دخلت
قوات النظام السوري الحدود الإدارية لمحافظة
الرقة من جهة ريف حماة، مدعومة بغطاء جوي روسي، وتوغلت قرابة 35 كم في مناطق مكشوفة، حيث تمكنت الأحد، من الوصول إلى منطقة أنباج جنوب غرب
الطبقة على بعد 47 كم، وباتت تبعد 15 كم عن حقل الثورة النفطي.
وفاجأ النظام السوري
تنظيم الدولة بهذا التقدم، بحسب الناشط الإعلامي في الرقة، إهاب الناصر، الذي قال إن "التنظيم لم يتوقع أن يتوجه النظام باتجاه الطبقة، فربما اعتقد بداية أن النظام يحاول تأمين المنطقة حول أثريا وحسب".
وأضاف لـ"
عربي21": "سيطر النظام على تلال محيطة بمنطقة أثريا وأبو العلاج، وتابع ليسيطر على قرى جب عزيزة وأنباج وأبو العلاج، ويصل إلى مفرق الزكية؛ النقطة الاستراتيجية، دون أن يسيطر على الزكية البعيدة نسبيا".
عسكري أم سياسي
وأكد الناصر أن تقدم النظام يبقى محدود الأثر من الناحية العسكرية؛ لأنه تقدم في مناطق مكشوفة غير محصنة، مستدركا بالقول إن "النظام إذا تابع تقدمه لحقل الثورة ومحطة صفيان؛ فإنه عند ذلك سيشكل خطرا، ويكون على مقربة من مطار الطبقة؛ الهدف الرئيس للنظام".
ويرى مراقبون أن هدف النظام من التقدم باتجاه الرقة "سياسي، أكثر منه عسكري"، ويقول النقيب أبو عمر المتواجد في تركيا لـ"
عربي21" إن "القوات المهاجمة محدودة العدد، وتسليحها الثقيل المتواضع، لا يؤهلها للتقدم باتجاه الطبقة، رغم الدعم الجوي الروسي، ولا سيما بعد استقدام تنظيم الدولة تعزيزات من الطبقة"، مشيرا إلى أن غرض النظام هو تقديم نفسه شريكا للعالم في الحرب على "الإرهاب".
قراءة في المشهد
ويعطي تقدم قوات النظام المؤقت باتجاه الرقة، بالتزامن مع تقدم قوات
سوريا الديمقراطية صوب منبج؛ انطباعا عن وجود تنسيق روسي أمريكي، بحسب مراقبين.
وفي هذا السياق؛ قال رئيس المجلس الثوري السابق لمنبج، أحمد الرحمو: "تقدم النظام إلى الرقة؛ يشبه تقدمه بريف حلب الشمالي، ففي الشرق نجد قوات
سوريا الديمقراطية مصدر أمان للنظام"، مضيفا لـ"
عربي21" أن "تقدم النظام يندرج في إطار تقاسم مناطق
داعش، وتوزيعها على مرتزقة الأرض؛ بعد إنهاء داعش مهمتها بسحب تلك المناطق من الثوار".
أما الكاتب الصحفي علوان زعيتر؛ فذهب إلى القول بأن هناك سباقا روسيا أمريكيا للسيطرة على الرقة، وأضاف لـ"
عربي21": "أعتقد أن الروس والنظام سيأخذون مدينة الطبقة، ويتركون مدينة الرقة لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا".
لكن مراقبين آخرين يرون أن روسيا تحاول قطع الطريق على الأمريكان، فمن يسيطر على الرقة أولا يثبت فعاليته في الحرب على "الإرهاب"، ويفرض رؤيته المستقبلية في سوريا.
ولم يستبعد زعيتر "قيام النظام بهذه الحركة لجس نبض القوى الدولية، وتذكيرها بأنه موجود، ولكنه في النهاية لا يستطيع أن يتجاوز الخطوط الأمريكية".
تنظيم الدولة يرد
وحاول تنظيم الدولة تدارك الموقف، فقد "أعلن أن المنطقة عسكرية، واستقدم تعزيزات من الطبقة، وأفرغ القرى القريبة من خطوط الاشتباك (جب الغولي، أبو خيمة، جب أحمد الخلف، هورة الجريات) من سكانها"، بحسب أحمد الرحمو.
وقال مراقبون إن التنظيم "نجح باستعادة عدد من النقاط التي خسرها، والتي أبرزها التلال ومنطقة أنباج، وبذلك أفرغ تقدم النظام من هدفه العسكري".
تخوفات مشروعة
ويتخوف أهالي الطبقة من فكرة تقدم النظام لأسباب كثيرة؛ يجملها المواطن محمد البطوشي لـ"
عربي21" بقوله: "تقدم النظام مشكلة كبيرة، فالشباب جميعا مطلوبون للجيش، وسيطرة النظام لن تكون إلا بعد تدمير المنطقة، كما أن النظام لن يسمح بعودة الأهالي للقرى والبلدات التي يستعيدها كما أعتقد".
وأكد زعيتر هذه المخاوف قائلا: "إنْ حصل وتقدم النظام؛ فستكون هناك مجازر في صفوف المدنيين، كما يحصل في أي منطقة يستعيد النظام السيطرة عليها".
ويخشى ثوار سوريون مما وصفوه بـ"المؤامرة الأمريكية الروسية" لإعادة إنتاج النظام وتقسيم البلاد، وقال النقيب أبو عمر: "لو قُدم للثوار 10 بالمئة مما يقدم لقوات الأسد، وقوات قسد؛ لكانت داعش نسيا منسيا في سوريا".