفلسطينية بالأساس.
وأوضح بقوله: "النهضة لها رؤية واضحة للمرحلة القادمة، في إطار تجربة جديدة ستعطي أهمية كبيرة للشأن الداخلي.." وفق تعبيره.
المسائل الوطنية
وكان
الغنوشي قد ركز في خطابه الطويل على الشؤون الداخلية، وأفرد دقائق محدودة للحديث في الشؤون الخارجية، أشار فيها إلى التزام تونس بالانتماء للعمق المغاربي والعربي، والعلاقات الجيدة مع أوروبا، كما وجه التحية للمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا، وأشاد "بالثورة الليبية"، ودعا إلى مصالحات في "المشرق العربي الذي يحترق".
وقال زيتون لـ"
عربي21": "إنّ رئيس النهضة لم يتحدّث طويلا عن الشأن الخارجي في افتتاح
المؤتمر العاشر لحركة النهضة، الذي ينعقد أيّام 20 و21 و22 أيار/ مايو الجاري، "حتّى يُقال إنّه استثنى القضية الفلسطينية، وإنما كان كل تركيزه على المسائل الوطنية بالأساس".
من جانبه، اعتبر الإعلامي والمحلّل السياسي، صلاح الدين الجورشي، أنّ خطاب الغنوشي جاء استجابة بدرجة أساسية لأولويات المؤتمر، "وبالتالي أجندة المؤتمر هي محلية بالأساس"، بحسب قوله.
وأضاف الجورشي في تصريح لـ"عربي21" أنّ زعيم النهضة أراد من خلال كلمته "أن يشرح الأسباب والدوافع التي جعلت الحركة تقرر الآن الفصل بين الشأن السياسي والجانب الدعوي (...)، وبالتالي لم يكن الشاغل الرئيسي في المؤتمر -أو على الأقل في فعاليات الافتتاح- هو المسألة الإقليمية أو الدولية، بما في ذلك القضية الفلسطينية".
ليس موقفا جديدا
واستبعد الجورشي أن يكون عدم تطرق الغنوشي للقضية الفلسطينية هو موقف جديد للحركة تجاهها أو يشير إلى دلالات سياسية معيّنة، لافتا إلى أنّ ما طغى على أجواء الافتتاح هي مسألة انغراس الحركة والتأكيد على هويتها التونسية.
وخلص إلى أنّ البعد الوطني كان طاغيا بشكل كبير في افتتاح المؤتمر العام العاشر لـ"النهضة"، "وهو ما جعل القيادي عبد الفتاح مورو يؤكد في البداية أن الوطن ثمّ تونس قبل حركة النهضة".
من جانبه، قال المحلّل السياسي وأستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، أنّ فلسطين هي قضية محسوم فيها، بنص الدستور، وليست موضع خلاف بين جميع الأطياف السياسية في البلاد"، مستبعدا أن يكون غياب القضية الفلسطينية والحضور المقتضب للشؤون الخارجية في خطاب الغنوشي تغييرا في سياسة الحركة.
واستدرك سعيد في حديث لـ"
عربي21" بقوله: "كان يفترض الحديث عن القضية الفلسطينية، ولكن الحسابات الداخلية طغت على المسائل الخارجية".
يُذكر أنّ زعيم النهضة الغنّوشي قال في كلمة ألقاها قبل ثلاث سنوات أمام مؤتمر فلسطينيي أوروبا، احتضنه العاصمة البلجيكية بروكسيل حينها: "نحن في حركة النهضة عندما هاجرنا من تونس، وجدنا إخوتنا الفلسطينيين في المهجر احتضنونا، ففلسطين هي حاضنة الأمة بأكملها، ونحن جميعا فلسطينيون إلى أن يتحرر آخر أسير، وإلى أن يعود الجميع إلى ديارهم".
الإبهار
وفي سياق متصل، تحدّث الجورشي لـ"
عربي21" عن جانب الإبهار الذي اعتمدته "النهضة" في افتتاح مؤتمرها، "كسائر التنظيمات والحركات الإسلامية التي تتجند أجهزتها كي تبرز قوتها التنظيمية"، بحسب تعبيره.
وأشار الجورشي إلى أنّ عنصر الإبهار في افتتاح مؤتمر "النهضة" حمل رسائل مختلفة للأطراف السياسية في البلاد، حيث اعتبر أنّ الحركة تريد أن توجه رسالة للجميع بأنها الأقوى.. لكن في المقابل، رغم هذه القوة وهذا التنظيم القوي، فهي تلمّح إلى القول بأنّها متواضعة في مطالبها السياسية، وأنّها لا تطمع في السيطرة على السلطة.